أعلام الجمعيةالتعريف بالجمعيةالشيخ عبد الحميد بن باديس
ما جمعته يد الله لا تفرّقه يد الشيطان بقلم د. سليم قلالة
تبقى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي نُحيي ذكرى وفاة مؤسّسها الشيخ عبد الحميد بن باديس هذه الأيام، تثير الإعجاب والتقدير كلما بَدَت لنا حقائق جديدة عن الدور الذي لعبته ومازالت تلعبه في بناء جزائر الأمس واليوم والغد، أو أعدنا قراءة تراثها…بالأمس كان لها دورٌ في إحياء الشخصية الوطنية وفي المساهمة في ثورتنا التحريرية المباركة واستعادة السيادة والاستقلال، واليوم وغدا يبقى لها ذات الدور…
عن الأمس، حدثنا في أيام سابقة الأخ والصديق محمد الهادي الحسني عن ذلك الكتاب الذي يحمل عنوان “جمعية العلماء المسلمين” لصاحبه جاك كاري Jacques carret الصادر عن دار “عالم الأفكار” بمناسبة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، وأريد أن أعود إلى وثيقة هامة تضمنها الكتاب وكانت بعنوان: “تقرير سري أمني عن نشاطات الجمعية والتحضير للثورة” رقم 2847 صادرة عن مصلحة التوثيق والجوسسة المضادة الفرنسية المعروفة بـ SDECE بتاريخ 18 ديسمبر 1954. وتضمّنت الوثيقة عرضاً عن تجنيد وتدريب الجزائريين للمشاركة في الثورة، أبرز أن القائد الثوري محمد خيضر كان بمعيّة الشيخ البشير الإبراهيمي يشرفان بمقر جمعية العلماء بالقاهرة على تشكيل فريق كومندوس جزائري من 20 فرداً تم ذكر 05 منهم بالاسم وهم (محمد بوخروبة (الرئيس هواري بومدين)، محمد بشير عبد الرحمن، عبد العزيز بن مشري، زيتوني محمد جيلالي، سليمان بولعيون”. بما يعني أن العلاقة بين قيادة الثورة وجمعية العلماء في تلك الفترة كانت وطيدة وعلى أحسن ما يرام، وأن اللحمة كانت قوية بين كافة أطياف الشعب الجزائري بمختلف اتجاهاته، وكان ذلك من أولى أسباب النصر.. وهو ما ينبغي أن يعود اليوم إذا أردنا مواجهة هذه الموجة الاستعمارية الجديدة التي أصبحت تحيط ببلادنا من كل جانب وتهدد كياننا.
أما للغد، فلن نجد أكثر دلالة من تلك الكلمات التي قالها الشيخ عبد الحميد بن باديس فيما يتعلق بالوحدة الوطنية بين الجزائريين في “البصائر” بتاريخ 17 جانفي 1936 في نطاق مواجهة سياسة فرِّق تسد الفرنسية، حيث كتب ما يلي: “ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان، إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمع بينهم الإسلام منذ بضعة عشر قرناً، ثم دأبت تلك القرون تمزج بينهم في الشدّة والرّخاء، وتؤلّف بينهم في السر والعلن وتوحّدهم في السراء والضراء…”
ليتنا اليوم نقرأ ابن باديس من جديد ونعيد ما قاله للمستعمر: ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان.