غير مصنف
المستشرق مارتن هارتمان والنضال السياسي للوطنيين العرب في برلين أ.د مولود عويمر

لقد قرأت كثيرا في الكتب والمجلات أن الاستشراق الألماني كان أكاديميا بحتا، منهمكا في تحقيق التراث الإسلامي والسهر على نشره في أجمل حُلته، ولم تكن له صلة بالحركة الاستعمارية التي عرفت أوجها في القرن التاسع عشر. غير أنني لم أكن دائما مرتاحا لهذا الطرح، ثم تعمقت قناعتي بخطأ هذا الرأي لما قرأت في الفترة الأخيرة دراسات حول مجموعة من المستشرقين الألمان أمثال: ماكس فون أوبنهايم، كارل هاينريش بيكر، ومارتن هارتمان الذي خصصتُ له هذا المقال.
لمحات من سيرة مارتن هارتمان
ولد مارتن هارتمان في مدينة برسلاو في 9 ديسمبر 1851. درس في جامعة ليبسك على يد المستشرق الكبير هانيريش فلايشر، وحصل على الدكتوراه في سنة 1875 في الدراسات الإسلامية حول موضوع «الجموع في اللغات السامية».
بدأ هارتمان حياته المهنية في المجال الدبلوماسي إذ عيّن مترجما في السفارة الألمانية في بيروت، ثم عاد إلى برلين في عام 1987، ليدرّس في معهد اللغات الشرقية الذي أسسته وزارة الخارجية الألمانية في سنة 1878 لتكوين مترجمين ومختصين في هذا المجال للعمل في قنصلياتها وسفاراتها في الشرق. وهكذا ارتبط هارتمان لفترة طويلة بهذه الوزارة التي لم تقتصر مهمتها على الدبلوماسية الرسمية، وإنما كان لها أيضا نشاط دعائي كبير في العالم العربي لتلميع صورة ألمانيا لدى النخبة السياسية والإعلامية والفكرية العربية.
أما في مجال التأليف، فإن هارتمان أصدر عدة كتب منها: “رسائل من تركيا”، “تركستان الصينية”، “المسألة العربية”، “المحاضرات الخمس حول الإسلام”، “القصيدة العربية”، و”الإسلام: تاريخا، عقيدة، وتشريعا” الذي قدم فيه –حسب المستشرق أرنولد شوبرت- «ترجمة صادقة للقرآن الكريم وحياة محمد (ص)، وضمنه شرحا جميلا للعقيدة الإسلامية والتكاليف الدينية وأنظمة الحكم في الإسلام.»
كما كتب في العديد من المجلات الإستشراقية والصحف الأخرى، وبلغ عددها «أكثر من ألف مقال عن الإسلام المعاصر من مكة إلى الصين». وزيادة على ذلك كله، شارك هارتمان في دائرة المعارف الإسلامية بمجموعة مقالات، أذكر منها مقاله حول الصحافة عند المسلمين. ولم تقتصر هذه الدراسة على العالم العربي بل شملت الصحف العربية التي صدرت في تركيا وإيران وروسيا والصين واليابان.
لقد «كرس نفسه للاعتراف بالعلوم الإسلامية بأنها نظام علمي مستقل»، ساعيا باستمرار إلى التحرر من “الفيلولوجيا أو الاهتمامات اللغوية الأثرية”، باحثا في التراث الإسلامي القديم والمعاصر. ولتعليل وجهة نظره حول هذا الموضوع، لم يكتف بجمع النصوص التاريخية والفقهية، بل استعان بعلم الاجتماع الحديث في دراسته للمصادر وتحليله لمضامينها، فأنتج في الأخير دراسات حول المجتمعات الإسلامية والثقافة العربية بمسحة أنتروبولوجية.
وتستند هذه الأنتروبولوجية «إلى الوقائع وليس إلى النماذج المثالية» كما وصفها الباحث الألماني ألكسندر هاريدي. وقد استطاع هارتمان أن يحقق بذلك –في نظر المستشرق الألماني يوهان فوك – «تفوقا كبيرا على كل زملائه».
ومن أجل تجسيد مشروعه في فصل العلوم الإسلامية عن العلوم الشرقية، فإن هارتمان “ابتعد” عن جمعية المستشرقين الألمان التي أسسها أستاذه فلايشر في عام 1845، ليؤسس في عام 1912 الجمعية الألمانية للدراسات الإسلامية، ويشرف بعد ذلك على مجلتها: “عالم الإسلام” الصادرة في عام 1913. وهي ما تزال تصدر حتى اليوم.
أما القيمة العلمية لأعمال هارتمان، فقد لخصها الدكتور رضوان السيد في هذه العبارات: «إن من يتابعها يستطيع كتابة تاريخ لاهتمامات الأوروبيين بالشرق العثماني والآسيوي في الربع الأول من القرن العشرين. وهي مرحلة خطيرة لأنها شهدت ظاهرتين معا: التحديث الشاسع الاتساع، واتجاه أوروبا للإفادة من ذاك التحديث بالاستيلاء على المشرق كله».
نشاط الوطنيين العرب في ألمانيا (1914-1918)
عرفت ألمانيا في الفترة الواقعة بين 1914 و1918 حراكا كبيرا للنخب السياسية العربية التي اتجهت إلى برلين لمواصلة نشاطها السياسي ضد فرنسا وبريطانيا، ومن أهم هذه الشخصيات المناضلة أذكر: صالح الشريف، إسماعيل الصفائحي، محمد الخضر حسين، عبد الرحمان الزياني (تونس)، محمد العتابي (المغرب)، رابح بوكبوية (الجزائر)، شكيب أرسلان (لبنان)، محمد فريد، عبد العزيز جاويش، منصور رفعت، عبد الملك حمزة (مصر)…الخ.
لقد سهلت لهم الحكومة الألمانية الدخول إلى أراضيها سواء على الحدود التركية أو السويسرية، ومنحت لهم مساعدات مالية، وشجعتهم على ممارسة نضالهم الوطني في كامل التراب الألماني، لأنهم كانوا يخدمون إستراتيجيتها بشكل غير مباشر، وهم يقاومون الأعداء المشتركين (فرنسا وبريطانيا)، ويبذلون جهودا كبيرة لإضعاف هيمنتهم في المشرق والمغرب.
ولا بأس أن أشير هنا إلى نماذج من هذا النضال الوطني العربي في قلب أوروبا. كان نشاطهم يتمثل في تأسيس جمعيات سياسية وإصدار الصحف والبيانات، والاتصال بالأحزاب والشخصيات الأوروبية الفاعلة، والمساهمة في الصحافة الألمانية.
لقد استقر محمد فريد -الذي استخلف مصطفى كامل على رأس الحزب الوطني- في سويسرا منذ عام 1912، لكنه كان يتردد كثيرا على برلين، إلى درجة أن بعض خصومه السياسيين يؤولون ذلك بالتجسس للحلفاء على ألمانيا.كان يتصل بالنافذين في السياسة الخارجية الألمانية لمناقشة سبل تحرير مصر من بريطانيا، والدفاع عن وجهات نظره في المسألة المصرية التي تختلف عن بعض القادة المصريين المتنقلين بين تركيا وألمانيا وسويسرا، وهي تتمثل في تأسيس حركة ضاغطة لتحرير مصر تحت رئاسة خديوي مصر عباس باشا الذي عزلته الحكومة البريطانية.
أما الشيخ عبد العزيز جاويش فكان يدافع عن تحرير مصر في إطار الخلافة العثمانية. وكان نشيطا يتنقل بين تركيا وألمانيا. أسس “مجلة العالم الإسلامي” في اسطنبول ثم نقلها في نوفمبر 1916 إلى برلين، وقد نجح في استقطاب عدد من المثقفين العرب والهنود والأتراك والمستشرقين الألمان للمساهمة فيها، بينما كان عبد الملك حمزة يشرف على طبعتها باللغة الألمانية بالإضافة إلى إسهاماته في الصحف العربية التي تأسست في برلين بدعم وكالة أخبار الشرق مثل: “العهد”، “الرأي العام، “الشرق”، و”الإتحاد العثماني”.
أما الشيخ صالح الشريف والشيخ إسماعيل الصفائحي فقد أسسا في عام 1916 جمعية شملت عددا من المهاجرين المغاربيين، سماها: “لجنة تحرير تونس والجزائر”. وقد ركز الشيخان على هذين البلدين لأنهما تونسيان من أصول جزائرية، هاجرت عائلتهما من الجزائر إلى تونس في منتصف القرن التاسع عشر فرارا من بطش الاستعمار الفرنسي. وانضم إليهما المصلح المغربي الشيخ محمد العتابي للدفاع عن المغرب الأقصى.
دأبت هذه اللجنة على تنظيم عدة اجتماعات في سويسرا وألمانيا للمطالبة باستقلال هذين البلدين، وقد حضر العديد من رجال السياسية ورواد الثقافة الألمان بعض نشاطاتها. كما كانت تعتمد على مراسلة قادة الرأي في العالم لتحسيسهم بخطورة هذه القضية، واطلاعهم على الظروف المزرية (الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية) التي كان يعيش فيها الجزائريون والتونسيون نتيجة الاحتلال الفرنسي لأراضيهم، وسياسته القمعية تجاههم، وإقناعهم بالتضامن معهم من أجل تحصيل الحرية ونيل الاستقلال.
مارتن هارتمان في قلب المعركة
عمل هارتمان مستشارا في القنصلية الألمانية في بيروت أكثر من عشر سنوات، وتابع خلالها الحراك الثقافي والتطور السياسي والتحولات الاجتماعية في العالم العربي. واستفاد أيضا من هذه الإقامة الطويلة في تحسين لغته العربية وتعلم اللهجات المحلية، وكان من ثمار ذلك إصدار كتاب “الدليل إلى اللغة العربية” في سنة 1880. كما قام في تلك الفترة وما بعدها بعدة رحلات إلى الشرق، فزار مصر وسوريا والعراق وتركيا وتركستان الصينية.
ولاشك أنه كان يحرر تقارير إلى وزارة الخارجية الألمانية التي بدأت تولي اهتماما كبيرا للشرق في سياق التنافس الاستعماري مع بريطانيا وفرنسا وروسيا. وسيوظّف خبراته العلمية وقدراته اللغوية فيما بعد لمصلحة الطموحات التوسعية الألمانية خاصة أثناء الحرب العالمية الأولى.
لقد التحق عدد من المستشرقين الألمان بالوكالة الألمانية لأخبار الشرق التي كان يرأسها المستشرق البارون ماكس فون أوبنهايم، وأذكر منهم: مارتن هاترمان، كارل هاينريش بيكر، كوت ماكس بروفر، أوجين متفوش، الخ. وتتمثل مهمة وكالة أخبار الشرق في استمالة العثمانيين والعرب إلى جانب ألمانيا التي دخلت في حرب مع فرنسا وحلفائها، واستعملت وسائل كثيرة لتحقيق أهدافها، ومنها وسيلة ناجعة، وهي تجنيد الوطنيين العرب المقيمين في ألمانيا لصالح دول المحور (ألمانيا، الدولة العثمانية، النمسا، إيطاليا).
انتقد المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هرجرونيه هذا المسلك الذي انخرط فيه المستشرقون الألمان خاصة هاترمان وبيكر، واعتبر ذلك انحرافا عن المسار العلمي الأكاديمي الذي سلكه الإستشراق الألماني منذ نشأته، وأصبح ذراعا لآلة الحرب الألمانية التي تسعى إلى التوسع الاستعماري في قلب أوروبا، واحتلال الأراضي المجاورة لها، ومنها بلده هولندا.
وجدير بالإشارة هنا أن سنوك هرجرونيه ما كان له أن ينتقد التوجه الجديد للمستشرقين الألمان لولا شعوره بالخطر الداهم على بلده، فقد كان هو أيضا من أكبر المنظرين للسياسة الاستعمارية الهولندية في إندونيسيا.
حدد المؤرخ الألماني بيتر هاينه نشاط الوطنيين العرب في خدمة ألمانيا مقابل مساعدتهم والسماح لهم بأداء نشاطهم الوطني، بــ 3 محاور كبرى: الاتصال بالجنود المسلمين المحاربين في الصف الفرنسي لاستمالتهم إلى الصف الألماني، الدعاية لصالح ألمانيا والدولة العثمانية في معسكرات الأسرى المسلمين، والدعاية لصالح العالم الإسلامي لدى الرأي العام الألماني لتبرير تحالف دولتهم مع العرب والمسلمين.
حرص هارتمان في سياق هذه المهمة على ربط علاقات وطيدة بالنخبة العربية التي كانت تنشط آنذاك في برلين، وتشجيعها على أداء أدوراها السابقة بالإضافة إلى مواصلة أعمالها السياسية ضد فرنسا وبريطانيا في مواقع أخرى.
وكان الشيخ الشريف صالح والشيخ محمد الخضر حسين من أهم هذه الشخصيات التي تعرف عليها وتعاون معها. وهما من كبار علماء الزيتونة، غادرا تونس إلى إسطنبول حيث اشتغلا بالكفاح السياسي الوطني لتحرير المغرب العربي، والنضال الإسلامي لمصلحة الجامعة الإسلامية.
في نوفمبر 1914 نشر الشيخ الشريف صالح كتابا عنوانه: “إرشاد العباد إلى حقيقة الجهاد”، وترجمه إلى اللغة الألمانية كارل شابنجر الذي عمل مترجما في القنصلية الألمانية في طنجة قبل أن يلتحق بوزارة الخارجية في برلين. وصدر الكتاب في هذه العاصمة في عام 1915 بعد أن ذيله مارتن هارتمان بتعليقات وملاحظات.
لقد طرح الشيخ صالح الشريف في هذا الكتاب تصوّرا جديدا لمصطلح الجهاد «يستجيب إلى الاعتبارات الإستراتيجية للدولة العثمانية التي دخلت –لاعتبارات سياسية وليست دينية – في تحالف مع قوى أوروبية غير مسلمة، فكان لابد على –على منظّري الجامعة الإسلامية أمثال صالح الشريف التونسي- تطويع المفهوم التقليدي للجهاد بين “دار الكفر” و”دار الإسلام” ليستوعب التحالفات الجديدة التي اقتضتها الظروف».
كما ساهم الشيخ صالح في تحرير مجلة موجهة إلى الأسرى اسمها “الجهاد” بإشراف شابنجر، وقد طبع منها 15 ألف نسخة.كذلك شارك مع الشيخ محمد الخضر حسين في الدعاية لصالح ألمانيا وإدارة معسكر الهلال للأسرى المسلمين في وندورف (قرب برلين)، ووضع برنامج ثقافي وتوعوي يومي. لكن هذه الجهود لم تحقق سوى نجاحات محدودة نظرا للمستوى المحدود للجنود، وتشبع الضباط بالثقافة الفرنسية، فهم لم يستوعبوا الدروس ذات المستوى العالي، ولم يفهموا المقالات المكتوبة باللغة العربية الفصحى المنشورة في مجلة “الجهاد” التي كانت توزع عليهم مجانا.
تعددت اللقاءات بين هارتمان والشيخ صالح في إطار تعزيز العلاقات بين ألمانيا والوطنيين العرب الذين كانوا يأملون كثيرا في انتصار المحور لكي تستعيد الشعوب العربية حريتها المغصوبة. كما كان يناقشه في موضوع فتح جامعة إسلامية في ألمانيا يشرف عليها العلماء المسلمون، وذلك من أجل تعزيز العلاقات الثقافية بين العرب والألمان، وبناء جسور التواصل بينهم لتشمل في المستقبل جميع المجالات.
أما علاقات هارتمان بالشيخ محمد الخضر حسين، فقد كشف عنها هذا الأخير في كتابه: “مشاهد برلين”، حيث ذكر هذا المستشرق مرتين. تحدث عنه في المرة الأولى فوصفه بــ “رئيس المستشرقين”، وأشار إلى اهتمامه باللغة العثمانية، ونبّه إلى نشاطه الحثيث في سبيل التعريف بها في ألمانيا من خلال مقالاته، ودروسه في مدرسة اللغات الشرقية، وفي محاضراته العامة.
تحدث الشيخ محمد الخضر في المرة الثانية عن هارتمان، وذكر أنه وعده بنشر تقاريظ في الصحافة الألمانية لخمسة كتب ألفها هذا العالم الزيتوني، وهي: “الحرية في الإسلام”، “حياة اللغة العربية”، “الدعوة إلى الإصلاح”، “مدارك الشريعة الإسلامية”، “مناهج الشرف”.
إن هذه العلاقات كان ظاهرها ثقافيا وعلميا، بينما كان باطنها سياسيا، تندرج في سياق التعاون من أجل الانتصار في الحرب على العدوْين المشتركيْن، وهما فرنسا وبريطانيا. كان هارتمان والزعماء العرب الذين احتك بهم يدركون مدى هشاشة هذه العلاقة المبنية على المصالح المشتركة الآنية، لذلك كانوا يحرصون على الولوج إليها من باب التبادل المعرفي الذي لا يتبدل بتغير الأحوال، فإذا كانت السياسة قادرة على تفريق الأصدقاء فإن العلم قادر على توحيد الأعداء.
في مفترق الطرق
وبالرغم من كل الجهود التي بذلها الوطنيون العرب على اختلاف وجهات نظرهم وتعدد انتماءاتهم، ورغم الدعم المادي والمعنوي الذي قدمه لهم الألمان فإن النتائج التي تحققت على أرض الواقع كانت ضعيفة في فترة الحرب العالمية الأولى (1914-1918).
لقد انتهت هذه الحرب في خريف 1918 بانهزام ألمانيا والدولة العثمانية، لكن الوطنيين العرب لم يستسلموا ولم يتوقفوا عن نشاطهم السياسي، فانتقلوا إلى سويسرا لمواصلة نضالهم الوطني. استقر الأمير شكيب أرسلان عدة سنوات في جنيف ولوزان ثم عاد إلى لبنان ليواصل نضاله القومي إلى أن وافاه الأجل في بيروت في 9 ديسمبر 1946، بينما لم يقدر الشيخ صالح الشريف على العودة إلى تونس، فمات غريبا في لوزان في عام 1920.
أما غالبية الزعماء المصريين فإنهم عادوا إلى بلدهم بعد فترة قصيرة. ثم إن هناك حالات أخرى، فالشيخ محمد الخضر حسين هاجر إلى مصر، واستقر فيها إلى غاية وفاته بالقاهرة في عام 1958، وتقلد فيها مناصب علمية عديدة مثل منصب شيخ جامع الأزهر. أما المستشرق مارتن هارتمان فلم يعش طويلا بعد نهاية الحرب واستسلام بلاده، فقد توفي في برلين في 5 ديسمبر 1918 عن عمر ناهز 67 عاما.
ويبقى أن أشير في نهاية هذا المقال إلى أن هؤلاء الوطنيين العرب لم يكونوا عملاء لألمانيا كما ورد في بعض الدراسات الغربية والعربية، بل كان معظمهم مخلصين لقضيتهم الوطنية، واستغلوا كل الوسائل المتاحة آنذاك لمواجهة الاستعمار الفرنسي والبريطاني، ولو اقتضت هذه المقاومة التحالف مع قوة استعمارية أوروبية أخرى. وقد أكدت الوثائق التاريخية المنشورة حديثا أن العديد من الزعماء العرب كانوا صريحين في مقابلاتهم مع القادة الألمان إذ عبّروا بكل وضوح عن أمالهم في استقلال بلدانهم بعد نهاية الحرب.