اختتمت أشغال الجامعة الصيفية 2 لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، يوم الجمعة 20 ذو القعدة 1436هـ الموافق لـ 04 سبتمبر 2015م، بكلمتين للشيخين عمار طالبي النائب الأول لرئيس جمعية العلماء، ورئيس الجمعية عبد الرزاق قسوم، ركزا فيهما على تثمين هذا الجهد المبارك الذي بذله المشركون في الجامعة، كما دعيا إلى الالتزام بما خرجت به هذه الجامعة، من دعوة للانضباط والتخطيط والتسيير والتنفيذ والتقييم.
وذلك بعد يومين ونصف من العمل المتواصل، والنقاش المثمر للمشاريع المعروضة للنقاش، حيث انطلقت الأشغال صبيحة يوم الأربعاء 18 دو القعدة الموافق لـ 02 سبتمر، تحت شعاره: “من أجل عمل مؤسساتي فعال“، في رحاب المدرسة العليا للتجارة ـ بالقليعة، بحضور أعضاء للجمعية من الرجال والنساء، من أكثر من 30 ولاية، إضافة إلى أعضاء من المكتب الوطني والهيئة الاستشارية.
انطلقت الجلسة الافتتاحية، بإدارة الأستاذ زبير طوالبي، وتعاقب كلمات لرئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية القليعة، وكلمة موجزة للدكتور عبد العزيز سبوعة، مدير المدرية العليا للتجارة التي قعدت فيها الجامعة الصيفية، وكلمة للأستاذ فضيل الشريف رئيس شعبة تيبازة….، وأخيرا كلمة رئيس الجمعية، كانت الكلمات في مجملها جامعة بين الترحيب والشكر والثناء على الجمعية وعلى رسالتها الإصلاحية، والشكر الخاص لمدير المدرسة ومدير الإقامة الجامعية السيد جدي ومعالي وزير التعليم العالي الطاهر حجار، ثم رفعت الجلسة الافتتاحية، لتستأنف بعد 10 دقائق.
استؤنفت الأشغال إثر الاستراحة القصيرة بمحاضرة من وحي المحور المركزي لهذه الجامعة الصيفية، وهو “العمل المؤسسي” أو البناء المؤسسي، انطلاقا من الشعار “من أجل عمل مؤسساتي فعال” ، حيث كان المراد، دراسة المشكلات والعوائق التي تعرقل حركة سير الجمعية نحو البناء المؤسسي المتين، بما يجعلها فعلا مؤسسة تؤدي كافة أعمالها وفق خطط وبرامج محددة الأهداف والزمن .
عالجت المداخل الأولى التي كانت للدكتور محمد شويح، وقد أبدع فيها، وفي تنزيل مفاهيمها على ثقافة العمل المؤسسي، فقد كانت المحاضرة بحق تحفة تكوينية رائعة، حيث استجابت لجوهر برنامج الجامعة الصيفية، كما لقيت استحسانا من قبل الحضور، ذلك لكونها “تصبّ” في صميم المرجو من الجامعة الصيفية، وتترجم الاحتياج التكويني والتدريبي لأعضاء الجمعية وإطاراتها في هذا المجال الهام والحيوي والضروري وهو “الإدارة والتنظيم والتوجيه”، وقد أكد الدكتور على أن الفلسفة الأساسية التي تحكم هذا الأمر، أن “من يريد النجاح في عمله في جمعية أو شركة أو منظمة، وفي أي مجال: اجتماعي، ثقافي، فكري، سياسي، ديني … عليه أن يستوعب مباديء وأساسيات ومناهج هذا العلم النافع وهو “علم الإدارة وفن التسيير (المانجمنت)”، وذهب إلى أكثر من ذلك مسقطا تصوير الموضوع على واقع الجمعية باعتبارها جمعية إسلامية تربوية دعوية، فقال: “إن أردتم النجاح فينبغي أن تهتموا بهذه العلوم المشروعة النافعة مثل اهتمامكم بالقرآن الكريم حفظا وتدبرا، فهذا يزيد إيمانكم ويعينكم على التقوى والصلاح، لأن تسيير جمعية وإدارة أفرادها يحتاج بدوره إلى منهج عمل وأسلوب إدارة وتسيير، له قواعده وأصوله ومبادئه ومناهجه، ويجب استيعاب ذلك كله، وهضمه، وتطبيقه في أر ض الواقع ضروري لمن أراد أن يحقق التقدم، عاما بعد عام، وفترة بعد فترة. فلا يمكن العمل دون علم وبلا منهج، ثم ينتظر النتائج الجيدة..
لقد أخذت الجمعية على عاتقها هذا الأمر بجد، وتعمل جاهدة على تنزيله في الواقع، باعتماد ملمح التكوين والتدريب لجميع أعضائها ؛حيثما كانوا، والعمل جار على ترسيم برنامج تدريبي يمس كل الجوانب التي تحتاج إلى هذا التدريب والتكوين لتأهيل الإطارات وعموم أعضاء الجمعية من الرجال والنساء.
كما كانت المداخلة الثانية في شكل ندوة شارك فيها: الأستاذ مخلوف بوقزولة، والأستاذ حسن خليفة، والدكتور أحمد طوايبية، وقد عالجت الندوة التي كانت بعنوان: “الجمعية الواقع والمستقبل“، في نفس الموضوع وهو معالجة إطار العمل المؤسسي في الجمعية والخلل الذي تعاني منه، كما طلب من الجمعية تفادي وتجاوز، “التأخر التنظيمي” أو “التخلف التنظيمي”؛ حيث لاحظت الندوة أن من أسباب الاختلالات الكبيرة في أعمال وبرامج الجمعيات خاصة، تأخرها الكبير في هذا المجال (التنظيم).
إنّ سن نجاح المنظمات يكمن أساسا في حسن التدبير، وقوة التواصل، وسهولة وصول المعلومة، والتجاوب والتفاعل بين مختلف مكوناتها، والتقدم في تحقيق النموّ والانتشار والقوة والتمكين. وبمعالجة هادئة شخّصت الندوة الوضع في جمعية العلماء تحديدا، وطالبت بضرورة تجاوز الترهّل والتسيّب ومختلف مظاهر “التخلف” التي تعاني منها الجمعية في هيكليتها وتنظيمها وتسيير شؤونها وطنيا ومحليا .
كما أكدت الندوة بمداخلات رجالها الثلاثة، على هذا الأمر مع عرض لتحليل بيانات الجامعة الصيفية الأولى التي عقدت في شهر سبتمبر سنة 2014. قام بها الدكتور طوايبية، وقد أبان الاستبيان عند تحليل محتوياته وتفريغ إجابات المستجوبين عن كثير من مظاهر الخلل في هيكل الجمعية وجسمها، وفي تواصل أبنائها محليا ووطنيا، مع تفاوت بسيط بين الولايات، وذلك بسبب تقصير أعضاء الجمعية عموما في أداءاتهم، نحو الجمعية وحمل رسالتها، وأن أكبر الخلل جاء من هذا التقصير؛ ولعله الفرق الجوهري بين أبناء الجمعية في حاضرها ورجالها في الماضي. وقد تكون لذلك أسباب كثيرة ولكنها في الواقع غير مقبولة؛ بل لا يبررها شيء. وعليه فإن المشكلة فينا نحن أعضاء الجمعية ـ كما هو الشأن في سائر الجمعيات الأخرى. بعد مناقشة هادفة لما ورد في مداخلات الأساتذة، توزع الحاضرون على ورشات عمل:
ورشة التنظيم والإدارة والرقابة
ورشة إدارة المدارس
ورشة الإعلام
ورشة استرجاع أملاك الجمعية
الورشة المالية
تتكون كل ورشة من رئيسها بالمكتب الوطني، والأعضاء من ممثليها في الشعب الولائية، وقد كانت نقاشات تشؤيحية لواقع الجمعية الإداري والتنظيمي، الذي كان يغلب عليه طابع المبادرة والاجتهاد، وبعد نقاش دام يومين متتاليين، تستمر فيه الأشغال إلى ساعات متأخرة من الليل، أثمرت هذه النقاشات الطويلة تقارير، تتضمن خلاصة النقاشات إلى جانب مقترحات، ستعرض على على المجلس الوطني في دورته العادية القادمة، يجد القاريء الكريم مضامين هذه التقارير في هذا الملف الخاص بالمناسبة، إلى جانب توصياتها رفعها المشاركون إلى قيادة الجمعية وإلى كل من يهمه الأمر، خدمة للأمة والمجتمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظات على أشغال الجامعة الصيفية
لا شك أن الكثيرين ممن حضروا الجامعة الصيفية كوّنوا انطباعات وملاحظات عن أشغال الجامعة الصيفية، مما يدخل في نطاق الإيجاب أو في نطاق السلب. ونحن نعمل على إدراج كل ما يتعلق بالجامعة الصيفية من مادة وتقارير وأخبار، ولذا نسجل الملاحظات التالية :
1ـ أن الجامعة الصيفية تعد مكسبا في حد ذاته؛ لأنها تسمح بلقاء أعضاء الجمعية وإطاراتها في مختلف الولايات مرة في العام وفي وقت ممتد نوعا ما وهذا أمر جيد تنظيميا وإداريا وإنسانيا وعلميا .
2ـ أن الجامعة إلى جانب المجلس الوطني السنوي يمكن أن تمثل رافدا إضافيا نوعيا في مجال تحسين الأداء للجمعية، بما يعني أن هناك لقائين سنويا (على الأقل) لأعضاء الجمعية يمكن تدارس كل المستجدات فيهما ، مع مراعاة الفارق بينهما، حيث أن لقاء المجلس قانوني إلزامي، وما يصدر عنه إلزامي أيضا، يمكن للمجلس أن يحاسب عليه الهيئة التنفيذية، اما الجامعة الصيفية فهي عبارة عن رافد تكويني لإطارات الجمعية الوطنية والمحلية، فهي وعاء مساعد للمجلس وللمكاتب كلها
3ـ تكشف لقاءات الجامعة الصيفية عن الكثير من الطاقات والإطارات الكبيرة والمهمة وهذا في حد ذاته أيضا مشجع للغاية ومحفز .
4 ـ تنظيم وإدارة الجامعة الصيفية، بالشكل الذي تمت به، يسمح بتحقيق أهداف أفضل وأقوى؛ لأن الجامعة الصيفية ليست “مخيما” عائليا، وليست فضاء لمجرد اللقاء وحسب، وليست مناسبة اجتماعية ترفيهية.. وإنما هي لقاء علمي /عمَلي جاد، ومن هذا المنطلق يمكن العتب على الإخوة الذين لم يحضروا أو قصّروا في هذا الاتجاه .
5ـ وجود قاعات الأشغال قرب مكان الإقامة كان أمر ممتازا في الجامعتين الصيفيتين معا. وهذا أمر يوفر الوقت والجهد. وكلما كانت قاعات وفضاءات العمل جيدة وواسعة ومريحة كلما كان العمل أفضل وأجود وهذا ما لمسناه في الجامعة الصيفية الثانية خاصة؛ حيث كانت رحاب المدرسة فضاء مميزا ونظيفا ورائعا من جميع النواحي .
6ـ اختيار الموضوعات والمحاور التي تُتناول في فضاء الجامعة الصيفية له دوره في كثير من الحقول ومنها: حقل رفع الأداء، وحقل التأهيل، وحسن التدبير وحسن التسيير…، ومعرفة الأولويات الخ .
7ـ حسن اختيار المحاضرين إلى جانب الموضوع… له دوره أيضا في التسديد وتحقيق التقدم نحو الأهداف المرسومة تنظيميا وتوجيهيا وإداريا .