أحداث دوليةقضايا الأمـــة
هل هذا العيد السعيد أم مهلك مبيد؟ بقلم أ.د عمار طالبي

سمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كلّ مرة في وقته المحدود، ولكن عيدنا هذا عيد الأضحى هل عاد سعيداً نسعد به، أم أنه عاد والكوارث في العالم الإسلامي تتهاطل، والأمة تتهالك، وتتقاتل، ونيران الحروب الوحشية تتقد وتزداد اشتعالاً؟
عيد تزداد فيه الأحزان، وتتراكم الآلام، ويشرّد فيه سكان سوريا المتألمة الآلاف من أبنائها يفرّون من النّار إلى أوروبا التي لايلقون فيها ما يليق باللاجئين إنسانيا وأخلاقيا.
في بعض دول أوروبا، التي أظهرت العنصرية، والعصبية الدينية الموروثة من عهود سحيقة، خافت هذه الدول من إسلام اللاجئين، ذلك الدين الذي يعترف بأصول ديانتهم ورسلها، وكتبهم في أصالتها وإيمانها بالله.
فانظر إلى البلاد الإسلامية التي لجأ إليها السوريون وغيرهم كالأردن وتركيا، هل وقع التفريق بين المسلمين والمسيحيين، والتمييز بين الديانتين؟
فأين التسامح الديني في أوروبا بالرغم من أن قداسة بابا الفاتيكان دعا إلى استقبال اللاجئين بما يليق، إن الحقوق الإنسانية الدولية تنادي باحتضان اللاجئين بقطع النَّظر عن ديانتهم وعروقهم.
لاشك أنَّ هذا العدد الكبير من اللاجئين لم يحدث مثله في الحرب العالمية الثانية، لكن لا يمنع ذلك من استقبالهم، ومنح حق اللجوء مؤقتا حتى تضع الحروب أوزارها، ونحن نعلم أن بعض دول أوروبا تشارك بأسلحتها ومستشاريها في إيقاد نيران الحرب لتجد مصلحتها في وضع القواعد العسكرية في هذه المنطقة، وتتفق مع دولة الصهاينة في تنسيق هذه الحرب وأسلحتها. ودول أخرى تنافسها في هذه المصالح القاتلة، فلو لم يكن ذلك لما دامت هذه الحرب المدمرة للإنسان وحضارته وعمرانه وتاريخه القديم والحديث مدة طويلة.
وأثبت مجلس الأمن عجزه إلى اليوم لإيقاف النيران، وقد مضت على ذلك ما يقرب من خمس سنوات، كما عجز عن ردع الصهاينة في اقتحامهم المسجد الأقصى المبارك يومياً بجنوده وشرطته يحمون المستوطنين المقتحمين، والعدوان على المصلين فيه والمرابطين داخله للدفاع عنه، وضربهم بالرصاص، واكتفى الأمين العام للأمم المتحدة بالقلق والدعوى بأن المسلمين والصهاينة والمسيحيين يحق لهم أن يتعبدوا فيه، وتجاهل أنَّ المسجد للمسلمين منذ قرون، وهم الذين أقاموه، وشيَّدوا مبانيه، وعمروها، وأنَّ هذه الأرض التي يقع فيها المسجد الأقصى أرض محتلة لا يجوز في القانون الدولي أن يحدث فيها المحتل أي تغيير في معابدها ومؤسساتها التاريخية الحضارية، كما يمنع فيها أي نشاط استيطاني، كأن مجلس الأمن أصبح يبيح ذلك للصهاينة، ويغض الطرف عنهم، ويخشى التعرض إليهم، مع توسعهم الذي لا يتوقف.
ولكن ما سبب ذلك كله؟ إنه ضعف المسلمين وهوانهم على النَّاس في العالم، وقلة حيلتهم، وعجزهم وتواكلهم، وظنهم أن غيرهم سيحميهم، ويدافع عنهم، ويثبت عروشهم. يا له من غرور ووهم!
إنَّنا عجزنا عن تسيير أمورنا في عبادة الله في الحج، وتنظيمها مع توفر الوسائل من الرادارات، والصور، التي يمكن بها تفادي أي تصادم، وتخصيص شارع للذهاب، وآخر للعودة، إنه يجب التحقيق في هذا وعلاجه بصرامة، وعلم حتى لا يتكرر ذلك، وقد تجاوز الحدود، فهذه الرافعة تسقط وتهلك أكثر من مائة، وهذا التصادم الذي أودى بحياة الحجاج ودمر حياة العديد منهم، وجرح آخرين، وفقد من فقد، إنها لكارثة حقا لم يحدث مثلها من قبل.