مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
قضايا الأمـــة

هل الجزائر حديقة التجارب – بقلم التهامي مجوري

welmane

كنا نظن أن حديقة التجارب تقع في الحامة في بلدية بلوزداد بالجزائر، وهي حديقة تجرى فيها تجارب المشاتل من جميع المزروعات، ذلك أن مناخ الجزائر ومنه هذه الرقعة التي تقع فيها الحديقة، ثم أضيف إلى هذه المهمة في الحديقة مهمة أخرى حيث جلب لها حيوانات، لتصيح مزارا للأطفال، بدل أن تبقى مقصورة على الكبار الذين يأتونها للاستجمام والراحة.
ولكن يبدو أن المشكلة لم تبقى قاصرة على هذه الحديقة التي ابتلاها الله بأن تكون محضنا للعجزة والأطفال..، وإنما تجاوزتها إلى جميع ميادين الحياة، بحيث ما من مجال نفتحه إلى ونجد فيه أن السلطة ذهبت فيه مذهب التجارب.. في المجال السياسي –لا أتكلم عن الفترة 1962/1988، لأن ذلك كان خيارا ظاهرا مهما كان موقفنا منه؛ لأنه في أسوأ الأحوال يمثل مرحلة واحدة ونمطا واحد، أما ما بعد ذلك، فكل ما كان يطرح ولا يزال هو تجارب، بدليل أن كل شيء يوجد فيه من المثالب والخطاء والمزالق والإخفاقات والمصائب أكثر بكثير من الإصابات والنجاحات.. بدليل أن كل مسؤول يأتي لا يثمن جهد سابقه إلا بالقدر الذي يخدمه مستقبلا وإلا فإن القاعدة هي (كلما جاءت أمة لعنت أختها)، في السياسة والاقتصاد والاجتماع والفلاحة، أما التربية فحدث “بكل حرج” لأنك لا تجد ما تفخر به في بلادنا في هذا المجال بكل أسف.
إن عالم التربية في بلادنا لا يشرف أحد، لاسيما في فترة التحولات 1988/2016، وهي الفترة التي أضحت الجزائر فيها حديقة تجارب في جميع المجالات.. ففي المنظومة التربوية مثلا لم يقدم مشروع بصدق وشفافية وبإرادة تنموية صادقة صالحة، وإنما يقدم المشروع وتعرض تطبيقاته، فإن مرت فبها، وإلا فإن الإدارة تعتذر عن “سوء الفهم والتفهيم”، إما اسمحو لي مقدرتش انفهمكم، أو اسمحو لي إنكم مفهمتونيش…” وتمر الأيام ويعاد الموضوع ثانية وثالثة ورابعة إلى أن يُرَوَّضَ الشعب فيقبل ما رفضه ذات يوم، عدما كان واعيا بالخطر.. وكذلك يُفْعَلُ بالسباع في حديقة الحامة.. وأحيانا يلجأ إلى تخفيف البرامج او كما يقال العتبة، وهي إعفاء التلاميذ من المحاسبة على الدروس المقررة، وقد صدق أحد الإخوان من القطاع عندما قال “هذا تحفيف وليس تخفيف”…، وهذه المناهج والبرامج والمقررات، تغير كما يغر القوم قمصانهم وسراويلهم… وداهية الدواهي الجرائم التي يقال عنها “الأخطاء”، بعضها له بعد سياسي وأخرى لها بعد ثقافي وأخلاقي وأخرى لها طابعها الديني… وما يؤلم أن المجتمع بنخبه لا يتابع هذه التجارب التي تجرى عليه؛ بل في بعض الأحيان يساهم في تثبيتها، فالوالد الذي يجث عن إنجاح ابنه بالباطل مشارك في العملية، والأستاذ الذي يظلم تلاميذه ويساومهم مشارك، والإدارة التي نغلب المصلحة المادية على المصلحة العلمية والتربوية مشارك…
إن حديقة التجارب يوجد فيها المسؤول المسير والخبير في الموضوع ومشاتل المزروعات والحيوانات… ونحن في واقع “حديقتنا الكبرى” لم نعد نفرق بين المسؤول والخبير والشتلة..؛ لأن الجميع فاعل ومفعول به.. فالمواطن الذي هو موضوع التجربة مساهم فيما يجرى عليه من تجارب صالحة وطالحة، والمسؤول لا يهمه من الصلاح والفساد إلا القدر الذي يضمن له منصبه ويثبته فيه وفي أسوأ الأحوال لا ينعني من الأمر إلا ما يحميه…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى