مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

إصلاحات “ما أريكم إلا ما أرى”! – بقلم: حسين لقرع

aman2234898-jpg-crop_display

بصدور الكتب الجديدة للسنتين الأولى والثانية ابتدائي والأولى متوسط وتوزيعها على التلاميذ، يكون “الجيل الثاني لإصلاحات” الوزيرة بن غبريط رمعون قد دخل رسميا حيّز التنفيذ برغم الرفض الواسع الذي قوبل به لدى مختلف فعاليات المجتمع، والجدل الشديد الذي لا يزال محتدما إلى حدّ الساعة حول هذه “الإصلاحات” المزعومة.
إلى غاية بداية الموسم الدراسي الجديد، كان هناك بصيصُ أمل في أن تثوب الوزارة إلى رشدها وتقبل دعوة شركائها الاجتماعيين إلى تأجيل تنفيذ “الجيل الثاني للإصلاحات” إلى الدخول المدرسي 2017- 2018 قصد منح الوقت الكافي لمختلف الشركاء ولشتى فعاليات المجتمع لمناقشته باستفاضة وإثرائه والتوافق حول خطوطه الكبرى؛ فالمسألة تعني جميع الجزائريين وتهمّ الملايين من أطفالهم ومن حقهم مناقشتها وإبداء اعتراضات وتحفظات على بعض جوانبها، وليست حكرا على وزارة التربية وكمشة من خبرائها.
لكن الوزارة ضربت بكل الدعوات والنداءات والاعتراضات عرض الحائط، وشرعت في تنفيذ ما أسمته “الجيل الثاني من الإصلاحات” منذ أيام قليلة، دون اكتراث بأحد، ما يعني أن بن غبريط رمعون تريد –كما توقعنا منذ أشهر- فرض الأمر الواقع على الجزائريين ودفعهم إلى قبول “إصلاحاتها” رغماً عنهم، إلى غاية استكمالها بحذافيرها في الموسم الدراسي 2019- 2020 بفرْنسة المواد العلمية للتعليم الثانوي كما ورد في “اقتراحاتها” المقدّمة للحكومة مؤخراً تحت غطاء “إصلاح البكالوريا”.
كان من الحكمة أن تتدخّل الحكومة وتضع الوزيرة عند حدّها وتعلن “تأجيل الجيل الثاني من الإصلاحات” مدّة عام على الأقل نزولا عند طلب الشركاء الاجتماعيين وفي مقدّمتهم نقابات التربية وبعض منظمات أولياء التلاميذ، ولكن الوزير الأول اكتفى بالتدخل في مسألة إلغاء التربية الإسلامية من امتحان البكالوريا، مثلما تدخّل في أوت 2015 في مسألة التدريس باللهجات العامّية، وهي مسائل قد تكون مهمّة، ولكنها ليست كافية ما دام “الجيل الثاني من الإصلاحات” قد بدأ تجسيده رغما عن ملايين الجزائريين وبقرار فوقي من بن غبريط رمعون، بعد أن حُضّر في مخابر سرية وبعيدا عن الأعين وبمشاركة خبراء فرنسيين لتجسيد “شراكة تربوية قوية” بين فرنسا والجزائر باعتراف وزيرة التربية الفرنسية نجاة فالو بلقاسم نفسها.
في عام 2003 شُرع في تطبيق الجيل الأول لـ”إصلاحات” بن زاغو برغم الرفض الواسع لها في مختلف الأوساط التربوية والاجتماعية، وكان التطبيق متسرّعا، قسرياً.. وبعد 13 سنة، هاهي مستويات مئات الآلاف من خريجي الجامعات تفضح “البريكولاج” وتؤكد أن نتائج البكالوريا كانت تُضخّم كل سنة للادِّعاء بنجاح “الإصلاحات”، ومع ذلك هاهي التجربة تُكرَّر بحذافيرها بالإصرار على الشروع في تنفيذ “الجيل الثاني للإصلاحات” بشكل فوقي، استعلائي، ومتسرّع، ورغما عن كل المعترضين..إنه المنطق الفرعوني “ما أريكم إلا ما أرى”.
لا أحد ضد الإصلاح التربوي، فهو مطلوبٌ وضروري بين الفينة والأخرى لمواكبة التطوّرات المعرفية والعلمية المتسارعة الحاصلة في العالم، والكثير من الدول المتقدّمة تلجأ إلى إصلاح تعليمها بشكل مستمرّ حتى لا تتجاوزها دولٌ أخرى تعتمد التعليم والبحث العلمي قاطرة للتقدّم، لكننا نريد إصلاحا متوافَقا عليه، عميقا، مدروساً، يشرف عليه خبراء تربية مرتبطون بهوية شعبهم، وليس إصلاحا متسرِّعا تفرضه على عجل وبشكل قسري وزيرة لا تتقن لغة بلدها وشعبها ويساعدها فيه خبراء فرنسيون!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى