سوريا…والعاقبة للمتقين

سوريا الحضارة حولتها أطماع حاكميها ومن حولهم من عبيد المصالح الشيطانية إلى دمار بعد بناء، ولو رشد حاكمها المتسلط في الأيام الأولى من بداية انتفاضة الحرية، لجنَّب بلاده الخراب بعد إصلاح، وساهم مع أبناء شعبه في انتقال سوريا من مرحلة الجبرية إلى حياة الحرية، ومن ظلام الديكتاتورية إلى فجر الديمقراطية، ولكن نزوة التسلط غلبت محكمات العقل والتعقل، وفي سبيل المصالح الذاتية أهلك طالبوها المصالح العامة، فمات مئات الآلاف من السوريين الأبرياء، وتشرد أمثالهم، بل يزيدون، في بقاع الأرض، من أجل أن يبقى بشار الأسد وآله وعبَّاده متحكمين في الرقاب، ومنتفعين من ريع البلاد..!
لقد ظهر جليا نفاق الغرب – وعلى رأسه أمريكا التي تدعي مناصرة الحرية- حين أغمض عينيه عن مجازر النظام السوري بمساعدة روسية في حق الأبرياء من الشعب السوري الذين يموتون يوميا بسبب القصف الهمجي عليهم بالقنابل والصواريخ، ومن نجا من القصف مات جوعا وعطشا ومرضا بسبب الحصار المضروب على مدنها، وهاهي حلب الشهباء ذات الموقع الإستراتيجي تعيش معارك دامية بين الثوار العازمين على النصر أو الاستشهاد، وفلول النظام المدعمين بالطيران الروسي الذي يحاول ترجيح الكفة بكل الطُّرق الإجرامية لصالح “الأسد” الذي يُعد آخر أوراق اللعب في يد الروس في المنطقة بعد أن خسروا نفوذهم في البلقان وليبيا على حسب رأي بعض المحللين الإستراتيجيين..!
إن انتصار المعارضة في حلب –إن تم لها ذلك- ستخطو خطوة كبيرة، ولكن ليست هي نهاية المعركة، بل إن المعارك القادمة ستدخل في مرحلة أعنف، وما بعدها أشد مما قبلها، وفي كل الأحوال فإن أكبر المتضررين هم أبناء سوريا الذين سيدفعون الثمن الأكبر في صراع أصحاب المصالح في الخارج داخل الأراضي السورية، ولهذا من كان يقاتل في غير أرضه لن يأبه للدمار وإن اتسع، وللموتى وإن كثروا..!
إن غياب “الطرف العربي” في مساندة الحق، أو في المساهمة في توقيف الإبادة والدمار والحصار للتقليل من الخسائر المادية والمعنوية، زاد من معاناة الأبرياء، ولستُ أدري ما دور الجامعة العربية التي لم يعد لها صوت ولا صورة في المشاهد العربية وكأن قضية سوريا وباقي القضايا العربية لا تعنيها، وهي التي تستهلك من أموال الأمة المليارات من الدولارات..!
إن أرض الشام مقبلة على ملاحم وفتن، وما يحدث فيها اليوم مؤشر على أن المنطقة معرضة لتغيرات استراتيجيه كبيرة، وأن ما بعد معارك سوريا بين الثوار والنظام السوري، ستكون هناك أحداث ونتائج هي مقدمات لما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة لها علاقة بمستقل الشام وما حولها، والذي لا بد أن يعلمه المسلم في المحصلة أن العاقبة ستكون للمتقين في النهاية…وعلى الله فليتوكل المتوكلون.