مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراءقضايا الأمـــة

المادة 66 خيانة اقتصادية مبرمجة بقلم أ.د فارس مسدور

مسدور أ.د فار مسدور

  نصت هذه المادة المشئومة على أن: “المؤسسات الاقتصادية التي تنجز عمليات لفتح الرأسمال الاجتماعي إزاء المساهمة الوطنية المقيمة، الاحتفاظ بنسبة 34 % من مجموع الأسهم والحصص الاجتماعية”. لما قرأت هذه المادة فهمت التهويل الصاخب الذي مارسته الجهات الرسمية بغية إقناعنا بأننا في أزمة خطيرة وأنه علينا أن نجد الحلول الجذرية حتى لا تعود هذه الأزمة إلى البروز من جديد، فما كان منهم إلا أن ركزوا على فكرة الرفع التدريجي للدعم كحل اقترحه أو أملاه منتدى رجال الأعمال الجزائريين على الجهات الرسمية وركز عليه كثيرا حتى لا نتنبه إلى الإملاء الآخر المتمثل في المادة المشئومة أعلاه وهي أخطر مادة منذ الاستقلال في قوانين المالية، ذلك أن المقترِح لها هي فئة المافيا الاقتصادية في الجزائر والمصوِّت لها رغم رفضها من طرف لجنة المالية بالبرلمان هم البرلمانيون الموالون.

  ثم الأعجب أنه رغم رفض لجنة المالية يأتي وزير المالية ويقول سأستخدم صلاحياتي في اعتماد هذه المادة حتى لو رفضها البرلمان، المهم لا تضيع مصالح من حاول من وراء الستار فرضها بالإكراه على نوابه والنهاية المؤلمة في البرلمان كانت التصويت بالأغلبية على قانون ملغم يعتبر قنبلة نووية موقوتة ستنفجر ولو بعد حين، وبوادر ذلك واضحة بشكل كبير.

  عندما يفتح رأسمال المؤسسات العمومية الكبرى والمتوسطة بما لا يقل عن 66 بالمائة من أسهمها فإننا حقا أمام خطة محكمة وخطيرة لبيع الاقتصاد الوطني للقطاع الخاص الجشع ومنهم إلى الأجانب، ذلك أن هؤلاء الفاسدون من رجال المال لن يجدوا حرجا مستقبلا في التنازل عن أسهمهم للشركات الأجنبية لأن الوطنية الاقتصادية غائبة عنهم تماما والدليل تهربهم من دفع الضرائب، وهذا الأمر نكاد نجزم به، لأن هؤلاء الفاسدون هم من ضخم الفواتير وأنشأ مشاريع لا تخضع للمعايير بل أن منهم من يصرح ويقول: أنا لا أستخدم أموالي تماما في المشاريع إنما أستخدم أموال البنوك، ونحن نعلم أن أموال البنوك هي أموال الشعب.

  إن تطبيق هذه المادة المشئومة هو خيانة عظمى للاقتصاد الوطني ولمكاسب ثورة نوفمبر، ذلك أننا رأينا من قبل كيف أننا في التسعينات قمنا بخوصصة غير مدروسة لمؤسساتنا العمومية وتنبهنا فيما بعد أننا دمرنا نسيجنا الصناعي وخسرنا مؤسسات كانت أصلا ناجحة وقمنا ببيعها بطرق مشبوهة بالدينار الرمزي للعمال والخواص وتسببنا في ضياع فرص اقتصادية كان يمكن لو أننا أحسنا إدارتها لكانت اليوم قوة اقتصادية في البلد تغنينا عن استنزاف ثرواتنا في مستوردات غير صالحة وغير نافعة للأمة.

  إن التاريخ لن يرحم أولئك الذين أرادوا بيع سوناطراك وهي المؤسسة العظيمة التي حملت على عاتقها حمل الاقتصاد الوطني في وقت الشدة والرخاء، وهي المؤسسة التي كانت وسيطا في خروجنا من أزمة مديونيتنا، غير أنه رغم النهب والسلب الذي تعرضت له سوناطراك إلا أنها أنقذت الاقتصاد الجزائري، فيأتي اليوم شرذمة من الفاسدين يريدون أن يفرضوا على الدولة بيعها عن طريق فتح أسهمها ليصبح الاقتصاد الوطني رهينة في يد الفاسدين الذين دمروا اقتصادنا من قبل وسيقبلون على تدميره إن نحن قمنا بفتح رأسمالها على القطاع الخاص وعلى الأجانب.

  إن المادة 66 المشئومة (غير البريئة) لا تصلح إلا إذا تم تفصيلها واستثناء ما يجب استثناؤه من مؤسسات إستراتيجية أو أنها تقتصر على مؤسسات جديدة كاملة متكاملة يستحدثها القطاع الخاص، ولذا فإننا نرى أن هذه المادة أمام عدة احتمالات:

  1. إلغاؤها بشكل كامل، والتخلص من الشبهة الفاضحة والواضحة التي تكاد تعصف بما تبقى من مؤسسات عمومية حاملة لعبء الاقتصاد الوطني.

  2. وتعويضها بمادة فتح الاقتصاد الوطني على الشراكة الحقيقية في مشاريع جديدة توسع من دائرة الاستثمار.

  3. تفصيل هذه المادة لتكون واضحة وتستثني مؤسساتنا العمومية الاستراتيجية من فتح رأسمالها.

  4. أن يفتح رأسمالها للشعب الجزائري عامة بعيدا عن القطاع الخاص، ويتملك الشعب الجزائري أسهمها.

  5. أن يفتح رأسمالها على المؤسسات العمومية والقطاعات العمومية الناشطة في الساحة الاقتصادية فيكون قطاع عمومي مع قطاع عمومي ونضمن عدم بيعها لسفاحين اقتصاديين جشعين فاسدين.

  المهم في كل الأحوال والظروف لا يسمح للخواص الحاليين تملك أسهم مؤسساتنا الاستراتيجية، خاصة أولئك الذين انتشرت نتانة الفساد منهم وأدركنا أنهم خطر على الجزائر وأمنها الاقتصادي والاجتماعي.

  وفي الأخير نقول للقائمين على وزارة المالية: إن الجزائر ليست للبيع، وليست في حالة مزرية لتبيعوا مؤسساتها العمومية، إننا بحسابات بسيطة أثبتنا أن الجزائر الحالية تملك ما لا يقل عن 400 مليار دولار في الداخل والخارج، فعار عليكم إذا فعلتم ما يملى على البعض منكم من طرف أشخاص مشبوهين لا هم لهم إلا تخريب ما تبقى من مؤسساتنا العمومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى