استراحة القاريء: من مدرسة الحياة
علمتني الحياة: أنه ماضاع حق وراءه مطالب،حتى لوامتدبه الزمن،لأن الحقوق لاتموت بالتقادم.
علمتني الحياة: أن التنازل عن الحقوق عون للغاصب الظالم،لأن سكوت المظلوم وسكونه، قابلية لظلمه وشحنة أخرى لغطرسة ظالمه.
علمتني الحياة:أن الحقوق المرتبطة بالأمم والشعوب هي من أقدس الحقوق واغلاها ثمنا،ومن اجلها يضحي الأفراد بالغالي والنفيس.
علمتني الحياة:أن الحقوق نوعان مادية ومعنوية،وهذه الأخيرة أرفع مقاما وأعلى مكانة لأنها مرتبطة بالحرية والكرامة.
علمتني الحياة:أن أطلب الحق بالحق ولاألبسه بالباطل،وإلا فقد الحق هويته ولالتبس على الناس أمره.
علمتني الحياة:ألا أجامل في الحق أحدا،مع كل الحب والتقدير، لأن الحق أحق ان يتبع، وحتى لايكون الحق عرض للأمزجة والأهواء.
رجال ومواقف:
الامام النووي –رحمه الله-
كان الإمام النووي مهيبًا، قليل الضحك، عديم اللعب، يقول الحق وإن كان مرًّا، لا يخاف في الله لومة لائم، وكان الزهد والورع أهم ملامح شخصيته؛ حيث أجمعَ أصحابُ كتب التراجم أنه كان رأسًا في الزهد، قدوة في الورع، عديم النظير في مناصحة الحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وكان رحمه الله لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة، وكان لا يأخذ من أحد شيئا، وكان كثيرًا ما يكاتب الأمراء والوزراء، وينصحهم لما فيه خير البلاد والعباد ،ولما أراد الظاهر بيبرس قتال التتار بالشام، واحتاج إلى جمع الأموال لذلك، فأخذ الفتاوى من العلماء بجواز الأخذ من مال الرعية يستنصر به على قتال التتار، وأجاز له الفقهاء ذلك، وامتنع الشيخ النووي. فلما سأله عن سبب امتناعه قال له:
“أنا أعرف أنك كنت في الرق للأمير “بندقار” وليس لك مال، ثم منَّ الله عليك، وجعلك ملكًا، وسمعت أن عندك ألف مملوك، كل مملوك له حياصة من الذهب، وعندك مائة جارية، لكل جارية حق من الذهب، فإذا أنفقت ذلك كله، وبقيت مماليكك بالبنود والصرف بدلاً من الحوائص، وبقيت الجواري بثيابهن دون الحلي؛ أفتيتك بأخذ المال من الرعية”.
فغضب الظاهر “بيبرس”، وأمره بالخروج من دمشق، فخرج متوجهًا إلى”نوى”، فقال الفقهاء لبيبرس: “إن هذا من كبار علمائنا وصلحائنا، وممن يُقتدى به، فأعده إلى دمشق”.
فدعاه للرجوع إلى دمشق، فامتنع الإمام النووي، وقال: لا أدخلها “والظاهر” فيها، فمات بعد شهر.
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها”
قال تعالى(وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42) سورة البقرة
أي: تخلطوا ( الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ ) فنهاهم عن شيئين, عن خلط الحق بالباطل, وكتمان بيان الحق؛ لأن المقصود من أهل الكتب والعلم, تمييز الحق من الباطل, ليهتدي بذلك المهتدون ،, وتقوم الحجة على المعاندين؛ لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته, ليميز الحق من الباطل, ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين، فمن عمل بهذا من أهل العلم, فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم.
من فضائل الأعمال:
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الجَنَّةِ». أخرجه مسلم.
تحذيرات نبوية:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ
كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ
قَالَ نَعَمْ
قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ
قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ
قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ
قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ
قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا
قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا
قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ
قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ
قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ) روى البخاري في صحيحه واللفظ له في كتاب الفتن ))
من روائع الأدعية:
اللهم اجعلني ممن تمسك بحبلك المتين واجعلني بالعروة الوثقى من المعتصمين وألهمني من الرشد ما يجعلني من الراشدين ومن خشيتك ما يبلغني مكانة المتقين ومن طاعتك ما تلحقني به مع الصالحين ومن اليقين ما يجعلني من المقربين ومن الحب فيك ولك ما يرفعني إلى عليين واحشرني بفضلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.