تحاليل وآراء
المدرسة الجزائرية… مشاكل وهموم..! الشيخ كمال أبوسنة

التعليم في الجزائر أصبح بحق مشكلة وهم من أكبر الهموم يضاف إلى باقي مشاكل وهموم المواطن البسيط الذي لا يملك كما يقول الجزائريون “الكتف” أو “المعريفة” فالإدارة الجزائرية بعد أن أصيبت بجرثومة البيروقراطية والمحسوبية وغيرها من الأمراض العضال أصبح الجزائري يحارب أياما طويلة، وربما سنوات، من أجل اكتساب حق أو الوصول إلى خدمة لا تتطلب لتحقيقها في البلدان التي تحترم نفسها ومواطنيها إلا دقائق وإن طالت المدة فساعات فقط..!
لقد أصبح حق التعليم بالنسبة لأبناء المواطنين البسطاء من الأمور المعقدة خاصة في المناطق التي تبعد عن العاصمة أو في حوافها لأن عين الرقيب بعيدة كل البعد عنها، ولأن المسؤول في وزارة التربية لا يصل إليها إلا في حالات نادرة ما دام لا يوجد فيها”تكسار الراس” والناس راضون بالمكتوب والمقدور من فوق..!
فهل يعقل أن ملفات أبنائنا الجدد الذين من المفروض أن يحصلوا على مقعد في المدرسة الجزائرية يبقون ينتظرون، بعد الدخول المدرسي، أياما طويلة وأوضاعهم مبهمة ومعلقة بسبب سوء تسير أو لأن المسؤول لا يؤدي دوره المنوط به كما يجب.!
والحق أن المسائل الإدارية والإجراءات الملحقة بها في جميع الأطوار التعليمية لابد أن تكون منتهية ومهيأة بشكل مدروس ومنظم قبل الدخول المدرسي، ولكن للأسف عندنا كل شيء يؤجل إلى وقت غير معلوم، وحين يحاول ولي أمر التلميذ أن يلتقي بمسؤول في مديرية التربية فهذا الأمر يحتاج إلى جهد جهيد من أجل أن يحصل على موعد بعد معاملة سيئة من بعض العاملين في الإدارة، وكأن المرء يطلب صدقة، ثم تأتي التبريرات بعد اللقاء وتحميل المسئولين الكبار المسؤولية وإعادة الكرة إليهم كما يقال، وكلام طويل يشيب له الوليد ويحير الحليم..!
يلاحظ الجزائري البسيط، خاصة من يعيش في حواف العاصمة، أنه مواطن من الدرجة الثانية، فالوسائل والهياكل في المدارس شبه منعدمة، وإن وُجدت فمهلهلة وغير لائقة، وظروف التمدرس تشبه إلى حد ما ظروف بعض الدول الإفريقية التي لا تملك ما تملكه الجزائر من إمكانات كبيرة، مادية ومعنوية..!
أما بعض المدارس الكائنة في الأماكن الراقية التي يقطنها علية القوم وكبراؤنا، فالمستوى يختلف، والوسائل فيها متوفرة، والأماكن واسعة، والمعاملة فيها حسنة ومضبوطة، لأن بعض آباء التلاميذ أصحاب مقامات معلومة، يُحسب لهم ألف حساب..!
إن التعليم حق طبيعي لكل جزائري وليس منة يمن بها علينا المسؤولون من أموالهم الخاصة، فلا فضل لهم علينا لأنهم أجراء عند الشعب الذي يقدّم لهم أجرتهم من الخزينة العمومية، ولهذا لابد على أولياء الأمور أن يتحملوا مسؤولياتهم كاملة غير منقوصة، ولا يفرطوا في أي حق من حقوق أبنائهم سواء من الناحية البيداغوجية أو المادية، وأن يساهموا بكل ما يملكون من قوة في تقرير مصير مستقبل أبنائهم العلمي والبيداغوجي، وأن لا يتركوا الأمر بيد فئة من الناس يشكلون “المدرسة الجزائرية” فكريا وتربويا كما يريدون بعيدا عن خصوصية الأمة الجزائرية التي عبر عن خطوطها العريضة إمامنا عبد الحميد بن باديس-رحمه الله- في شعاره الشهير: ” الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا”…ولله الأمر من قبل ومن بعد.