هل تكون الزكاة مخرجا لأزمتنا؟ بقلم د. فارس مسدور
يَسْخر العديد ممن تغرّب عقلهم من رجال أعمالنا عندما يسمعوننا نتكلم عن موضوع الزكاة ونذكر تلك الأرقام الكبيرة المقدرة لحصيلة الزكاة في الجزائر، فهم لا يتخيلون أن يبلغ رقمها 3 مليار دولار بل أن منهم من يضحك وهو يسمع هذا الرقم، ولكن هذا لا يصدمنا ولا يحط من معنوياتنا، ذلك أننا ندرك أن الذي أعماه المال وصده عن طاعة ربه لا يمكنك أن تجني منه إلا السخرية الممزوجة بظلمات الجهل.
مما لا يعرفه رجال أعمالنا أن الله -عز وجل- يمحق البركة من مال لا تخرج زكاته مهما كان المبلغ وإن تعاظم ذلك المال لن يكون إلا وبالا وخرابا ينزل على صاحبه.
لو تنبه هؤلاء إلى ما يمكن أن يجري الله من خير على أيديهم ما تأخروا ولا تحايلوا في إخراج زكاة أموالهم، فلو أخذنا على سبيل المثال زكاة عشرة آلاف ملياردير جزائري من الحجم الكبير، وقدرنا أن يعطي كل واحد منهم مليار سنتيم كأقل ما يمكن أن يخرج من زكاتهم لكانت التقديرات تصل إلى 10 آلاف مليار سنتيم أي 100 مليار دينار هذا فقط بمليار سنتيم لكل ملياردير علما أن من صغار التجار في منطقة العلمة زكاته لا تقل عن 16 مليار سنتيم، وأبلغني أحد الإخوة أن زكاة واحد من كبار أغنياء الشرق الجزائري تصل إلى 160 مليار سنتيم، فلو كان لدينا عبر كامل التراب الوطني فقط ألف شخص من أمثال هذا التاجر لكان المبلغ 160.000 مليار سنتيم ما يقارب 16 مليار دولار.
ثم أن الحكومة تصرح أنها أنشأت 900.000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة لو أخرجت كل منها زكاة مالها على الأقل 100.000 دج لكل مؤسسة لكان المبلغ 900 مليار سنتيم أي 9 مليار دينار.
كل هذه الأرقام لا تأخذ بعين الاعتبار زكاة صغار المزكين والمدخرين بل وثلاثة ملايين من الحاصلين على السجل التجاري في الجزائر.
كل ما ذكر أعلاه من أرقام يبين أن الحكومة تضيع موردا هاما يمكن أن يكون أداة لمكافحة الفقر والبطالة في بلادنا بحيث لا يكون فقير واحد في البلد، بل قد ننتقل لمكافحة الفقر في بلدان إسلامية فقيرة.
إذا نرى من الواجب على الحكومة الجزائرية أن تنظر للزكاة نظرة اقتصادية عميقة تتمكن من خلالها من تطبيق برامج فعالة في مكافحة الفقر والبطالة ودعم الإنتاج الأسري وترقية وضع الأسر الفقيرة وحتى المناطق المحرومة وما أكثرها في بلادنا.
إن الزكاة قد تغنينا عن سياسة التقشف التي تريد الحكومة تطبيقها كحل لتجاوز أزمة وهمية.