غير مصنف
الدستور وتعديله بقلم أ.د عمار طالبي

كثرت المناقشات والتحليلات فيما يتعلق بالدستور الجديد، وكانت جمعية العلماء المسلمين قد قدمت اقتراحات كتابية أثناء الاستشارات التي أجريت من قبل.
يبدو أن الديباجة أشارت بوضوح إلى المقومات الأساسية للهوية وهي: “الإسلام والعروبة والأمازيغية” ص1 وأن “الجزائر أرض الإسلام” ص2، وأن الدستور يكفل الفصل بين السلطات واستقلال العدالة ص2، كما نصت الديباجة أنها تشكل جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور، وهذا شيء جديد في نصه.
ونصت المادة الثانية من الباب الأول على أن “الإسلام دين الدولة” ص3، وفي المادة الثالثة: “اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية” ص3، وأضيف “تظل العربية اللغة الرسمية للدولة” ص3، أما إحداث مجلس أعلى للغة العربية لدى الرئاسة فليس جديدا فقد أحدث من قبل، وما زال شكليا.
ولعله قصد تفعيله وتجديد أهدافه.
أما مهمته فهي: العمل لازدهار اللغة العربية وتعميم استعمالها في الميادين العلمية والتكنولوجية، والتشجيع على الترجمة إليها ص3، إن الترجمة يجب العمل بها لا مجرد تشجيعها لأنها في غاية الأهمية من أجل تعريب العلوم التي ما تزال تدرس بالأجنبية، وكذلك بالنسبة للأمازيغية التي يجب البحث من أجل وضع قواعد نحوية لها وتوحيد مختلف اللهجات فيها، وهذا عمل لم يتم إلى اليوم، ولذلك نص الدستور أنه ينبغي توفير الشروط اللازمة لترقيتها “قصد تجسيد وضعها لغة رسمية فيما بعد” ص3، ومن الضروري النص على نوع الحروف التي تكتب بها، ونحن نعتقد أن الحروف العربية أنسب وأليق بها، والتجربة التاريخية برهان على ذلك، فهناك مخطوطات متعددة في الجزائر والمغرب مكتوبة بحروف عربية كما بقيت تكتب بها الفارسية والأوردية والكردية، كما أن ترجمة القرآن التي أنجزها الحاج أخيرا كتبها بالحروف العربية.
وفي المادة التاسعة لا يجوز للمؤسسات أن تقوم “بالسلوك المخالف للخلق الإسلامي وقيم الثورة”ص4، هذه المؤسسات غير واضحة ما هي؟ ثم عبارة “لا يجوز” لا تؤكد منع ذلك وحظره، ولماذا المؤسسات وحدها؟ بل الأفراد والجماعات كلها، يجب أن يكون النص شاملا، ولا يقتصر على المؤسسات وينص على هذا في الفصل الخامس: الواجبات ص12.
وقسم رئيس الجمهورية الوارد في ص14، ينبغي أن لا يقتصر على احترام الإسلام وتمجيده بل ينص هكذا: “احترم الدين الإسلامي وأمجده وأدافع عنه وعن الدستور”
وأما الفصل الثاني: السلطة التشريعية، فإنه لم يرد فيه ما يتعلق بمصدر التشريع، ونحن الجمعية قدمنا اقتراحا للجنة الاستشارة أن يكون الشرع الإسلامي في نصوص القرآن والسنة الثابتة هو المصدر الأساسي للتشريع فلم يعمل به في نص هذا الدستور.
ونقترح اليوم أن ينص في الدستور أيضا أنه لا يجوز أن يشرع قانون مخالف للشريعة في نصوصها القطعية.
فهذا هو الذي يهم الجمعية باعتبارها جمعية وطنية تاريخية رسالتها الدفاع عن مقوم الأمة الأساسي وهو الإسلام واللغة العربية، وقد قامت بذلك في أحلك الظروف وأقساها، في ليل الاستعمار المظلم، وتسلطه التعسفي على كل مقومات الشعب الجزائري تشريعا وتعليما ولغة، وثقافة وتاريخا وإدارة، واقتصادا، ونحن نرجو من البرلمان الذي سيحال إليه الدستور، ومن المجلس الدستوري ومجلس الأمة أن يراعي هذا الاقتراح، وينص عليه في هذا الدستور، وفاء لدين هذا الشعب وقيمه وكفاحه من أجل ذلك.