غير مصنف
للعقلاء فقط..! بقلم الشيخ كمال أبو سنة

لا شك أن الوضع في الجزائر في هذه المرحلة يبعث على الكثير من القلق لأن المتابع لا يحتاج إلى كثير عناء ليدرك أن هناك انسدادا سياسيا بين السلطة والمعارضة، واختلافا بيِّنا بين الموالاة والمعارضة، والشعب في هذه المعادلة خائف يترقب..!
إن الحوار الحقيقي بين مختلف شرائح العمل السياسي في بلادنا بعيدا عن النرجسية الحزبية والفرعونية الطاغية هو المفتاح لحل أهم المشكلات الحساسة في السياسة والاقتصاد والقضايا الاجتماعية وغيرها من المسائل المطروحة..وذلك ضمان لعدم دفع التكاليف الباهظة التي دفعتها بعض الدول المجاورة والشقيقة حين غاب الوعي بخطورة الأوضاع في الواقع، وتحكمت في صُنّاع القرار وشركاء الوطن الأنانية وتقديم المصالح الذاتية والحزبية والطائفية على حساب مصلحة البلاد والعباد..!
تحتاج الجزائر في هذه المرحلة إلى “قيادة رشيدة” نابعة من اختيار شعبي حر، تملك منظومة سياسية واقتصادية واجتماعية تنهض بالوطن، وتدفعه في هذا البحر المتلاطم بأمواج التحديات الكبرى، والفتن ما ظهر منها وما بطن، إلى شاطئ الأمان، فيخيب بذلك فأل الخصوم، وأمل الأعداء، في الداخل والخارج..!
إن الاتفاق بين شركاء الوطن، على المستوى الفوقي والتحتي، على الخطوط العامة للخروج من الأزمة الحالية التي يحاول بعضنا التقليل من خطورتها لحاجة في نفسه هو الخطوة الأولى التي يجب أن تتلوها خطوات أخرى شجاعة لوضع قطار الجزائر على السكة الصحيحة للتوجه نحو التنمية الشاملة التي توفر للمواطن والوطن العزة والكرامة والقوة التي تحرسه من كل المخاطر، وأشدها المخاطر الخارجية، لأن عين أعداء الجزائر ترقبها وتتهيأ لتضع رجلها على أرضها، وتتحكم يدها بمقدراتها المادية في البر والبحر..!
إن التغيير سنّة اجتماعية لا مفر منها، ومطلب جماهيري عام، ولكن نريده تغييرا عاقلا وحكيما، مضبوط العاطفة، لا يسعى إلى تهديم البناء كله على الرؤوس، وإنما نريده تغييرا يصلح ما أفسده المفسدون، ويُكمل ما أصلحه المصلحون، ويبتغي الأفضل في إطار العدل والمساواة واحترام هُوية الجزائر الخاصة، والمبادئ التي ضحى من أجلها رجال من أبناء هذا الوطن صدقوا ما عاهدوا الله عليه..!
إن الفرصة في هذا الوقت ما تزال متاحة ليجتمع أبناء الوطن الواحد على مائدة الحوار لتشكيل خارطة طريق متفق عليها، يشهد عليها الشعب، تجنب البلاد والعباد تجارب بعض الأشقاء الذين ألغوا من أجنداتهم لغة الحوار، وركن صناع القرار فيها إلى أهوائهم الشيطانية، وحرصوا على مصالحهم الذاتية على حساب المصلحة العامة، فرفض بعد ذلك المتخاصمون قبل أن تقع الواقعة أن يجمعهم السلم والنعماء، فشتتهم الحرب واللجوء، وحولتهم إلى لقمة سائغة في فم العلج بن العلج، يحكم فيهم بحكمه، ويقضي بينهم بقضائه، ويقرر مصائرهم كما يشاء، فيرضخون، بعد لف ودوران، وأخذ وعطاء، كارهين ساخطين مرة، ومذعنين غير راضين مرة أخرى..!