غير مصنف
أخطاء المسلمين بقلم د أحمد الرفاعي شرفي رحمه الله
عبارة المسلمون تعني في الثقافة الحديثة، مجتمعات المسلمين، وشعوبهم، وأنظمتهم السياسية ودولهم، وتشمل أيضا الأقليات الإسلامية في المجتمعات غير الإسلامية.
إن معنى هذه العبارة “المسلمون” اليوم، لا يقتصر على الجانب البشري وحده، بحيث يعني مجرد الإيمان بالدين الإسلامي كما كان الأمر قبل انحطاط أوضاع المسلمين، وإنما صارت عبارة “المسلمون” تعني أيضا: وضعا متيمزا بكثير من السلبيات والنقائص المادية والمعنوية، ومن ذلك ما يعاني منه المسلمون من أزمات ومشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية وحضارية شاملة.
إن هذا المعنى السلبي المغاير والمتناقض مع معنى خيرية الأمة الإسلامية ،ينحدر إلينا من تاريخ تضمن الكثير من الأخطاء التي وقع فيها المسلمون بصفتهم امة متميزة عن غيرهم من الأمم،أخطاء سياسية واجتماعية وغيرها،مازال كثير من المسلمين غير مقتنعين بجدوى الحديث عنها .
إن إصلاح واقع المسلمين وتامين مستقبلهم الاجتماعي متوقف أساسا على مراجعة أخطاء التاريخ ونقدها، وتصحيح النظرة إليها والى مفاهيمها وموازينها وذلك وحده ما يمكن المسلمين من تجديد وإصلاح مفاهيم الواقع وتصحيح قيمه ويرجع ذلك إلى الأسباب التالية :
الأول : أن المسلمين في الواقع امتداد لتاريخهم في مفاهميه وقيمه ومثله وموازينه، كما أن سلبيات واقعهم تمثل النتيجة الطبيعية والحتمية للأخطاء المشار إليها ،والتي سنوضح بعضها لاحقا إن شاء الله كمثال لهذه الملاحظات .
الثاني :إن الأخطاء التاريخية المشار إليها ، مازالت قيمها ومفاهيمها موازينها ومثلها تؤثر في واقع المسلمين بقوة ،كما سيتضح ذلك فيما بعد بحول الله وعونه لذلك فان الدعوة إلى مراجعة أخطاء التاريخ ليست هروبا من الواقع ولا رجعية ذهنية ،وإنما هي منهج يقتضيه التصحيح التوضيح والتأصيل.
الثالث :إن أوضاع المسلمين المعاصرة لا يمكنها آن تبقى على ما هي عليه من أخطاء وجمود،كما لا يمكنها أن تصلح وتستقيم دون مرجعية أصلية وصحيح ونزيهة وموضوعية تعيد للمسلم ثقته بنفسه وقيمه ومفاهيمه ومثله، ذلك ما يتطلب مراجعة كل الأخطاء التاريخية للأمة الإسلامية .الرابع :أن المسلمين بالرغم مما تبين لهم من أخطاء من كتبوا عن تاريخ المسلمين تجاه القديم أو الحديث من المستشرفين وغيرهم ،ومع ذلك فان موقفهم لم يتجاوز بعد الرفض لأخطاء المؤرخين غير المسلمين مع التبرير غير المقنع لكثير من الأخطاء، يحجج:التأمير والكيد وغير ذلك من الحجج الضعيفة، بينما المطلوب علميا وحضاريا هو أن نكتب نحن المسلمين عن أخطائنا بشجاعة ومنهج، بحيث لا نتردد ولا نتهيب من الحديث عن أخطائنا التاريخية بأسبابها أو تزييف .
تلك هي الملاحظة الأولى لهذا المدخل.
أما الملاحظة الثانية، فتمثل في توضح الغاية من إثارة هذا الموضوع في الوقت الذي يعاني فيه واقع المسلمين من العديد من المشكلات والأزمات الحساسة .هل همي الهروب إلى الأمام والى التاريخ؟
في تصوري ليس الأمر كذلك وإنما يتعلق الأمر بالبحث عن الوسيلة الأمثل للحديث عن قضايانا ومشاكلنا بموضوعية ونزاهة وعلمية وأعنى خاصة التحاور بمفاهيم مشتركة غير اتهامية ولا اقصائية ولا جاهزة، ومادام الواقع المعيش وتحديد أسبابه ومنهج الخروج منه هو محل الخلافة والنزاع والصراع بين شركاء الساحة الاجتماعية الوطنية،فمن الممكن إذن البدء بالحديث عن التاريخ المشترك والأخطاء المشتركة دون حسابات الموقع والمكسب، ومن يستفيد أولا يستفيد، وبعد ذلك يصبح الحديث عن الواقع المشترك ممكنا بموضوعية ونزاهة وبعد نظر وواقعية .
الملاحظة الثالثة والأخيرة، هي أن هذه التصورات ليست رأيا جاهزا في التاريخ أو الواقع أقدمه للقارئ وإنما هي اهتمامات تبحث عن اليقين في قضايا مصرية .
يبدو لي أن من اكبر أخطائنا التاريخية، أننا قللنا من قيمتها وأهميتها وبخاصة حقنا كمواطنين في اشاعتها كحق وواجب أيضا لتختفي من أذهاننا صورتا:المفهوم الحياتي الجاهز وغير القابل للمناقشة والتغيير، وصورة الإنسان غير القادر على الوعي الذاتي والموقف الذاتي تعبيرا عن حياته ووجوده .
فمن هذا المنظور ،فان هذه الملاحظات تتضمن دعوة إلى الاهتمام العلمي النزيه وغير المقيد بقضايانا ومشاكلنا التاريخية او المعاصرة .
أما ما اعنيه بالأخطار التاريخية للأمة الإسلامية فأنني اعني خاصة ثلاث قضايا أساسية :
مؤسسات الدولة ووظائفها وسلبياتها .
البنية الاجتماعية وصلتها بالدولة .
ج- وضع المعارضة في الدولة الإسلامية .