ملامح هوية جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من خلال عنوانها

بقلم مراد قمومية

هي: جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
أولا- “جمعية”:
 كونها جمعية لا مجرد جماعة يدفعنا لطرح التساؤل الآتي: هل نحن نتصرف كجمعية أم كجماعة؟ فالفرق بينهما واسع.
 هي ليست مجرد جماعة تربطها روابط اجتماعية وثقافية عامة، بل جمعية روابطها خاصة كما سيأتي.
 الجماعة مفهوم واسع لا يرتبط بخلاف الجمعية بالرؤية الواحدة التي ينخرط فيها المجموع وبنظام المؤسسات.

• نكون “جمعية” حقيقة، متحققين بالاسم الذي تسمت به:
 عندما تتناسق جهود أعضائها في مصب واحد يؤطرها العمل المؤسسي الواعي، ولها هويتها ومرجعيتها المستقلة، ورؤيتها وأهدافها الواضحة.

 عندما تصب جهود أفرادها وشُعبِها ومؤسساتها في هدفها العام: التعليم والتهذيب والإرشاد وفق مبادئ شريعة الإسلام.
– وهدفها الخاص لهذه المرحلة إيقاظ الأشواق الحضارية للأمة الجزائرية، وبعث إرادتها الحضارية، وحفظ التوازن والوسطية في المجتمع الجزائري، ومرافقته في نهضته المعاصرة.
– وأن تمثل بمجموعها قيمة مضافة للسير العام للتنمية في مختلف الميادين (العلمية والدينية والأخلاقية والتربوية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية .. والحضارية بصفة عامة) . لا سيما في المجالات: الفكري والتربوي والمنهجي.

 ( إن جمعيتكم جامعة للناس فيما تفرقوا فيه من دين الله، وهادية لهم فيما ضلوا من سبيله… وإن جمعيتكم هذه من الأمة وإلى الأمة، وكل ما لها أو عليها فهو للأمة وعليها… إن جمعيتكم جمعية علمية دينية تدعو إلى العلم النافع وتنشره وتعين عليه، وتدعو إلى الدين الخالص وتبيِّنه وتعمل لتثبيته، وتقوية وازعه في نفوس هذه الأمة، فوظيفتها هي وظيفة المعلم المرشد الناصح في تعليمه وإرشاده، الذي لا يبتغي من وراء عمله أجراً ولا محمدة). (آثار ابن باديس 3/ 524).

 ( … هيئة علمية منظمة تعلن الدعوة إعلانا عاماً، وتصمد للمقاومة، غير مبالية بما يؤيد البدع والضلالات من سلطان ديني وسلطان دنيوي). (آثار ابن باديس 3/ 67).

 ( ليست مبادئ الجمعية سوى حقائق الإسلام، فمن خرج عن حقائق الإسلام التي لا خلاف فيها بين العلماء فقد خرج عن مبادئ الجمعية). (البصائر: س 3، عدد 112 / 6 ربيع الأول 1357 هـ، 6 ماي 1938م).

 (… فلو كان في الجزائر جميع مذاهب الإسلام لوسِعتهم هذه الجمعية بعلاجها الناجع النافع- بإذن الله- للجميع). (آثار ابن باديس 3/ 548).

 الجمعية ليست حزبا سياسيا ولا تمارس السياسة من منطلق حزبي، ولا تميل إلى حزب أو تواليه على حساب آخر، بل تبقى على مسافة متساوية من الجميع، ولكنها تهتم للشأن السياسي العام، وتقول كلمتها فيه إرشادا وتوجيها ونقدا، منطلقا من واجب أمانة التبليغ والنصح وقول كلمة الحق وبذل الخير للبلاد، تقوم بذلك كله في إطار رسالتها الإصلاحية ومبادئها العامة.

 (إن الجمعية لا توالي حزباً من الأحزاب ولا تعادي حزباً منها، وإنما تنصر للحق والعدل والخير من أي ناحية كان وتقاوم الباطل والظلم والشر من أي جهة أتى. محتفظة في ذلك كله بشخصيتها ومبادئها محترسة في جميع مواقفها مقدرة للظروف والأحوال بمقاديرها). (البصائر: السنة 2 العدد 83 الجزائر يوم 25 رجب 1356ه 30 سبتمبر 1937).

 ونكون جمعية حقا عندما نحقق سعيا دؤوبا لامتثال الأتباع والمنخرطين والتزامهم قبل السعي لدعوة الآخرين.
– المسلم منا ما لم يكن بحاله متشبعا بمبادئ الجمعية لا يمكن أن يكون وسيلة لنقلها إلى الآخرين.
– أن يكون قصده أن تُعْرَف أنوار الهداية سواء عرفه الناس أم لم يعرفوه، وكل من أراد أن يُعرَف من خلال أنوار الهداية كان سببا في انطفائها، وحال دون الانتفاع بها.
فمن جعل الرسالة وأنوارها هدفا وهو وسيلتها عَرَّف الناس بها ومن قريب وكان موفقا في التعبير عنها بإذن الله، وعُرِف هو من خلالها وسما بقدر بذله لها، ونال من الشهرة الطبيعية ما كان وفيا في خدمتها، ومن جعلها وسيلة وجعل ذاته غاية لها شوهها وعطلها عن مقاصدها وذمه الناس من حيث أراد الشهرة والمكاسب الذاتية.

 وتكون جمعية حقا عندما تكون متفردة لا منفردة:
– عندما نفهم أنها ليست منفردة في السعي إلى أبواب الخير، فمن انفرد بأمر استبد به ولم يشرك معه غيره، ورأى نفسه الممثل الوحيد للخير والحق والعدل دون الآخرين، وهي لا تزعم هذا لنفسها ، بل تعين كل الفاعلين الخيريين على وظيفتهم في المجتمع، هي فاعلة بغيرها ومع غيرها، تذكِّر وترشد وتنصح، وتنبه وتساعد وتتعاون.

– ولكنها تسعى لتكون متفردة في عملها لها لمستها الخاصة التي لا يُستغنى عنها في خضم الحراك الحياتي والعطاء الميداني. متميزة في العمل التهذيبي والإصلاحي ورائدة فيه.

– تسد الفروض الكفائية المهجورة، أو التي اعتراها التقصير، أو التي تحتاج إلى دعم. لاسيما في مجالات التعليم والتهذيب والإرشاد والإصلاح النهضوي.

 محاذير: نكون مجرد جماعة غير متحققين بالانتساب إلى الجمعية :

– عندما تكون تصوراتنا عن الجمعية وأهدافها متباينة ، وعندما تكون رؤيتنا الاستراتيجية ضبابية أو منعدمة أو متنازع فيها، فالتنازع فشل.

– عندما يغلب علينا العمل الدعوي العاطفي المزاجي بدل العمل المؤسسي المنظم الدؤوب.

– عندما نريد سحب الجمعية إلى التخندق في إطار قناعاتنا الضيقة، سواء كانت مذاهبا أو أحزابا أو تيارات فكرية أو أغراض فئوية..

– عندما نتحرك فيها وبها عبر فضول أوقاتنا، أو فورة أمزجتنا.

– عندما تكون حركتنا على الأرض في مستوى “جماعة” ولا ترتقي إلى مستوى “جمعية” سيعود ذلك على الأصل بالإبطال، وسيؤثر سلبا على سير الجمعية، ويعطلها عن المساهمة الفعالة في نهضة شاملة للأمة الجزائرية.

ثانيا- “العلماء” :

 كونها جمعية العلماء، أي ينتمي إليها كل من رافده العلم، أيًّا كان هذا العلم، المهم أن يكون من العلوم النافعة التي يحتاجها المسلم ليقوم بدوره الاستخلافي على وجه الأرض، لأن النهضة الحضارية تتطلب كل العلوم.

 فمنطلقها العلم لأنه أصل التنوير والسعادة، وهي تحارب الجهل لأنه أصل كل فساد وانحراف وخمول.

 فالعلم وحده المعول عليه في رسالتها الإصلاحية تعلُّما وتعليما وعملا ودعوة وإصلاحا ونهوضا وتحضرا.

 والعلم مجالان : مجال العلوم الشرعية ومجال العلوم الكونية:
– فأما في مجال العلوم الشرعية فيجب على أتباعها ومنخرطيها فريضة تحصيل القدر الضروري من العلم الشرعي الذي لا يكتمل الانتماء إلى الإسلام إلا به عقيدة وعبادة وسلوكا، وهذا القدر الضروري من الواجبات العينية التي يشترك فيها جميع المسلمين، ولا يعذر الجهل به، بل على الإنسان أن يبذل جهده لتحصيله بكل السبل المشروعة والمتاحة لديه، ويسعى قدر استطاعته كي يربي عليه أبناءه أو من هم تحت مسؤوليته.

 (العلم قبل العمل، ومن دخل في العمل بغير علم لا يأمن على نفسه من الضلال، ولا على عبادته من مداخل الفساد والاختلال، وربما اغتر به الجهال فسألوه فاغتر هو بنفسه فتكلم بما لا يعلم فضَلَّ وأضَل…فحذار من التقصير في العلم اللازم للعبادة، وحذار من الكلام في دين الله والإفتاء للناس بغير علم مؤهل لذلك، وحذار من صرف الناس عن العلم وأصله إذا رأيتهم قد افتتنوا بك). (آثار ابن باديس 2/ 275).

 (العلم هو وحده الإمام المتبع في الحياة، في الأقوال والأفعال والاعتقادات… قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ أي لا تتبع ما لا علم لك به، فلا يكن منك اتباعٌ بالقول أو بالفعل أو بالقلب لما لا تعلم، فنَهَانا عن أن نعتقد إلاّ عن علم، أو نفعل إلاّ عن علم، أو نقول إلاّ عن علم). (آثار ابن باديس 1/ 269).

– كما يجب على أتباع الجمعية والمنخرطين فيها وجوبا عينيا تعلم سبل الدعوة والإرشاد والنقد البناء، فهي من الأمور التي لا يتحقق واجب التبليغ والإصلاح إلا بها، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم.

 ( إن الدعوة إلى الحق لن تنجح إلا إذا كانت كما أمر الله تعالى: بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ). (النجاح: العدد181/ 7نوفمبر1924).

 (فالمسلم المتبِع للنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – لا يألو جهداً في الدعوة إلى كل ما عرف من سبيل ربه. وبقيام كل واحد من المسلمين بهذه الدعوة بما استطاع تتضح السبيل للسالكين، ويعمُّ العلم بها عند المسلمين، وتخلو سُبل الباطل على دعاتها من الشياطين). (آثار ابن باديس 1/ 182).

– أما العلوم الكونية النافعة بمختلف تخصصاتها، وأيضا ما زاد عن الحد الأدنى من العلوم الشرعية الضرورية، فهي واجبات كفائية، تتوزع أدوارها بين أفراد المجتمع الواحد ليتحقق الاكتفاء والتكامل.

– فعلى المسلم منا عامة وعلى المنخرط في الجمعية خاصة أن يعتبر المجال العلمي التخصصي الذي انصرف إليه ثغرة ارتقت من كونها واجبا كفائيا على المجموع إلى كونها واجبا عينيا عليه هو بالخصوص، لا سيما إن كانت تلك الثغرة لا تُسَدُّ إلا به، أو إن كانت من الثغور المهجورة.

 (من أساليب الهداية القرآنية إلى العلوم الكونية أن يعرض علينا القرآن صوراً من العالم العلوي والسفلي في بيان بديع جذاب يشوقنا إلى التأمل فيها، والتعمق في أسرارها، وهنا (يقصد قوله تعالى: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النمل: 25]) يذكر لنا ما خبأه، في السموات والأرض لنشتاق إليه، وتُبْعث في البحث عنه واستجلاء حقائقه ومنافعه غريزة حب الاستطلاع ومعرفة المجهول، وبمثل هذا انبعث أسلافنا في خدمة العلم واستثمار ما في الكون إلى أقصى ما استطاعوا، ومهدوا بذلك السبيل لمن جاء بعدهم، ولن نعز عزَّهم إلا إذا فهمنا الدين فهمهم وخدمنا العلم خدمتهم). (آثار ابن باديس 2/ 47).

 والجمعية تعول على العلماء ومن سار في طريقهم من طلبة العلم، لأن صلاح الأمة بصلاحهم.

 (لن يصلُح المسلمون حتى يصلح علماؤهم، فإنّما العلماء من الأمّة بمثابة القلب إذا صلح صلح الجسد كلّه، وإذا فسد فسد الجسد كلّه، وصَلاح المسلمين إنّما هو بفقههم الإسلام وعملهم به، وإنّما يصل إليهم هذا على يد علمائهم، فإذا كان علماؤهم أهل جمود في العلم وابتداع في العمل فكذلك المسلمون يكونون.
فإذا أردنا إصلاح المسلمين فلنصلح علماءهم، ولن يصلح العلماء إلاّ إذا صَلُح تعليمهم، فالتعليم هو الذي يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل حياته، وما يستقبِل من عِلمه لنفسه وغيره، فإذا أردنا أن نُصْلِح العلماء فلنصلح التعليم، ونعني بالتعليم التعليم الذي يكون به المسلم عالماً من علماء الإسلام يأخذ عنه الناس دينهم، ويقتدون به فيه). (آثار ابن باديس 3/ 217).

 (علينا أن لا ندخل في أمر إلاَّ على بصيرة به، وعلم بحكم الله تعالى فيه، وأن دخوله خير، وأن لا نخرج من أمر إلا على بصيرة وعلم كذلك، لا فرق بين أمر وأمر من كبير وصغير وجليل وحقير، ونكون- مع بذل غاية ما عندنا من نظر واختيار- معتمدين على ربنا، واثقين بحسن اختياره لنا، مسلِّمين له فيما اختاره، ضارعين له مظهرين فقرنا وحاجتنا في كل حال.
وعلينا أن نحصِّل من الأسباب ما يحصل لنا قوة العلم وقوة العمل لنكون أهلاً للدفاع عن الحق وحزبه، ومقيمين لسلطان الله في أرضه بالحق والعدل والإحسان). (آثار ابن باديس 1/ 322-323) .
 والعلماء العاملون ورثة الأنبياء هم نخبتها الرسالية والقيادية التي تتعهد خطاها بالثبات على نهج الوسطية والاستقامة، وتحفظ مسارها من الزيغ والانحراف.

 والعالِمُ الحقيقي هو العالم الرباني الرسالي، وهو الذي يتمثل ما عنده من علم في ذاته وسلوكه، ويكون عاملا في الوقت ذاته إلى هداية غيره بعلمه.

 أما العالم الذي وضع علمه وسيلة لتحقيق مآرب شخصية أو انتماءات ضيقة تؤجج الفرقة وتكرس الوهن فلا هو منها ولا هي منه، حتى يتخلى عن ذلك ويعود إلى خدمة الأمة بصدق ووفاء.

 طلاب العلم:

– طالب العلم المعول عليه في الجمعية هو الذي (يكون عاملا في أثناء تعلُّمه على تهذيب نفسه، ويكون مصدر هداية للناس في مستقبل أيامه.

– أما أكثر الطلاب فمنهم من تكون غايتهم الوظيف فهم في غفلة عن أنفسهم وعن غيرهم، ومنهم من تكون غايته أن ينال الشهادة بالعلم فهم مثل الأول، فأما الغاية الحقيقية التي ذكرنا فما أقل أهلها لأنها لا ذكر لها في برامج التعليم ولا اهتمام بها من المعلمين.

– وحقٌّ على كل طالب أن تكون هي غايته، وهو مع ذلك نائل العلم ونائل ما يؤهله للوظيف… ولكن هذا إنما يتم للطالب إذا كان شيوخه يهتمون لهذه الغاية ويعملون لها ويوجهون تلامذتهم إليها. وما أعز هذا الصنف من الشيوخ!) والمعلمين والأساتذة.
(انظر آثار ابن باديس 4/ 204).

– وطلاب العلم المعول عليهم هم الذين يأخذون العلم بأي لسان كان، ومن أي شخص كان، شرط أن يطبعوه بطابعنا الإسلامي لننتفع به الانتفاع المطلوب، وفق مبادئنا وثقافتنا وهويتنا. (انظر البصائر: عدد 109 السنة الثالثة. الجمعة 21 صفر 1357ه / 22 أفريل 1938م)

 والأساتذة والمعلمون والمشايخ المعول عليهم في الجمعية هم الذين يتصلون بتلامذتهم اتصالا خاصا يتجاوز الاتصال العام أوقات التعليم، وينفخ فيهم الروح الرسالية ويربطهم بخدمة الأمة حضاريا، حتى يكون لتلك الروح الأثر البارز في مسار حياتهم وفي أعمالهم وإنجازاتهم.
(فعلى المعلم الذي يريد أن يُكوِّن من تلامذته رجالا أن يُشعرهم واحدا واحدا أنه متصل بكل واحد منهم، اتصالا خاصا زيادة على الاتصال العام، وأن يصدق لهم هذا بعنايته خارج الدرس، بكل واحد منهم عناية خاصة في سائر نواحي حياته، حتى يشعر كل واحد منهم أنه في طور تربية وتعليم في كفالة أب روحي، يعطف عليه ويعنى به مثل أبيه أو أكثر). (آثار ابن باديس 4/ 202).
 (ومما ينبغي لأهل العلم أيضاً- إذا أفتوا أو أرشدوا- أن يذكروا أدلة القرآن والسنة لفتاويهم ومواعظهم ليقربوا المسلمين إلى أصل دينهم، ويذيقهم حلاوته، ويعرفوهم منزلته، ويجعلوه منهم دائماً على ذكر، وينيلوهم العلم والحكمة من قريب، ويكون لفتاواهم ومواعظهم رسوخ في القلوب وأثر في النفوس). (آثار ابن باديس 1/ 272).

ثالثا- المسلمين:
 وفي الشعار: (الإسلام ديننا.. والعربية لغتنا)

 الصفة الأساس للمنخرطين في جمعية العلماء والعاملين ضمنها كونهم مسلمين متمسكين بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا، ويدعون إليه وإلى هديه من خلالها.

– والإسلام الذي تدعو إليه الجمعية إنما هو في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان عليه سلفها من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية على لسان الصادق المصدوق. (انظر: الشهاب: العدد32 ، 11ذي الحجة1344هـ / 24 جوان 1926م).

– ( والإسلام هو دين الله الذي وضعه لهداية عباده، وأرسل به جميع رسله، وكمله على يد نبيه (محمد) الذي لا نبي من بعده، وهو دين البشرية الذي لا تسعد إلا به .

– القرآن هو كتاب الإسلام، والسنة- القولية والفعلية- الصحيحة تفسير وبيان للقرآن، وسلوك السلف الصالح- الصحابة والتابعين وأتباع التابعين- تطبيق صحيح لهدي الإسلام، وفهوم أئمة السلف الصالح أصدق الفهوم لحقائق الإسلام ونصوص الكتاب والسنة.

– البدعة كل ما أحدث على أنه عبادة وقربة ولم يثبت عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فعله وكل بدعة ضلالة.

– المصلحة كل ما اقتضته حاجة الناس في أمر دنياهم ونظام معيشتهم وضبط شؤونهم وتقدم عمرانهم مما تقره أصول الشريعة). (انظر هذه البنود ضمن مقالة “دعوة جمعية العلماء الجزائريين وأصولها” آثار ابن باديس 3/ 131-132).

– (إن الإسلام عقد اجتماعي عام، فيه جميع ما يحتاج إليه الإنسان في جميع نواحي الحياة لسعادته ورقيه، وقد دلت تجارب الحياة كثيراً من علماء الأمم المتمدنة على أن لا نجاة للعالم مما هو فيه إلا بإصلاح عام على مبادئ الإسلام، فالمسلم الفقيه في الإسلام غني به عن كل مذهب من مذاهب الحياة، فليس للجمعية إذاً من نسبة إلا إلى الإسلام، وبالإسلام وحده تبقى سائرة في طريق سعادة الجزائر، والبلوغ بها – إن شاء الله- إلى أرقى درجات الكمال). (آثار ابن باديس 3/ 550).

– أما المسلمون فهم المنتسبون إلى الإسلام بالاعتناق والتمثل، وليست سلوكاتهم بمجموعهم أو بأفرادهم هي الإسلام، بل هي تمثلات له.

– وتمثلات المسلمين للإسلام ليست دائما بالضرورة من شريعة الإسلام، فقد تكون موافقة له في تمثلها وقد تكون بعيدة عنه، فيحكم عليها بالصواب إن كانت موافقة له، وبالخطأ إن خالفته.

– واسترجاع المسلمين لمفهوم الأمة الوسط عمليا واستعادهم لوظيفتي القوامة والشهادة يكون بقدر اقترابهم بمجموعهم أو بأغلبيتهم على الأقل من تمثله تمثلا صحيحا، ويفقدون من التحقق العملي بمفهوم الأمة ومن تلك الوظيفتين بقدر ابتعادهم عن التمثل الصحيح له، وستظل الأمة خاضعة لقانون التخلف والتضاؤل والتبعية بقدر بعدها عنه.

– (الإسلام – وهو الدين الذي فطرنا عليه الله بفضله – علمنا أنه دين الإنسانية الذي لا نجاة لها ولا سعادة إلا به، وأن خدمتها لا تكون إلا على أصوله، وأن إيصال النفع إليها لا يكون إلا من طريقه، فعاهدنا الله على أن نقف حياتنا على خدمته ونشر هدايته). (آثار ابن باديس 3/ 236).

 أما العربية فلأنها لسان الدين الإسلامي الذي لا نجاة ولا سعادة إلا به، والذي لا سبيل لفهمه فهما صحيحا تاما إلا بها، امتزجت طبيعيا عبر تاريخ الجزائر بعد الفتح الإسلامي بأهلها وشعبها وأصبحت مركبا ضروريا لهوية الأمة الجزائرية،

– (غاية جمعية العلماء هي تعليم الناس أمر دينهم، وتفقيههم فيه، وتهذيبهم به، وإصلاح ما فسد من شؤونهم العامة والخاصة، إصلاحا إسلاميا مستمدا من الكتاب والسنة وهدي صالح سلف الأمة، بلسان هذا الدين الكريم، اللسان العربي المبين، إلى هذا دعت وفيه جاهدت). (البصائر: العدد 148 – 22 ذي القعدة 1357 هـ – 13 جانفي 1939م).

– (وإذا كنا نصرف أكثر جهدنا للتعليم العربي فذلك لأن العربية هي لغة الدين الذي هو أساس حياتنا ومنبع سعادتنا… أما الذين يحاربون العربية فهم يفرقون ويشوشون فسيندمون، وتنتشر العربية بقوة الحق والفطرة وهم كارهون). (آثار ابن باديس 3/ 257)

– (العروبة والإسلام، والعلم والفضيلة، هذه أركان نهضتنا وأركان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي هي مبعث حياتنا ورمز نهضتنا، فما زالت هذه الجمعية منذ كانت تُفَقِهنا في الدِّين، وتُعلمنا اللغة، وتنيرنا بالعلم، وتحلينا بالأخلاق الإسلامية العالية، وتحفط علينا جنسيتنا وقوميتنا، وتربطنا بوطنيتنا الإسلامية الصادقة، ولن تزل كذلك بإذن الله ثم بإخلاص العاملين). (آثار ابن باديس 3/ 557).

– (وإنما علينا أن نعرف تاريخنا، ومن عرف تاريخه جدير بأن يتخذ لنفسه منزلة لائقة به في هذا الوجود. ولا رابطة تربط ماضينا المجيد بحاضرنا الأغر والمستقبل السعيد، إلا هذا الحبل المتين: اللغة العربية، لغة الدين، لغة الجنس، لغة القومية، لغة الوطنية المغروسة… وهي وحدها اللسان الذي نعتز به وهي الترجمان عما في القلب من عقائد وما في العقل من أفكار، وما في النفس من آلام وآمال) (آثار ابن باديس 3/ 265).

رابعا- الجزائريين:

 وفي شعار الجمعية: “الجزائر وطننا”

– أما كلمة “الجزائريين” فنسبة إلى الوطن الجزائر، والجزائر هي وطننا الخاص الذي تربطنا بأهله روابط من الماضي والحاضر والمستقبل بوجه خاص، وتفرض علينا تلك الروابط لأجله- كجزء منه- فروضا خاصة، لأننا نشعر أن كل مقوماتنا الشخصية مستمدة منه مباشرة، فمن الواجب أن تكون خدماتنا أول ما تتصل بشيء تتصل به مباشرة. [ بتصرف، انظر آثار ابن باديس 3/ 236].

– و(إنما ينسب للوطن أفراده الذين ربطتهم ذكريات الماضي ومصالح الحاضر وآمال المستقبل، فالذين يعمرون هذا القطر وتربطهم هذه الروابط هم الجزائريون.

– والنسبة للوطن توجب علم تاريخه، والقيام بواجباته من نهضة علمية واقتصادية وعمرانية، والمحافظة على شرف اسمه وسمعة بنيه، فلا شرف لمن لا يحافظ على شرف وطنه، ولا سمعة لمن لا سمعة لقومه). [آثار ابن باديس 3/ 466]

– ( ولأننا جزائريون نعمل لِلَمِّ شعب الأمة الجزائرية وإحياء روح القومية في أبنائها، وترغيبهم في العلم النافع والعمل المفيد، حتى ينهضوا كأمة لها حق الحياة والانتفاع في العالم، وعليها واجب الخدمة والنفع للإنسانية.

– وإننا نحب الإنسانية ونعتبرها كلاًّ، ونحب وطننا ونعتبره منها جزءاً، ونحب من يحب الإنسانية ويخدمها، ونبغض من يبغضها ويظلمها.

وبالأحرى نحب من يحب وطننا ويخدمه، ونبغض من يبغضه ويظلمه، فلهذا نبذل غاية الجهد في خدمة وطننا الجزائري وتحبيب بَنِيه فيه، ونُخلِص لكل من يخلص له، ونناوئ كل من يناوئه من بنيه وغير بنيه). [آثار ابن باديس 3/ 278]

– و( ليس ما ندعو إليه ونسير على مبادئه من الإصلاح بأمر يخص المسلم الجزائري ولا ينتفع به سواه، كلا، فإن صحة العقيدة، واستنارة الفكر، وطهارة النفس، وكمال الخُلق، واستقامة العمل – وهذا هو الإصلاح كله- مما يشترك في الانتفاع به جميع المسلمين، بل جميع بني الإنسان، وإنما نذكر المسلم الجزائري لأنه هو الذي قُدِّر أن يكون منا ونكون منه كما يكون الجزء من كله والكل من جزئه، فحاجته أشد، وحقه أوجب). [آثار ابن باديس 4/ 358].

– فنحن إذا كنا نخدم الجزائر فلسنا نخدمها على حساب غيرها ولا للإضرار بسواها – معاذ الله – ولكن لننفعها وننفع ما اتصل بها من أوطانٍ الأقرب فالأقرب.
وما مثلنا في وطننا الخاص إلا كمثل جماعة ذوي بيوت من قرية واحدة، فبخدمة كل واحد لبيته تتكون من مجموع البيوت قرية سعيدة راقية، ومن ضيع بيته فهو لما سواها أضيع، وبقدر قيام كل واحد بأمر بيته تترقى القرية وتسعد، وبقدر إهمال كل واحد لبيته تشقى القرية وتنحط . [بتصرف، انظر آثار ابن باديس (3/ 237].
– و(أن كل محاولة لحمل الجزائريين على ترك جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو تاريخهم أو شيء من مقوماتهم فهي محاولة فاشلة مقضي عليها بالخيبة).[آثار ابن باديس 3/ 355]

Exit mobile version