كَادَ الأستاذ أن يكون أضحوكة بقلم أوحيده علي مفتش التربية والتعليم الابتدائي (سابقا)
من المؤلم والمؤسف أن نرى في هذا الزمان، زمان الرداءة والغش والتزلف والنفاق والجحود، أستاذًا يضحك على نفسه وهو لا يدري، يستهزئ بمنتوجه وهو لا يدري أن الصنعة تدل على الصانع، يضحك على طلبته وهو لا يدري أنه هو الأضحوكة. وإلا كيف نفسر ما قام به أساتذة تصحيح بكالوريا 2016 يستهزئون بخطوط الطلبة، وسوء التنظيم، ويتساءلون عن العامية التي تخللت الإجابات، والعجز عن تكوين جملة مفيدة… إلخ. في حين كان عليهم أن يسألوا أنفسهم قائلين: هل نحن كنا قدوة لهؤلاء في توضيح ما نكتب على السبورة، وتنظيم الدروس والإجابات، واستعمال اللغة الفصحى داخل حجرة الدرس وخارجها؟، أم أنهم يَسْأَلُونَ ولاَ يُسْأَلُونَ؟ أمر هؤلاء غريب! …بل تعدى الآداب والأخلاق، وتجاوز الإحساس والشعور بالذنب إلى عملية التقاط صور لأوراق بعض المترشحين ونشرها على صفحاتهم الخاصة بداعي التسلية، والاستهزاء بالطلبة حسب ما نشر في جريدة الخبر يوم 14/جوان/2016.
في حين كان عليهم أن يذرفوا دمًا لا دموعًا، لأن هؤلاء الطلبة كانوا ضحية الأساتذة المتهاونين المستهترين والكسالى المحنطين، والغشاشين الذين يمنحون نقاطًا غير مستحقة لينجوا من النقد والانتقاد، ويستروا عيوبهم، ويخفوا جهلهم، ويبرروا خمولهم وتهاونهم، وإذا كان الأمر غير هذا بماذا نبرر وصول هؤلاء الطلبة إلى هذا المستوى بعد 12 سنة من الدراسة؟ ألاَ يعلم هؤلاء الأستاذة أنهم هم السبب في تدني المستوى التعليمي، بل هم السبب في تعاسة هؤلاء الطلبة في الحاضر والمستقبل، وهم السبب في انحطاط المجتمع وتأخره في الأمد القريب، لأن هؤلاء الطلبة هم آمال الأمة، وهم اللَّبِنَات التي يبنى عليها مستقبل الجزائر التي ضحى عليها مليون ونصف المليون من الشهداء، وهؤلاء الأساتذة وأمثالهم من المعلمين لم يضحوا بالعرق والجهد المطلوب منهم، ولم يحللوا الأجرة التي يتقاضونها.
– لماذا لم تستهزئوا وتضحكوا وتتبرؤوا من الأساتذة والمفتشين الذين سربوا مواضيع بكالوريا 2016 وتنشروا أسماءهم ليكونوا عبرة للمتربصين بالجزائر والجزائريين؟ !
– لماذا لم تضحكوا على الأساتذة الذين ارتكبوا أخطاء فادحة في موضوع الفيزياء في بكالوريا 2016؟ أم أنّ الكل سِيَّان؟
– لماذا لم تستهزئوا بالأساتذة الذين نسبوا قصيدة شعرية إلى شاعر آخر في بكالوريا 2015؟ ولماذا لم تثوروا ضد (ابن غبيرط) التي قالت لهم: (( سأحميكم …))؟ ألاَ يعد هذا التصريح وسيلة من الوسائل التي تكرس الرداءة؟
– لماذا سكتم على ( ابن غبريط ) التي أصدرت قرارًا فرديًا ارتجاليًا يخالف القرار 178 الخاص بمجالس التأديب، ويقضي بــ ( إعادة كل طالب مطرود إلى مؤسسته مهما كانت درجة خطئه) ألاَ يمكن القول: أن هذا القرار يشجع العنف في المؤسسات التربوية، ويخل بالنظام والتنظيم فيها؟ !
– لماذا لم تتكتلوا ضد المنشور المؤرخ في 1/2/2016 رقم: 160 الذي يضمن انتقال جميع التلاميذ في الطور الثانوي مهما كانت نتائجهم بأساليب ملتوية؟ تبدو هذه الأساليب في ظاهرها مساعدة للبطلة، ولكن الهدف والمقصد هو إضعاف المستوى ليجد المتربصون بالجزائر سببا واضحًا ومباشرًا لإدخال الفرنسية وثقافة فرنسا!.. أَمْ أن هذا الأمر لا يهمكم؟ ! أمركم عجيب !…
– لماذا جانبتم الحقيقة، وكتمتم الشهادة؟ حقيقة ضعف هؤلاء الطلبة الذين تمدرسوا عليكم وعلى أمثالكم وفق منظومة ( ابن زغو )، التي طبلتم لها ولم تنتقدوها إلى اليوم !… أليس هذا دليل قاطع وساطع على أن إصلاحات ( ابن زاغو ) هي التي عبثت بمستقبل أبنائنا، ومصير مجتمعنا؟ ورغم هذا لم تضحكوا عليها وعلى المؤيدين لها.
– لماذا لم تنتبهوا إلى أمر أخطر وأخطر وهو: أن الطلبة في الثانوي والجامعات لا يستطيعون قراءة فقرة صغيرة قراءة سليمة خالية من الأخطاء النحوية والصرفية؟ ولماذا لم تبحثوا عن أسباب هذا الانحدار الرهيب؟ ! إن السبب المباشر والوحيد هو إصلاحات (ابن زغو ) الذي ادّعى في اصلاحاته أن اللغة كتلة واحدة موحدة متكاملة ليدمج نشاط القراءة، الإملاء، الخط، النحو، الصرف في نشاط اللغة بأساليب تؤدي إلى عدم فهمها واستيعابها، بل إلى القضاء عليها وجهلها تمامًا لتقبر اللغة الفصحى، وتحلّ محلها العامية.
وهذه الأساليب تمثلت في عدم تخصيص منهاج مفصل، ووقت خاص، وطريقة واضحة للقراءة، والإملاء، والخط، والنحو، والصرف في التوازيع الأسبوعية، بل تُرك الأمر للمعلم والأستاذ تحت مبرر حرية التصرف. مما أدى بالمعلمين والأساتذة إلى إهمالها وعدم اختبار التلاميذ والطلبة فيها بطريقة مباشرة ومنفصلة ومستقلة كالأنشطة الأخرى.
وعليه فلا نتعجب من الأخطاء التي يقع فيها الطلبة! …بل ينبغي أن نضحك على أنفسنا ما دمنا مغفلين وبُلْه إلى هذه الدرجة، درجة العبث بنا وبأبنائنا ومجتمعنا من أناس تربصوا وما زالوا يتربصون باسم ( الإصلاح التربوي). إنه السم في الدسم وأنتم لا تدرون أيها الأساتذة ! أم أن الجزائر ليست من اهتماماتكم؟ أمركم عجيب وغريب … ! …
– أما الأخطاء التي وقع فيها الطلبة، فالسبب المباشر يرجع إلى الإصلاح التربوي الذي فرض على الجميع سنة 2003. والدليل على هذا تؤكده الحقائق التالية:
1- الخط: لقد كان التلميذ في المدرسة الابتدائية يختبر في الخط اختبارًا مستقلاً مثل الأنشطة الأخرى. ولهذا كان الاهتمام به، لأنه غاية في حد ذاته، ووسيلة للأنشطة الأخرى، ولكن منذ سنة 2003 أهمل هذا النشاط ولم يعد التلميذ يختبر فيه، ومن أراد التأكد من هذا فلينظر إلى دفاتر اختبارات السنة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة من التعليم الابتدائي ليقف على الحقيقة بنفسه، ولذلك لا نتعجب إذا كان خط التلاميذ والطلبة في جميع المستويات غير واضح، وغير مقروء !…لأن السبب المباشر هو المناهج الجديدة التي طبل لها الجميع.
2- الإملاء: من المعلوم أن الإملاء وسيلة من وسيلة ضبط الكتابة، ولهذا السبب كانت المناهج في التعليم الابتدائي والمتوسط تضبط قواعدها ببرنامج، وتخصص لها وقتا، ويختبر فيها التلميذ والطالب في جميع المستويات، ولكن إصلاحات ( ابن زغو ) تجاهلت هذا النشاط ولم تعط له الأهمية اللازمة. ومن أراد الوقوف على الحقيقة يسأل أو يطلع على رزمانة الامتحانات من السنة الأولى الابتدائية إلى نهاية مرحلة التعليم المتوسط.
3-أما العجز عن تكوين جملة مفيدة، والإجابات بالعامية، وغياب التنظيم، فيرجع إلى الأساتذة أنفسهم في جميع مراحل التعليم، لأنهم لم يكونوا قدوة حسنة للمتعلمين.
– ولكن ماذا يقول هؤلاء الأساتذة الذين ضحكوا على الطلبة إذا قلت لهم: إن التلميذ الذي يتحصل على الشهادة الابتدائية في الستينات أحسن من أساتذة اليوم؟ ! … إنهم لا يصدقون هذا التساؤل، ولكن الحقيقة التي لا يعرفونها هي: (( إن تلميذ نهاية المرحلة الابتدائية الذي يجتاز الامتحان يختبر في الأنشطة التالية: (( دراسة النص – الشكل – الاملاء – الخط – الإنشاء – الحساب (يتضمن تمارين ومسألة تنتهي أو تبتدئ بسؤال واحد ولكن حلها يتطلب أكثر من ثماني عمليات) – الحساب الذهني – الأشياء (العلوم – الفيزياء – الكيمياء) – التاريخ – الجغرافيا – الدين (التربية الإسلامية) – الرسم – القراءة – المحفوظات والأناشيد) ماذا يحدث لو يخضع أساتذة اليوم إلى هذه الاختبارات؟ ألا يمكن القول: أن 99 %منهم يسقطون من هذا الغربال؟. حينئذ يقول الجميع: إنّ خريجي جامعات اليوم انهزموا أمام خريجي المدارس الابتدائية في الستينات، وهذا دليل يؤكد سبب تأخرنا في جميع المجالات. وإلاّ كيف نفسر تفوق تلميذ الأمس على أستاذ اليوم .