بن غبريط "تفاوض" أنصار الهوية لتمرير الإصلاحات!
ن. سليماني / عثماني. ع
رفضت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تفسير “الهجمة” التي تعرضت لها إصلاحات التربية بأنها نتاج جهل بالحقيقة، معتبرة أنّ مردّها الأساسي هو التكتم والغموض الذي يلفها، وطرق إقرارها بعيدا عن الشفافية وليس “جهلا” من منتقديها، مثلما زعمت نورية بن غبريط في لقائها عشية الخميس، مع وفد الجمعية بقيادة رئيسها عبد الرزاق قسوم، حيث سجّل الأخير عبر “بيان مرئيّ” تفاصيل الاجتماع الذي دام قرابة ساعتين ونصف، وحضرته الوزيرة رفقة إطاراتها، من بينهم مفتشون ومستشارون، تميز بـ”الوضوح والمكاشفة”، وساده نوع من “الحدّة والهدوء”.
وقال قسّوم تعقيبًا على الاجتماع، إنّ من واجب الجمعية الدفاع عن مقومات وثوابت الشعب الجزائري، ولكنها في الوقت نفسه ليست ضد الإصلاح المنطلق من واقع الوطن وعقيدته، ورغم افتراض رئيس جمعية العلماء المسلمين، لحسن نية في الإصلاح، فإنه شدّد في كلامه على ضرورة الوضوح والتوضيح، ومعرفة القائمين عليه وتحديد مرجعياتهم في الإصلاح، وهو ما لم يجد له المتحدث إجابة من بن غبريط، رغم اعترافها أن مستشاريها الخاصين يمثلون لجنة إعداد المناهج الوطنية.
وتساءلت الجمعية حسب بيانها دائما، عن سبب توالي الأخطاء والفضائح في قطاع التربية، منذ مجيء الوزيرة، بداية من محاولة إدخال العامية، ثم فضيحة تسريب شهادة البكالوريا، والتربصّات التي تلاحق الثوابت الوطنية، من تربية إسلامية وتاريخ ولغة عربية، كما تأسف قسوم لورود “أخطاء معرفية ليست بالهينة” في الكتب الجديدة، ومنها قضية فلسطين، وكتابة مدينة الشلف باسمها القديم” الأصنام.
وفي ردودها، أكدت المسؤولة الأولى عن قطاع التربية، أن خبراء التربية الذين اعتمدت عليهم في الإصلاح، جميعهم من أبناء الوطن، مفندة خبر استعانتها بأجانب، وبخصوص مواد الهوية الوطنية، أوضحت بن غبريط أن الحجم الساعي للغة العربية سيكون هو الأعلى، مع الإبقاء على مواد الثوابت الوطنية في امتحان شهادة البكالوريا.
ومع أنّ طرفي اللقاء قد حرصا على إبلاغ الرأي العام بما جرى بينهما، فإنّ الغموض يلفّ صدى الاجتماع، ذلك أن حساسية القضايا التي طرحتها الجمعية على طاولة الوزيرة ما زالت بحاجة إلى إجابات كافية وشافية، ولم يتبيّن بعدُ مدى اقتناع وفد جمعية العلماء بردود بن غبريط على تساؤلاتهم، أي بمعنى آخر، لا شيء تغيّر على ما يبدو من تحفظات “الجمعية” إزاء إصلاحات الوزارة، وهو ما تؤشر عليه رسالة عبد الرزاق قسوم بقوله “نطمئن الشعب الجزائري أنّ الجمعية ستظل حامية للثوابت”، ما يوحي بعدم الاطمئنان لجانب الوزيرة، هذه الأخيرة التي طلبت اللقاء وراهنت من خلاله على امتصاص غضب الرأي العام، لكنها “فشلت”، رغم استنزافها ساعتين من الزمن في المرافعة لقراراتها وخياراتها، في كسب ودّ الجمعية التي تحفظت على الانسياق وراء خطابات مسؤولي القطاع، وهو ما تجلّى في تحاشي الدفاع عن مقاصد الإصلاح وعدم إبداء أي نوع من التغيّر في مخاوف الجمعية تجاه ما يجري في القطاع.
وأعلن بيان لوزارة التربية، أن لقاء بن غبريط بوفد جمعية العلماء، يندرج ضمن سلسلة من التواصل مع فعاليات المجتمع المدني المهتمة بالتربية لتوضيح ملابسات الإصلاحات الجديدة وما رافقها من موجة انتقادات خاصة بعد فضائح كتب “الجيل الثاني”.
المصدر _ جريدة الشروق