مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
قضايا الأمـــة

هل عاد الاستعمار في صورة جديدة إلى أوطاننا؟ بقلم أ.د عمار طالبي

 

 images-11 أ.د عمار طالبي

  أصبحت دعوى محاربة الإرهاب مركبا يركبه كل ذي مصلحة ليحتل الأرض عسكريا، ويضع قواعد، ويثبت قدمه فيها، فهل يحق للاتحاد الروسي أن ينزل بمعداته، وجيشه، وطيرانه، وقبل ذلك بخبرائه، في بلاد سوريا، وليستوطنها، وينسق مع الصهاينة، بإرسال الأسلحة الفتاكة والاستخبارات الهائلة بدعوى محاربة الإرهاب، ويتحول طيران بعض الدول في سماء سوريا، والعدوان على سيادة شعبها ومدنها، وقتل سكانها المدنيين بدعوى محاربة داعش، وتأييد نظام قاتل لشعبه، فاشل في جيشه، ونظامه، لا يستطيع أن يدافع عن بلده، ويكلها إلى غيره لينوب عنه في القتل، زيادة على رميه شعب سوريا بالبراميل المتفجرة، والغازات السامة، وكيف تتحالف إيران مع أمريكا وموسكو في وضع الاستخبارات في العراق بدعوى محاربة الإرهاب. أصبح الإرهاب ذريعة لعودة الاستعمار في صورة جديدة يستعمل الجو، ولا تغامر بجيوشها في البر، ليكون المقتول هم أهل الوطن، يُعين هذا الاستعمار القتلة في النظم الفاشلة المستبدة التي ينبغي محاكمتها على جرائمها، ونحن نعتقد أن الاتحاد الروسي مشارك في هذه الجرائم في قتل السوريين، بأسلحته، ومخابراته، وخبرائه. ألا يأخذون الدرس مما حدث ويحدث في العراق، في نظام وضعه الأمريكان، دمر دولة العراق وجيشه، وأصبح الحشد الفوضوي الطائفي، يقوم مقام الجيش الوطني المنظم المدرب، الذي لا يبنى على الطائفية والمذهبية والعشائرية.

   إن روسيا تريد أن تحيي الموات، وتنعش من على سرير الموت، وهي تعلم أن غالبية السوريين ليسوا مع هذا النظام القاتل.

   إن روسيا تجازف وتخاطر في إقدامها هذا على ذبح السوريين بأسلحتها المدمرة، ولاشك أن الشعب الروسي لا يقبل أن يقتل أبناؤه في أرض سوريا، ولا أن يضحوا بأولادهم في سبيل مغامرة بوتن الذي لم يخرج بعد من العيش في حياة المخابرات والمغامرات والكيد بعد أن دمر الشعب الشيشاني، وقضى على قادته، وشبابه، وذهب إلى أوكرانيا لاستعمارها، وفرض السيطرة عليها اعتمادا على العنصر الروسي من سكانها وهم دخلاء على المنطقة في عهد الاتحاد السوفياتي الذي شرد الناس وهجرهم، وسلب أوطانهم.

  واليوم يريد الروس أن ينافس الغربيين في الاستعمار، والعدوان على الشعوب في الشرق الأوسط وغيره، وتمكين الصهاينة من الاستيطان، وتشريد الفلسطينيين، وهجرة الروس المتعصبين إلى فلسطين، وفرض وجودهم، لدعم الصهاينة، وهل أفاد وجودهم في مصر من قبل، إلا خذلان مصر في حربها مع الصهاينة، مع وجود خبرائها العسكريين وأسلحتها التي أكل عليها الدهر وشرب.

   واليوم يستعمل الروس الفيتو كما تستعمله الولايات المتحدة لإحباط أي قرار يدين الصهاينة على جرائمهم، ولم يكن الاتحاد السوفياتي يعامل حركات التحرير وتقرير مصائر الشعوب بهذه الطريقة التي تؤيد النظم المستبدة وتقهر الشعوب بالحديد والنار والمناورات والفيتو. ونحن نعتقد أنه لا يكتب لروسيا أن تنجح في الشرق الأوسط إلا مع النظم المستبدة، التي تسلحها ضد شعوبها، إن هذا العصر عصر الشعوب، والنظم الطاغية آيلة إلى الاندثار والبوار، لكن المصالح العمياء أعمت بصائر بعض الدول عن أن تقرأ المستقبل وتستشرف آفاقه وأبعاده.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى