فضيحة كتاب الجغرافيا: التطبيع على حساب أبناء الجزائر
هذا خطأ-فضيحة- جديد يضاف إلى جملة الأخطاء التي أظهرت فشل وزيرة التربية صاحبة مشروع الجيل الثاني، وسواء كان الخطأ مقصوداً، أو غير مقصود، فإنّ التعامل معه يجب ألاَّ يمر مُرور الكرام، وأن على قيادة هذه البلاد أن تكون حازمة في المحاسبة والعقاب، وليس أقله إقالة هذه الوزيرة، وإبعادها تماماً عن مجال التربية والتعليم، فقد أثبتت فشلها، وفشل مشروعها الغامض، وأن يفتح تحقيق جاد وصارم حول هذه الفضيحة، ولا يعنينا، أي قراءات سياسية للموضوع، فالخطب جلل والحسابات السياسية مردها لأهل السياسة، أما نحن فلا نرضي لأبنائها تعليماً مشوهاً، بعيداً عن القيم الحضارية لامتنا، إنه يتوجب على السلطة في هذه البلاد أن تراجع جميع حساباتها، فيما تقدم عليه من سياسات في جميع المجالات وخصوصاً في التربية والتعليم، فليس أبناؤنا حقولاً لتجارب بعض المؤدلجين من اليسار المريض بايدولوجيا معادة الدين القيم الأخلاقية…
ردود الفعل حول الفضيحة في الجزائر:
استنكر الشيخ عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الخطأ الذي ظهر في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط واعتبر الشيخ هذا الخطأ الفادح: “تطبيعا بيداغوجيا وعلميا مع الكيان الصهيوني”، وتساءل الشيخ “أين اللجنة التي ادعت الوزارة أنها مكونة من مختصين راقبوا كتب وبرامج ومناهج الجيل الثاني”، وأكد أن رأي الجمعية هو رأي الدولة الجزائرية نفسها التي لا تعترف بالكيان الصهيوني. ومعتبرا أنه من الخطير أن نحشو عقول أطفالنا بوجود دولة اسمها إسرائيل.
وأضاف: “بعض المطبعين ثقافيا واقتصاديا مع الكيان الصهيوني لا يلزمون إلا أنفسهم، ولن نسير على خطاهم”.
من جهته أكد-أيضا- المفتش السابق بوزارة التربية الوطنية، حمزة صالح بلحاج، أنه من المفروض أن لا تُطبع الكتب الجديدة، إلاّ بعد قراءتها على الأقل قراءتين من لجنتين مختصتين، ولكن الحاصل الآن، حسب قوله، “فيه غموض كبير”. ودعا المتحدث إلى فتح تحقيق معمق تُشرف عليه رئاسة الجمهورية، لأن إنكار دولة فلسطين، خطأ ليس كغيره من الأخطاء العلمية، وهو مرتبط -يقول- بمقوماتنا وموقف الدولة الجزائرية، فقضية فلسطين تعتبر قضية مركزية في المخيال الجزائري والوطني، لا يجوز أن نقفز عليها هكذا.
داعيا إلى فتح تحقيق مُعمّق في الموضوع، تشرف عليه رئاسة الجمهورية، لأنه من المفترض أن يتكفّل مفتشو المواد ومفتشون مركزيون على مستوى الوزارة الوصية بمراقبة محتوى الكتب، ولا يجُوز أن نسمي هذا الخطأ “خطأ مطبعيا”.
من جهة أخرى قام السيّد حميدو مسعودي، مدير المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية بالرَّد على الذين حملوا المؤسسة هذا الخطأ الفادح قائلا: :إن الخطأ يتحمله مصمّم الكتاب الذي هو مفتش بالتعليم الثانوي برفقة المكلف بالأنفوغرافيا على مستوى المطبعة، وبالتالي المسؤولية مشتركة”، مشددا على أن المكلف بالأنفوغرافيا على مستوى المطبعة ليست لديه الحرية في التصرف.
كما أكد المتحدث؛ أن الكتاب المعني تم تقديمه أمام لجنة مختصة للتصحيح مرة ثانية كما تم تقديمه أمام المعهد الوطني للأبحاث البيداغوجية بحضور مصمّمي الكتاب ومفتشي التعليم الثانوي، الذين لم ينتبهوا لهذه الهفوة.
وكانت وزارة التربية الوطنية قررت سحب الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا للسنة أولى متوسط، بعد اكتشاف الخطأ .
وجاء في بيان الوزارة: “أنه تبعا لاكتشاف خطأ في صفحة من الكتاب المدرسي لمادة الجغرافيا للسنة الأولى متوسط المطبوع من طرف دار النشر المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، قرّرت وزارة التربية السحب الفوري لهذا الكتاب ومطالبة الناشر بتصحيحه كما قررت فتح تحقيق بهذا الخصوص مع تبرئة الوزارة نفسها من مسؤولية الخطأ بتأكيدها أن النسخة التي تم اعتمادها لم تتضمن الخطأ الذي يقع تحت مسؤولية الناشر”.
وسائل الإعلام العربية والعالمية تتناول الخبر:
تناولت كثير من وسائل الإعلام العالمية الخبر الفضيحة، وتم تناقل الخبر بصفة واسعة عبر مواقع عربية وأجنبية وعنونت جميعها “جدل في الجزائر بسبب خطإ كتاب في الجغرافيا”، وربطت المواقع التي تناولت الخبر بين الخطإ والعداء الذي يكنه الجزائريون للكيان الصهيوني بشدة.
واستندت جل المواقع إلى بيان وزارة التربية الوطنية التي قررت سحب الكتاب فوراً، وقالت: “تبعاً لاكتشاف خطإ في صفحة من الكتاب المدرسي، لمادة الجغرافيا للسنة الأولى متوسط المطبوع من طرف دار النشر، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، قررت وزارة التربية الوطنية السحب الفوري لهذا الكتاب ومطالبة الناشر بتصحيحه”.
ونقل الموقع الإخباري “العربية نت”، أن الوسط التعليمي في الجزائر يعيش على وقع غليان، بسبب اكتشاف خطإ وصف بـ”الخطير” في كتاب جديد لمادة الجغرافيا بالطور التعليمي المتوسط الأول.
وتطرق صاحب المقال إلى ما يسمى بالإيديولوجيات والحساسية التي نشبت جراء الإصلاحات التي تعرفها المدرسة الجزائرية، والاتهامات المتبادلة بين الإسلاميين والمحافظين في الجزائر والوزيرة نورية بن غبريط، التي لا تجيد اللغة العربية وخطابها كله باللغة الفرنسية.
كما ذكر موقع “بي بي سي، الناطق باللغة العربية، “أن وزارة التربية الجزائرية “تحقق” في ورود اسم إسرائيل بدل فلسطين في كتاب مدرسي”.
وقال الموقع أن الوزارة وأمرت “بسحب الكتاب من التداول فورا”. وذكر الموقع “أن الجزائر من بين الدول العربية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية أو تجارية مع إسرائيل، لموقفها من الشعب الفلسطيني”.
موقع القدس العربي تناول الخبر، وذكر أن متاعب وزيرة التربية الجزائرية تفاقمت بعد تداول صور لخارطة مأخوذة من كتاب الجغرافيا للسنة الأولى للتعليم المتوسط، التي تتضمن اسم إسرائيل بدل فلسطين، رغم أن الجزائر لا تعترف بوجود إسرائيل، ولا تكتب اسمها في الخرائط، بل تكتب فلسطين، وهو ما أثار زوبعة من الانتقاد بحسب الموقع المذكور.