مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
نشاط المكتب الوطنينشاطات الجمعية

اجتماع المجلس الوطني الثالث للجمعية العامة الرابعة

  انعقد يومي الجمعة والسبت 27/28 ربيع الأول 1437هـ الموافق لـ08/09 2015م،  بمدينة زرالدة في مقر تعاضدية عمال البناء، اجتماع المجلس الوطني الثالث للجمعية العامة الرابعة، تحت شعار:“أداء ووفاء” ، وكان رئيس الجمعية وأعضاء المكتب الوطني في مقدم الحضور، إلى جانب أعضاء المجلس الوطني الذين قدموا من جميع ولايات الوطن، في البداية افتتح الاجتماع بقراءة آيات بينات من الذكر الحكيم، قرأها الشيخ يحي صاري عضو المكتب الوطني  مقرر هيئة الإغاثة، ثم الاستماع للنشيد الوطني وأنشودة شعب الجزائري مسلم، بعدها أعلن الأستاذ زبير طوالبي عضو المكتب الوطني مكلف بالتنظيم عن بدأ أشغال اجتماع المجلس الوطني، وافتتح ذلك بكلمة رحب فيها بالحضور متمنيا أن يتوج هذا اللقاء بقرارات تعزز مسيرة الجمعية، وأضاف الأستاذ طوالبي قائلا: “اننا نريد لدورتنا هذه، ان تكون فضاء للنظام والمصارحة…فلتكن دورتنا هذه فرصة لتجديد الحزم والتعميم، وحافزا لنا على شحذ الهمم..”، وانتقد الأستاذ طوالبي محدودية الانخراط في شعب الجمعية في ولايات الوطن، ورأى أن ذلك يرجع لقلة المجهودات المبذولة من طرف العالمين في هذه الشعب، وأردف الشيخ الزبير:”واسمحوا لي أن أكون صريحاً معكم..وقد عهدناكم تتقبلون النصح..والنقد البناء فقد لاحظنا  عدم التفاعل مع المكتب الوطني واللجنة التنظيمية والرّد على المراسلات، وعدم القيام بمختلف النشطات. وقلة المشاركة وتنظيم الملتقيات..”، كما حرص الأستاذ طوالبي على الترحم على من مات خلال السنة الماضية من أبناء الجمعية، مثل الشيخ محمد الأكحل شرفاء، والشيخ عمار مطاطلة، والأستاذ خالد قويدي، والأستاذ محمد الطاهر الأطرش، والأستاذ نوار جدواني، بعد كلمة الأستاذ زبير طوالبي، جاءت كلمة رئيس الجمعية الدكتور عبد الرزاق قسوم، الذي رحب بدوره بأعضاء المجلس الوطني، وخاطبهم قائلا: ” مرحبا بكم، في رحاب الملتقى الوطني، في دورته الثالثة، هذا التقليد الحسن الذي دأبت عليه جمعيتكم، لنقوم جميعاً بعملية التقييم والتقويم.

إن هذا المجلس الوطني، في اجتماعه هذا، هو فضاء إنساني، وزماني، ومكاني، نحاول من خلاله، أن نقيّم مسيرتنا السنوية، وفي ضوء ما فيها من سلبيات وإيجابيات، نستطيع أن نضع خطتنا السنوية المستقبلية.

لذلك يجب أن تتسع صدورنا، وتتفتح عقولنا للقيام بعملية التشخيص الموجعة، بحيث نغمس أقلامنا، في دماء قلوبنا، لنلون جوانب الضعف، وأماكن النقص التي أتسمت بها مسيرتنا” . وأضاف الشيخ: ” نعتقد أن جمعيتنا العتيدة، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، التي نريدها أن تكون قدوة للجميع، في تنظيمها، وتعليمها، وأدائها، وسلوك علمائها.

يجب أن يسأل كل واحد وكل واحدة نفسه ونفسها، هل الانتماء للجمعية، قد مكن من السمو إلى أداء الواجب الذي تتطلبه هذه الجمعية؟”. وقد اتسمت كلمة الشيخ بشيء من النقد الذي طال بعض المسائل المتعلقة بالعلاقة مع الجمعية، ولم يخف الشيخ هذا النقد بل كان صريحاً في هذه الكلمة” إن جمعية العلماء، يا إخوتي ويا أخواتي، مثقلة بمعاني الواجب والتضحيات، لأنها تواقة إلى المعالي والكمال، وليس لها من سبيل إلى ذلك سوى وعي المؤمنين بمبادئها، الحاملين لثقل أعبائها، البادلين مدادهم، وعرقهم، في سبيل تنميتها وإحيائها.

ولنلتفت إلى الواقع! ماذا نجد؟

إنه، ليس من جلد الذات، القول، بأنه بالرغم من كل الجهود المبذولة من بعض الشُعب الولائية والبلدية، فإن معظم الشُعب، لم نهب عليها نسائم الجمعية، ولا يستيقظ إلا في المناسبات القليلة، كاجتماع المجلس الوطني.

فلا يزال الكثير من مواطنينا لا يسمعون بالجمعية، بعد سنين عديدة من وجودها. ولا يزال الكثير من المثقفين، يجهلون وجود البصائر أو الشاب المسلم، وهذا وخز لضمائرنا، وإخلال بوعينا، يجل أن يحاسب أنفسنا عليه.

إن هذا كله يعود إلى الخلل التنظيمي الذي نعانيه محليا ووطنيا، وأنتم المسؤولون عنه، فإذا استنطقنا الإحصائيات الدقيقة، تبين لنا، أن تواجد أو حضور الجمعية على مستوى البلديات، لا يتجاوز نسبة 25% من العدد الإجمالي للبلديات، بمعنى أن 75% من بلديات وطننا، لا وجود لجمعية العلماء فيها.”، وأضاف الشيخ قائلا: “وكمثال على ذلك، أنا عائد من ملتقى وطني، عقد بجيجل، عن العالم الجليل الشيخ محمد الصالح بن عتيق، وهو من فطاحل جمعية العلماء، والصاحب بالجنب لابن باديس، هل يعقل أن يكون الغياب المطلق لشعبة جمعية العلماء في هذا الملتقى الذي هو ملتقى الجمعية؟.

إن هذا الغياب، يعكس مدى التفاوت بين الولايات من حيث انتشار الجمعية، ذلك أن بعض الولايات استطاعت تغطية نسبة 40% إلى 50% من البلديات، في حين أن بعض المكاتب الولائية، لم يتجاوز إنجازها أكثر من 10%. يكمن الخلل؟”، كما لاحظ الشيخ أن الوقفة التضامنية التي أقامتها الجمعية نصرة للقدس لم تأخذ نصيبها من اهتمام هذه الشعب، وهو خلل كبير كما يرى الشيخ وقال الشيخ: ”

لقد تجلى هذا واضحاً في ملتقى الوقفة التضامنية مع القدس، حيث سجلنا غياباً كلياً، لشُعب فاعلة في الساحة، كشُعبة غليزان، وشعبة الواد، وشعبة قالمة، وغيرها من الشُعب.

إلى هذا الخلل، المكاني، نضيف الخلل الإنساني من حيث نسبة الانخراط في الجمعية، إذ يبدو ضعيفاً جداً، على مستوى الشُعب البلدية والمعدل الوطني لذلك، دل على أنه لا يتجاوز 15 عضواً…”، وتوقف الشيخ في كلمته أمام أهم المسائل التي تحتاج إلى الفعالية والاجتهاد، حتى تتمكن الجمعية من متابعة مسيرتها الإصلاحية الحقيقية، دون أن ينسى أهم الأحداث التي تعرفها بلادنا وختم الشيخ كلمته  قائلا: ” إنّه للتّصدي لكلّ هذه التّحديات، والقيام بكلّ هذه الأعباء، يجب تقوية الصفوف في جمعيتنا وإعادة النّظر في أسلوب عملنا، وقوّة تجنيدنا، ومن هنا لابدّ من السّموِّ عن بثّ البلبلة والشائعات، والاعتماد على العلماء والعالمات، المؤمنين والمؤمنات، بميادين الجمعية، وإنّه ليعزّ علينا أن نلاحظ تحلّل البعض من مسؤولياتهم، وتخّليهم عنّا ولا تنقصهم الكفاءة ولا الحزم ولا العزم.”

(اقرأ الكلمة كاملة ضمن ملف التغطية)، ثم اقترح أعضاء مكتب تسيير الدورة، وبعد أن قرأ رئيس مكتب التسيير أسماء المكتب الوطني المعدل، بدأ التصويت على القائمة المقترحة من السيّد رئيس الجمعية، والتي صوت عليها بـ”نعم” 92 عضوا، بينما صوت بـ“29” عضوا، وامتنع عن التصويت 25 عضوا، ثم رفعت الجلسة لصلاة الجمعة ووجبة الغداء، وفي المساء وبعد صلاة العصر عرض الأمين العالم الدكتور صالح دجال التقرير الأدبي، ثمَّ فتح المجال للنّقاش من بعض الأعضاء، وبعد صلاة العشاء ووجبة العشاء، بدأت أعمال اللجان، والتي تواصلت حتى اليوم الثاني من أشغال هذا الاجتماع.

شهدت أشغال المجلس الوطني في يومها الثاني عرض تقارير الولايات التي تقرّر في المكتب الوطني في اجتماعه الأخير أن يقدمها المراقبون العامون (مراقب الغرب ـ ومراقب الشرق ـ ومراقب الوسط ). وإذ تأخر مراقب الشرق عن الحضور فقد قدم مراقب الغرب، ومراقب الوسط تقارير ولايات الجهتين على تفاوت الغربية بإجمال أهم الملاحظات التي مثّلت خلاصات التقارير والتي أبرزت الحاجة إلى المزيد من العناية بالعمل في الجمعية، وتكثيف التنسيق، ودعم الجهود المبذولة القائمة في أرض ا لواقع؛ خاصة في مجالات: التربية والتعليم، الدعوة والإرشاد، العمل الاجتماعي، حرصا على تجاوز النقائص والمعوّقات وتحقيقا للمنشود من الأهداف، مما تهفو إليه النفوس والقلوب في هذه الجمعية الجامعة .

وبمناسبة الحديث عن النقائص التي لا يخلو منها عمل إنساني، في أي مجال كان، فقد تبين من مجمل ما قُدم من العروض والمداخلات والتعقيبات والتوضيحات التي سادت أعمال الجلسات، والتي -والحق يُقال – كانت فضاء واسعا للحوار والنقاش الجاد، مع اختلاف في وجهات النظر واختلاف في  تقدير الأمور..تبيّن أن العمل التنظيمي والإداري ما يزال في حاجة إلى التعزيز والترسيخ، وهو ما عبرت عنه توصيات لجنة التنظيم فيما يتعلق بـضرورة تجديد الشعب الولائية والبلدية واستكمال آجال ذلك في زمن منظور ومقدر(معين ومحدد )، مع أهمية المتابعة بإرسال التقارير من الشعب الولائية إلى المكتب الوطني دون تأخر، لضبط رزنامة النشاطات ووضع البرامج المناسبة حسب حال كل شعبة .

وبعد تقديم  العروض والتقارير والنقاش تم عرض التقرير المالي الذي قدمه الأستاذ نورالدين رزيق أمين مالية الجمعية، وكان عرضا مختصرا ودقيقا، جاء فيه على ذكر كل الوقائع المتعلقة بالسنة المالية بين ديسمبر 2014 ـ إلى نوفمبر 2015، مع توضيحات لكل الأمور الخاصة بالايرادات والمصروفات والنفقات مما يمثل الحصيلة المالية للجمعية، والتي هي ضعيفة بالقياس إلى هيئات وجمعيات أخرى، وهي لا تتناسب مع أعمال الجمعية وبرامجها والحقول المتنوعة الكثيرة التي تعمل وتنشط فيها الجمعية مما دعاه -أي أمين المالية – إلى الدعوة والطلب من الدعاة والعلماء الحاضرين أن يجتهدوا في ابتكار وإيجاد الوسائل والطرق التي تسمح بدعم الجمعية بالمال الذي هو عصب الحياة ووسيلة العمل. وكان سبق لرئيس الجمعية في كلمته الافتتاحية أن أشار إلى ذلك وطالب السلطات بحق الجمعية من المال العام؛ لأنها جمعية عامة ناصحة مجتهدة، تشهد الساحات والميادين العملية على جهود أبنائها و بناتها. وهي لذلك تستحق -عن جدارة – الوقوف إلى جانبها ودعمها وتخصيص اللازم من الدعم المستحَق مالا وعقارا (مقرات ـ قاعات ـ …) للجمعية لمتكينها من أداء واجباتها على النحو المطلوب.

وقد حفل التقرير المالي بأرقام دقيقة بالسنتيم عن كل ما صُرف في مجالات عدة، مما شهدتُه السنة المالية المنصرمة، في كل ما هو نفقات خاصة بمقر الجمعية، وجريدة البصائر، والملتقيات واللقاءات والاستقبالات الخ .

وخلاصة التقرير أن الجمعية في حاجة إلى تعزيز العمل على هذا المستوى توفير الأموال الضرورية لسير أعمالها سيرا حسنا، وأن من واجب الجميع -في المجلس الوطني وفي الجمعية ككل – أن يهتمّ بهذا الأمر، ويتعاون مع الهيئات والمؤسسات وأهل الخير والإحسان لإنجاز برامج الجمعية وفعالياتها المختلفة بالتعاون، وهو ما تم مثلا في ملتقى الشيخين، وفي الجامعة الصيفية الثانية. وهنا يجب تقديم الشكر لأهل الفضل، في أي موقع كانوا، والذين يكنّون للجمعية كلّ التقدير ولا يدّخرون جهدا في سبيل دعم الجمعية، فجزاهم الله كل خير .

 

انعقاد المجلس الوطني الثالث (الجمعية العامة الرابعة) بالرغم من الملاحظات التي يمكن تسجيلها بشأنه، سواء ما كان  منها إيجابيا وهو كثير، أو سلبي وهو أيضا غير قليل..بالرغم من ذلك فإن انعقاده في الوقت (غير المناسب بالنسبة لكثيرين) كان حدثا يستحق التقدير لكل الذين تجشموا عناء الحضور ومن أماكن بعيدة ، وفي ظروف عمل وارتباطات والتزامات…وتعزيزا لروح التحسين والتطوير والنقد البناء أسجل  الملاحظات التالية :

  • إنه مهما كانت الالتزامات والارتباطات والظروف فإن حضور لقاء سنوي في جمعية كجمعية العلماء ينيغي أن يُنظر إليه كالتزام أعلى وأسمى، لأنه تترتب عليه نتائج مهمة وكبيرة ، بحسبان أن المجلس هيئة تملك القرار، وقد تستدعي الحاجة إلى اتخاذ قرارات هامة فينبغي لعضو المجلس أن يقدر جسامة المسؤولية في هذا الشأن الكبير، وينظر إلى حضوره كواجب ديني وأخلاقي. ومن ثمّ يمكن تجاوز كل الاعتبارات الأخرى.
  • إنّ الحضور لمن حضر، في المجلس، يحسن أن يكون حضورا حقيقيا، حضور مساهمة وعمل واجتهاد، وليس مجرد حضور “مادي ـ جسمي”. فهناك الكثير من الورش المفتوحة، بل هناك الكثير من التحديات الكبرى التي تواجهنا جميعا في الجمعية وخارج الجمعية، ويحسن أن يكون اللقاء فرصة حقيقية لتدارس ومناقشة وفحص وتمحيص الكثير من القضايا ذات الشأن وذات التأثير على الجمعية، إيجابا وسلبا. وربّ فكرة تقود إلى مشروع حيوي دعوي وخيري من خلال البسط والكلام والنقاش؛ حتى خارج إطار الجلسات الرسمية. فلا يحسن، وغالبية أعضاء المجلس دعاة وخطباء وأساتذة وخبراء ومهتمون بالشأن الديني والتربوي والحضاري أن يكون حضورهم باهتا عاديا يمر مر السحاب. وربما كان من نقائص جلسات المجلس عدم وجود فقرات معرفية أو تحسيسية أو توجيهية تدفع إلى الاشرئباب نحو أفق أعلى طموحا واجتهادا، ولكن في إمكان الإخوة أن يطرحوا ويبادروا بما فيه خير وفائدة. فالمؤمن كالغيث ..
  • حضور الشباب والمرأة كان متواضعا جدا، بالرغم من أن القوانين تضمن نسبة عالية لكليهما من حيث العدد ومن حيث “النوعية ” أيضا. وأتصور أنه من الضروري أخذ هذا الأمر مأخذ جد ودراسته بما يعين على تجاوز هذا الحضور النسبي القليل، فالشباب في الجمعية موجود بشكل واضح وملموس، والمرأة حاضرة بقوة في كل الولايات. ومن الأهمية بمكان أخذ هذا المعطى في الاعتبار مستقبلا. وهذا عمل الشعب، عندما تعمل بجد وانفتاح على المجتمع بكل فئاته .
  • وإن قلّ -هذا العام – التجوال خارج قاعة الجلسات، مقارنة بمناسبات سابقة، فإن الحديث الجانبي في القاعة نفسها، والحديث بالهاتف، شوّش على الحضور المتابعين وأساء بشكل ما إلى من كان ذلك صنيعهم طول الوقت. وإنه لأمر ممجوج بالكلية وسلوك غير طيب بالمرة أن يهمل الجالس ما يجري أمامه، ولا يتابع المتحدث، ويتهامس مع زميل أو صديق وأحيانا بصوت عال في شأن غير ذي صلة إطلاقا، أو في نقد و”غيبة”…إن المظنون أن الحاضرين نخبة المجتمع فما بال البعض ينسى نفسه ..إلى هذه الدرجة.
  • من النقاط الرائعة في مجلس هذا العام ارتفاع سقف النقد، والتعبير الصريح الصادق عن الرأي والرأي المخالف، وهو ما ذكرنا بما كتبته صحيفة وطنية (الخبر) عن المجلس السابق حيث ذكرت “ارتفاع سقف الحوار والتشاور والديمقراطية في فضاء أم الجمعيات “. شيء نفخر به حقا أن تختلف ولكن بأدب، أن نختلف ولكن مع المحبة والاحترام، أن نحتكم إلى التصويت ونحترم نتائجه، ونعبر لبعضنا عن الاحترام والتقدير. وأن يد الله مع الجماعة.

حسن خليفة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى