قضايا الأمـــة
دليلك إلى المسجد الأقصى المبارك .. الفهم الصحيح والوعي الرفيع إعداد الشيخ يحي صاري
موقعه:
يقع المسجد الأقصى على تلة نت تلال مدينة القدس الأربعة الواقعة عليها المدينة المسورة.
حدود المسجد الأقصى الحقيقية تكشف الحقائق وتبطل الأغاليط:
أيها القارئ الكريم إن المسجد الأقصى المبارك ليس هو قبة الصخرة ولا المسجد القبلي فقط، هو: “كل المساحة المسوَّرة الواقعة داخل البلدة القديمة بمدينة القدس الشريفة بشكل شبه مستطيل“.
مساحته:
يمتد المسجد الأقصى المبارك على مساحة تبلغ حوالي 144 ألف متر مربع، ويحتل نحو سدس مساحة القدس الـمُسوّرة، وهو على شكل مستطيل غير منتظم، طول ضلعه الغربي 491م، والشرقي 462م، والشمالي 310م، والجنوبي 281م.
وسوره الشرقي متحد مع سور مدينة القدس، وكذلك أكثر من نصف سوره الجنوبي من الجهة الشرقية للقدس.
ويحصل أجر مضاعفة ثواب الصلاة لكل من صلى في أي موضع داخل هذه المساحة، لحديث أبي ذر- رضي الله عنه- قال: (تذاكرنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيهما أفضل: أمسجد رسول الله أم بيت المقدس؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شَطَن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا. قال: أو قال خير من الدنيا وما فيها)[أخرجه الحاكم ووافقه الذهبي].
عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ -رضي اللهُ عنهما- أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: (لمَّا كَذَّبَني قريشٌ حينَ أُسْرِيَ بي إلى بيتِ المَقْدِسِ؛ قمتُ في الحِجْرِ، فجَلّا اللهُ لي بيتَ المَقْدِسِ، فطَفِقْتُ أُخْبِرُهُم عن آياتِهِ وأنا أَنْظُرُ إليهِ).
آيات بيت المقدس ومعالمه:
وآيات بيت المقدس: علاماته وأوضاعه وأحواله:
يتكون المسجد الأقصى المبارك من مجموعة من المعالم والأبنية والقباب والمحاريب والمساطب والسبل والآبار يبلغ عددها حوالي (200) معلما تاريخيا، ويعتبر المسجد الأقصى من المساجد القليلة في العالم التي تحتوي على هذا الكم الهائل من الملاحق والمعالم والأبنية والمدارس والقباب ودور العبادة والاعتكاف، مما يدل على:
– أهميته ومكانته وتاريخه الحافل.
– العمارة الدؤوبة والعناية الفائقة، التي أولاها له المسلمون على مر السنين.
– كثرة الزائرين والمجاورين من العلماء والصالحين والجنود والمرابطين.
وأهم هذه المعالم:
– قبة الصخرة المشرفة: وهي المبنى الثماني ذي القبة الذهبية، وتقع في موقع القلب بالضبط بالنسبة إلى المسجد الأقصى المبارك، أي أنها تقع في وسطه إلى اليسار قليلاً، وسميت بهذا الاسم نسبة للصخرة المشرفة التي تقع داخل المبنى، وتعتبر حالياً مصلى النساء في المسجد الأقصى المبارك.
– الجامع القِبْلي: (بكسر القاف وتسكين الباء) وسمي بهذا الاسم لأنه يقع في الناحية الجنوبية من المسجد الأقصى المبارك أي ناحية (القِبلة)، ويعتبر المصلى الرئيسي لصلاة الرجال في المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام، ومكان صلاة الإمام.
– المصلى المرواني: الواقع تحت أرضية المسجد الأقصى المبارك، في الجهة الجنوبية الشرقية، وبني في الأساس ليكون أساساً لتسوية الأرض واستعمل كمستودع، وهو المكان الذي حوله الصليبيون إلى إسطبل للخيول.
– الأقصى القديم: ويقع تماماً تحت الجامع القبلي، وبني في العهد الأموي ليكون في الأساس مدخلاً للمسجد الأقصى المبارك من القصور الأموية التي كانت تقع خارج حدود المسجد الأقصى المبارك من الجهة الجنوبية.
– مسجد البراق: الواقع عند حائط البراق.
– سبيل قايتباي، ومجموعة السبل والآبار الكثيرة حول الأقصى المبارك.
– المدرسة الأشرفية، والمدارس الكثيرة حول الأقصى المبارك.
– القباب: مثل القبة النحوية وقبة المعراج وقبة النبي والأرواح والخليلي وغيرها..
وغير ذلك من المعالم الكثيرة المتنوعة من محاريب وآبار ومآذن وغيرها، إلا أن المجال لا يتسع خلال هذه الجولة التعريفية السريعة بالأقصى للحديث عنها بالتفصيل.
المسجد الأقصى: والذي سمى المسجد الأقصى المبارك بهذا الاسم هو رب العزة والجلال سبحانه وتعالى في القرآن الحكيم، وذلك في الآية المعروفة:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
بيت المقدس: وهذا الاسم هو الاسم الذي كان متعارفا ًعليه قبل أن تطلق عليه التسمية القرآنية المعروفة اليوم، وفي معظم أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي ذكر فيها المسجد كان يقول: (بيت المقدس).
– ومن ذلك مثلاً ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في حديث الإسراء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَـ قَالَ: (أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، فَرَكِبْتُهُ فَسَارَ بِي حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُ الدَّابَّةَ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ دَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ … إلى آخر الحديث).
لاحظ الضمير في كلمة (فيه) فهي عائدة على كلمة (بيت المقدس)، وبالتالي فالمقصود من كلمة (بيت المقدس) في الحديث الشريف هو المسجد الأقصى المبارك.
– حديث بناء سيدنا سليمان -عليه الصلاة والسلام- للأقصى المبارك: حيث روى النسائي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خلالاً ثَلاثَة..) (ورواه ابن ماجه).
– وعند أحمد في مسنده عَنْ ذِي الأصَابِعِ قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ).
البيت المقدس: هو اسم آخر للمسجد مأخوذ من الاسم السابق (بيت المقدس) ومقصوده تبيان الميزة لهذا المسجد كما أن اسم (المسجد الحرام) في مكة المكرمة يبين ميزته الأساسية وهي (الحرمة) فإن هذا الاسم يبين ميزة أساسية لهذا المسجد المبارك وهي: (القدسية)، والتقديس رفع المنزلة. ولذلك فهو مسجد رفيع المنزلة بدرجة كبيرة جداً عند رب العزة سبحانه وتعالى.
وذكر هذا الاسم الإمام ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- في بيتين من الشعر قالهما عند زيارته للمسجد الأقصى المبارك:
إلى البيت المقدَّس جئت أرجو جِنانَ الخُلدِ نُزلاً من كريـــمِ
قطعنا في محبته عِقابــاً وما بعد العِقابِ سوى النعيــم
المسجد الأقصى المبارك في السُنّة النبوية الشريفة:
– روي عن أبي ذر أنه قال: قلتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلاً؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ. قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الأقْصَى. قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً..)(البخاري ومسلم).
– وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى)(البخاري).
– وروي عن أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- أنها سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّر أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ)(أبو داود).
– وروى أبو الدرداء قولَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة)(الطبراني).
– عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَال: (اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ…).
– عَنْ ذِي الأصَابِعِ قَال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ).
– عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: تذاكرنا – ونحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم– أيهما أفضل: أمسجد رسول الله أَم بيت المقدس؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى هو، وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن* فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا جميعا). قــال: أو قال (خير له من الدنيا وما فيها)(أخرجه الحاكم).