موسم التودد إلى إسرائيل! عبد الحميد عبدوس

كما جرت العادة في المواسم الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية -أكبر دولة في العالم – يتنافس المرشحان الديمقراطي والجمهوري للفوز برئاسة الولايات المتحدة في التذلل لإسرائيل والتودد للوبي الصهيوني، مقابل إهانة العرب والمسلمين والاستهتار بكرامتهم وحقوقهم، فقد تعهدت هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، وأوفر المرشحين حظا لخلافة الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض بضمان تفوق الاحتلال الإسرائيلي عسكريًا واستراتيجيا. وقالت: “إنه في حال فوزها في الانتخابات فإنها ستعمل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على ضمان تفوق إسرائيل. وتابعت: “ما علينا أن نفعله قبل كل شيء هو أن نضمن التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي”. وأضافت “بعد أن يتم تنصيبي، سأدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة واشنطن لعقد اجتماعات، وسأرسل رئيس هيئة الأركان الأمريكي وخبراء استخبارات إلى إسرائيل للقاء نظرائهم.
لقد سبق لهيلاري كلينتون أن أيدت الاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003. وأيدت بعد ذلك بكثير، في عهد الرئيس براك اوباما، التدخل الأميركي لإسقاط نظام معمر القذافي في ليبيا.. .. وفي المقابل وقفت قبل ذلك في إدارة اوباما ضد قرار الرئيس الأمريكي التخلي عن الرئيس المصري، حسني مبارك. وحسب كلينتون فاذا كانت أميركا ستهجر أصدقاءها -وكان مبارك صديق الإدارات الأميركية على مدى 30 سنة – فكل حلفائها سيشككون بمصداقيتها، وقالت في بداية ثورة الشارع المصري في 25 جانفي2011 لنائبها، جيم ستاينبرغ، إنها لا تؤمن بان الجمهور في ميدان التحرير سيتمكن من توفير بديل مناسب لمبارك.
وقد سعت كلينتون خلال ترأسها للدبلوماسية الأمريكية إلى محاولة تجاوز الجدال القائم بين من يفضلون «القوة الصلبة “(اي القوة العسكرية والاستراتيجية) وبين من يعتقدون بان قوة أميركا هي في قوتها «الناعمة» ( اي القوة الدبلوماسية، الثقافية، القيمية). وعليه فقد اخترعت مفهوما كان يفترض به أن يمثل طريقا خاصا بها، أو هو مفهوم “القوة الذكية”(مفهوم يبدو جيدا، وظل معناه غامضا). وقد أدى إلى عدة خطوات لإعادة التنظيم في وزارة الخارجية، ولكن ليس إلى تغيير واضح يمكن الإشارة إليه. ولكن تبقى مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون مؤمنة بمبدأ الدولتين اليهودية والفلسطينية اللتين تتعايشان بسلام جنب بعضهما البعض.
أما المرشح الجمهوري الملياردير دونالد ترامب فقد وصف إسرائيل بـ”معقل الأمل الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط”. وتعهد ترامب، في كلمة أمام المؤتمر السنوي لمجموعة الضغط اليهودية الأميركية “إيباك”، بتقوية التحالف الأميركي الإسرائيلي إذا انتخب رئيسا في نوفمبر المقبل. وأعلن أنه سيعترف بالقدس “عاصمة لإسرائيل” وسينقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في حال فوزه بالانتخابات.
وقال إنه سيقاوم أي محاولة من الأمم المتحدة لفرض إرادتها على إسرائيل، معتبرا أن أي اتفاق تفرضه الأمم المتحدة على الإسرائيليين والفلسطينيين “سيكون كارثة”. وأضاف أن “الأمم المتحدة ليست صديقة للديمقراطية وليست صديقة لإسرائيل.”
وحمل ترامب مسؤولية فشل مسار السلام إلى الفلسطينيين وقال إنه سمع من إسرائيلي أن “الجانب الآخر(أي الفلسطينيين) يجري تدريبه منذ أن كانوا أطفالا على كراهية الشعب اليهودي” وإنه لهذا السبب فإن اتفاقا بين الطرفين قد لا ينجح.
ومن جهته قال ديفيد فريدمان، مستشار المرشح دونالد ترامب للشؤون الإسرائيلية بان ترامب يؤيد ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وإذا تم انتخاب ترامب رئيسا، فلن يتبنى بالضرورة مواقف الرؤساء الأمريكيين السابقين في دعم إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
كما تعهد بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرم في يوليو 2015 بين إيران والقوى النووية الكبرى.و عارضته إسرائيل، ووصفه ترامب بـ “الكارثي”.
وللإشارة فقد بدأ دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية، حملته الانتخابية في إسرائيل تحت شعار “ترامب.. لمصلحة إسرائيل” باللغة العبرية، في محاولة لإقناع الأمريكيين الإسرائيليين بالإدلاء بصوتهم لمصلحته، وحسب ممثل الحزب الجمهوري الأمريكي في “إسرائيل”، مارك تسل، فإنه يمكن للإسرائيليين الأمريكيين حسم الانتخابات في الولايات المتحدة. رغم أن اليهود لا يزيدون عن 1.4% من الأمريكيين، وهم أكثر بقليل من عدد المسلمين في أمريكا الذين يمثلون نسبة 1%،
ولكن دونالد ترامب لا يقيم أي وزن لما يتجاوز ثلاثة ملايين مسلم في أمريكا، فقد اقترح في نهاية عام 2015، فرض حظر على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، فضلا عن فرض السيطرة على بعض المساجد في الولايات المتحدة، وظل يجدد دعوته إلى منع المسلمين من دخول الأراضي الأمريكية في خطبه الانتخابية سواء أمام الناخبين أو في تغريداته في حسابه الشخصي على موقع تويتر التي يحملها تعبيرات حادة في الهجوم على المسلمين وعلى ما يسميه “الإرهاب الأصولي الإسلامي”.
غير أنه من الواضح أن السبب الرئيسي في تملق دونالد ترامب لليهود هو محاولة كسب أصوات المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين الذين يشكلون37% من جميع المسيحيين الأمريكيين ويعتبرون بذلك مجموعة هامة في اليمين الأمريكي، ويعرف عن الإنجيليين الأمريكيين إخلاصهم الشديد لإسرائيل بسبب عقيدتهم الدينية المتطرفة التي تعلّمهم أن الإله يأمر بذلك. وقد سبق للقس الأمريكي بات روبرتسون أن شرح ذلك في خطاب بعنوان “لماذا يدعم المسيحيون الإنجيليون إسرائيل” قال فيه: “المسيحيون الإنجيليون يدعمون إسرائيل لأننا نعتقد أن كلام موسى وأنبياء إسرائيل القدماء كان وحيا من الإله”، وأضاف أن “الإله كتب على “شعبه المختار” -اليهود – القتال ضد “المخربين المسلمين” حتى تبقى إسرائيل موحدة في أيديهم: إذا سلّم الشعب المختار السيطرة على أقدس مواقعهم إلى الله – إذا تنازلوا عن مقابر راحيل ويوسف والأولياء والأنبياء القدماء إلى المسلمين المخربين – إذا اعتقدوا أن أحقيتهم في الأراضي المقدسة لا تأتي إلا من وعد اللورد الإنجليزي بلفور والأمم المتحدة المتقلبة دائما – بدلا من وعود الإله القدير، سيكون الإسلام قد انتصر. في جميع أنحاء العالم الإسلامي سينطلق النداء: “الله أكبر من يهوه.”.
وقال القس جون هاجي: “نحن ندعم إسرائيل لأن جميع الدول الأخرى أقامها الرجال، لكن إسرائيل أقامها الإله!”
وغني عن القول أن سبب الحقيقي في الاستهانة بحقوق المسلمين واستضعافهم هوٌ انقسامهم و تشتت صفوفهم وجعل بأسهم فيما بينهم.