الشيخ يحي صاري عضو لجنة الإغاثة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ناشط في الحملة العالمية لكسر الحصار عن غزة في حوار مع البصائر
الشيخ يحي صاري عضو لجنة الإغاثة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ناشط في الحملة العالمية لكسر الحصار عن غزة للبصائر: الحملة من أجل إطلاع العالم على خطورة الوضع في قطاع غزة، عشر سنوات من الحصار الجائر
البصائر : كيف تأسست الحملة العالمية لكسر الحصار عن غزة
هذه الحملة أطلقها ناشطون إعلاميون وسياسيون وعلماء، على مواقع التواصل الاجتماعي، من دول كثيرة، إدراكا منهم بخطورة الوضع في قطاع غزة، وتفاقم الآثار التي خلفها ولا يزال يخلفها الحصار الغاشم المضروب على القطاع منذ عشر سنوات.
وشعارنا في هذه الحملة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وإذا كان سجن هرة وتعريضها للجوع قد نهى عنه الشرع وتوعد من فعل ذلك بالنار في قول النبي صلى الله عليه وسلم «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت» فكيف بسجن “مليونين” من الشعب الفلسطيني وتعريضه لكل أنواع الجوع والتضييق.
أليس الواجب الديني يحتم علينا أن لا نسكت عن هذا الإجرام؟
لا شك ان المعادلات الدولية لها حساباتها، لكن نحن كمؤمنين لا يحق لنا أن نغفل عن واجباتنا تجاه الجياع والعراة في غزة وفي غيرها من بقاع العالم المغبون، بعيدا عن أي تحيز سياسي أو مذهبي او طائفي، وهذا أقل ما نطالب به تجاه ما يقع لإخواننا في غزة.
وتشهد الحملة العالمية لكسر الحصار على غزة مشاركات واسعة من الفلسطينيين إلى جانب نشطاء عرب وأجانب وأئمة ودعاة وعلماء، مطالبين بإنهاء معاناة سكان قطاع غزة التي تمر عليها عشر سنوات.. بلا وازع من دين أو خلق أو ضمير أو جوار، أو أخوة.
وطالبت آلاف “التغريدات”و”التدوينات” بفك الحصار المفروض على قطاع غزة، وحل أزمة الكهرباء، وفتح معبر رفح الحدودي أمام سفر الحالات الإنسانية، والتنقل بحرية.
وتقوم الحملة بتنظيم فعاليات ونشاطات متنوعة في الدول المشاركة وهي “الجزائر ومصر والسودان والأردن ولبنان واليمن وتركيا وفلسطين ودول المغرب العربي كلها، ودول أوربية مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإندونيسيا وماليزيا”.
طالبت الحملة بمسح هذا العار من جبين العرب والعالم.
ونشر الناشطون صورا، ومقاطع فيديو لمشاهد الجريمة النكراء التي سلبت كل معاني الحياة، وعطلت كل مجالات العيش طيلة سنوات الحصار المفروض على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والصحية.
وهذه الحملة هي موقف إنساني وأخوي وديني، يعبر عن مدى غضب وتعاطف قطاع واسع من الناشطين في القضية الفلسطينية، أرادوا أن يبرؤا ذمتهم أمام الله ثم أمام التاريخ، فأسسوا هذه الحملة من أجل أن يُسمعوا صوتهم للعالم، ويُطلعوا المجتمع العربي والدولي على خطورة الوضع في قطاع غزة، وتفاقم المأساة بعد عشر سنوات من الحصار الجائر
البصائر : ما هي المجالات التي تعمل فيها الحملة وكيف يتم التنسيق بين الناشطين في الحملة
الحملة العالمية لكسر الحصار لها عدة فروع ومجالات تنشط من خلالها فالإدارة العامة متكونة من عدة نشطاء من عدة دول تقوم بتسير الحملة وتوجيهها وتنسيق العمل، وهناك عدة لجان متخصصة فاللجنة الثقافية تهتم بالشعر والقصة والنشاطات الثقافية المتنوعة التي تحكي مأساة الحصار.
واللجنة الإعلامية التي تقوم برصد كل المتابعات الإعلامية عن الحملة، وتقوم بعمل البرامج الإعلامية من الصور والأفلام .
واللجنة الإغاثية تهتم بالمشاريع الخيرية.
وهناك لجان على مستوى كل دولة يتم تنسيق النشاط بينهم
وكل فريق من أي دولة ينشط حسب المجالات الممكنة في بلده.
كما تنشط الحملة في إرسال رسائل الاحتجاج والتحسيس بخطورة الوضع في غزة إلى المنظمات الدولية والهيئات الحقوقية، كما راسلت وسائل الإعلام العربية والدولية، وأنشأت مواقع لها وصفحات في التواصل الاجتماعي .
كيف يتم التنسيق بينكم
عن طريق وسائل الإعلام حيث نلتقي يوميا للنقاش والتشاور وتبادل التجارب والمعلومات .
البصائر : ما هي تداعيات الحصار على قطاع غزة
هذا الحصار، تجاوز كل الحدود اللاإنسانية حيث سلب من أهلنا في قطاع غزة كل معاني الحياة، وسجل أرقاما في المعاناة تنذر بكارثة إنسانية.
وأتأسف أننا أصبحنا نتعامل مع “الأرقام الجامدة” وليس مع “الإنسان”، فكل التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية، لا تتجاوز الرقم والصورة، وهكذا صار العالم يتعامل مع مآسي الإنسان والجرائم التي تطاله. يتعامل معه كرقم و”أنفوغرافيا” وأفلام وثائقية تقطر بدماء الأبرياء، والأشلاء والصور الرهيبة، والتي قد تميت الإحساس وتبلد العواطف، لكثرتها. وأنا لا أهون من أهمية الصورة والرقم، ولكن أريد التنبيه إلى ضرورة البحث عن وسائل أخرى أيضا في مسيرة النضال. تكون أكثر تأثيرا وتسلط الضوء بشكل أقوى على معاناة الشعب الفلسطيني في غزة في ظل هذا حصار الوحشي.
مع الإشارة أن حالات الجوع قد بدأت تنتشر في قطاع غزة، والوضع أصبح لا يطاق ، ولا يمكن تحمله، ولا ندري النتائج الوخيمة التي تنتظر في المستقبل،
ولا يفوتني أن أنبه أيضا إلى وجود حالات انتحار بين صفوف الفلسطينيين في قطاع غزة، وتسجيل معدلات غير مسبوقة، نتيجة التدهور الحاد في الأوضاع، وفقدان الأمل وانعدام مقوّمات الحياة.
فأردنا من خلال هذه الحملة أن نرسل رسالة إلى العالم ، وأن نسمع صوت هؤلاء الذين يتعرضون لسجن جماعي وعقوبة جماعية طيلة عشر سنوات في ظل صمت عربي ودولي
تداعيات الحصار خطيرة وأرقام نتائجه رهيبة،
– 40 بالمائة من السكان تحت خط الفقر و272 ألف غزاوي عاطل عن العمل و100 ألف خريج جامعي بلا عمل. ومليون فلسطيني من سكان القطاع في حاجة إلى دعم ومساعدات
– وتجاوزمعدل الفقر المدقع 65 بالمائة نصف سكان القطاع يتلقون مساعداتٍ إغاثية من “الأونروا”
– وذكرت المؤسسات الدولية أن إعادة الإعمار سيستغرق 100 عام إذا لم يُرفع الحصار
– قطع الكهرباء في القطاع من 12إلى 16 ساعة يومياً، فيما يتلقى 40 بالمائة من السكان 4 إلى 8 ساعات فقط من إمدادات المياه كل 3 أيام؛ إضافة إلى أن 90 إلى 95 بالمائة من المياه غير صالحة للشرب في غزة، فيما يصبّ 90 ألف متر مكعب من المياه العادمة يوميًا في مياه البحر المتوسط دون معالجة.
وعلى صعيد الوضع الصحي نجد أن المستشفيات في القطاع تعمل بأقل من 40 بالمائة من إمكاناتها، ويواجه القطاع عجزاً بـ100 ألف وحدة سكنية، وتعاني 6 من كل 10 عائلات في قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، 27 بالمائة انعدام حاد، 16 بالمائة انعدام متوسط، 14 بالمائة نقص في الأمن الغذائي.
هذا فضلا عن معاناة سكان القطاع من القيود المشددة على الحركة والتنقل، حيث يمارس الاحتلال سياسة الإغلاق كمنهج مستمر منذ عشرة أعوام؛ من خلال سيطرتها على المعابر، وانخفض عدد السكان المسموح لهم بالعبور عبر معبر بيت حانون- بنسبة 75 بالمائة عنه في عام 2005، وفي نوفمبر 2015، اتجه الاحتلال لتشديد القوانين المتعلقة بمنح التصاريح لمرافقي المرضى تحت سن 55 عاماً، فيما يتم غالباً ابتزاز المرضى الذين يتمّ تحويلهم إلى الخارج عبر معبر بيت حانون، إذ يستغلهمالاحتلال للحصول على معلومات أمنية.
أما فيما يتعلق بمعبر رفح البري، والذي يُعدّ البوابة الوحيدة لفلسطينيي القطاع إلى العالم الخارجي، فقد تم فتحه في عام 2015 بأكمله 25 يومًا فقط، وفي العام فتح مدة يومين أو ثلاثة .
فيما لاتزال الغالبية العظمى من سكان القطاع غير قادرة على السفر عبر بوابة المعبر.ولا يزال الآلاف من العالقين والمضطرين للسفر عبر مصر للعلاج والدراسة والعمل، والكثير منهم فقد منصبه ودراسته في الخارج بسبب غلق معبر رفح البري
وللعلم أن معبر رفح فتح لعام 2016 بعد 85 يوما من الإغلاق المتواصل لمدة ثلاثة أيام فقط فيما لم تتجاوز أيام عمله في العام الماضي2015 مدة 23 يوما فقط .
وكل من يطلع على هذه الأرقام سيكتشف حجم المعاناة، والقتل البطيء الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة في ظل الصمت العربي والعالمي.
ولا أنسى أن أذكر أن غلق المعبر المصري تسبب في توقف حركة القوافل الخيرية التي كانت تمد القطاع بالمساعدات، ونحن في لجنة الإغاثة بجمعية العلماء كنا قد أرسلنا القافلة رقم 3 محملة بـ 100 طن من الأدوية بعد توقف آلة العدوان الصهيوني عل القطاع مباشرة في شهر ديسمبر 2014 ورغم النداءات المتكررة التي أطلقناها لمواصلة حملاتنا الإغاثية إلى القطاع، فقد ذهبت كلها أدراج الرياح . والله المستعان.
لا بد أن يسمع العالم أن في غزة الأمل مفقود، والأفق مسدود، وأن هناك من يتعمد إطالة عمر الحصار ، وتمديد المأساة إلى أجل غير محدود
فهل عندنا رجال أحرار شرفاء كرجال قريش الذين مزقوا صحيفة الحصار المضروب على الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه؟
ما هي كلمتكم الأخيرة
لا بد من حراك على مختلف الأصعدة لتحسيس الرأي العام بالمأساة وأن لا نكل ولا نمل بالمطالبة بفك الحصار وتكسير قيود هذا السجن الجماعي المضروب على غزة، لا بد لكل المسلمين وأحرار العالم .. أن لا يصمتوا عن هذه الجريمة النكراء التي تمر في صمت مذهل،
لا ينبغي أن نسكت عن عملية تقنيين الحصار وتنظيمه ليصبح شكلا من أشكال الواقع المفروض على أهلنا في قطاع غزة.
ولا بد من تحييد الشعب الفلسطيني من النزاعات والخلافات السياسية حول معبر رفح، خصوصا، وأن تعالج الأمور والخلافات خارج سياسة العقاب للشعب الفلسطيني في القطاع.
نناشد حكومة مصر أن تراعي حق الجوار.. وتنظر بعين الإنسانية إلى الأطفال والمرضى والعالقين
نناشد المنظمات الحقوقية الإنسانية أن تقوم بالضغط المستمر والحراك الدؤوب من أجل الكشف عن حجم المأساة وإظهار الواقع المؤلم .
نناشد كل صاحب ضمير حيّ أن يشارك في أسبوع الحملة العالمية لكسر الحصار بما يستطيع عبر صفحته ووسائله الخاصة، ويفعل الروابط الالكترونية للحملة والتغريد على “الهاتشاق” الخاص بها
كما نناشد الجزائر أن تقوم بدروها الريادي في نصرة القضية الفلسطينية ودعمها الحسي والمعنوي، وأن تكون في مستوى تطلعات الشعب الفلسطيني الذي يكنُّ لها تقديرا كبيرا ويعقد آمالا واسعة في تبني قضيته والدفاع عنها على المستوى الدولي والدبلوماسي.
كما أنوه بالشباب الذين أسسوا الحملة وبذلوا جهودا كبيرة في مواقع التواصل، وأبدعوا في تحسيس المجتمع العربي والدولي بمأساة أهلنا في قطاع غزة.
ونحن إذ نعمل في هذا المجال لا ننسى كل المظلومين والمضطهدين، في كل البلدان التي تتعرض للإبادة والقتل العشوائي، سائلا الله سبحانه وتعالىأن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان ويفرج كرب المكروبين.
وأشكر جريدة البصائر التي أتاحت لنا الفرصة للحديث عن قضية الحصار ، وبارك الله في جهودكم