لم يكتب الله الخلود على أحد من خلقه، حتى أصفياءه منهم، فلو كان حي في الحياة مخلدا لكان النبي، صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس الحي بخالد، فالموت رغم مرارته كأس سيذوقه كل الناس، وإن الدنيا ستؤول إلى الزوال كما قال المتنبي:
وماأحد يُخلّد في البرايا
بلالدنيا تؤول إلى الزوال
وقال ابن الصلت:
منلم يمت عَبْطة يمت هرما
للموتكأس والمرء ذائقها
وهاهو الأستاذ نوار جدواني بعد أزيد من سبعين سنة قضاها في هذه الدنيا يغادرنا في “نوفمبر”شهر الثورة التي التحق بها في أيامها الأولى، وهو في ريعان الشباب، قد ترك خلفه مقاعد الدراسة في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس، وهو مقبل غير مدبر، ليؤدي واجبه، كاملا غير منقوص، في تحرير الوطن من احتلال بغيض، ثم بعد التحرير ليعتلي جواد التنوير فارسا في ميدان التعليم أستاذا قديرا، وفي ميدان الإصلاح مصلحا خبيرا، وفي ميدان الثقافة مثقفا أصيلا، وفي ميدان التراث شاهدا دليلا…