مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

الراعي والضمير المؤمن..! الشيخ كمال أبوسنة

Sans-titre2

“لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”..!

أما صاحب هذه العبارة الشهيرة فهو محمد –صلى الله عليه وسلم-…خير خلق الله جميعا…وأعظم إنسان رأته المقل…وأكرم نبي جاء ليتمم مكارم الأخلاق…وأعدل من حكم فعلّم “الحاكمين” معنى العدل في أرقى صوره، فلا يحيد عن وجهة العدالة المنصفة، فلا يعاكس مجراها حتى في فلذة كبده، وأحب الناس إلى قلبه، فاطمة ابنته، الطاهرة المطهرة، فإذا كان الخطأ، واستلزم العقوبة، فلا شفاعة باسم القرابة والرحم، لأن الناس كلهم سواسية كأسنان المشط أمام القوانين والحدود، وبهذا تستقيم الحياة، ويستقر العمران ويربو…

إن احترام القوانين من الراعي والرعية مذهب تترسخ جذوره بالتربية المستقيمة التي تلد الضمير الحي، والفكر الواعي الذي يؤمن بأن الواجبات مقدمة على الحقوق التي تُحفظ ولا تُضيع، وأن المواطنة تعني المساواة بين أفراد المجتمع الواحد في المغانم والمغارم لا فرق بين الرئيس والمرؤوس، والغني والفقير، والأبيض والأسود..فالكل سواسية أمام العدالة الاجتماعية التي يحميها القانون..!

هذه المعاني كانت مجسدة في العهد الإسلامي الأول في زمن رجال الضمائر المؤمنة حيث كانوا مضرب الأمثال في حسن سياسة الرعية ورعاية حقوقهم، ونشر العدل والمساواة باسم “القانون” الذي لم يُهادن ولم يُداهن ظالما مهما يكن نسبه وحسبه وموقعه في سلم المسؤولية…

ورحم الله عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عبقري العدالة، وتلميذ محمد- صلى الله عليه وسلم– الملهم الذي علم حكام العالم   – قديما وحديثا – فن سياسة الرعية وحكمهم، وأبهر العقول بمقولته الخالدة التي سبقت كل داع إلى حقوق الإنسان سواء كان فردا أو منظمة: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار“.

أما القائل فمعروف، وأما الذي قيلت له تقريعا ومحاسبة فهو عمرو بن العاص – رضي الله عنه – أمير مصر وفاتحها الذي أصابت ضربات ذرة الخليفة عمر-رضي الله عنه– صلعته ردا لحق، وإلزاما لمبدأ العدالة بين الناس جميعا، لأن ولدا من أولاد عمرو بن العاص اعتدى على قبطي مصري من الدهماء فاز عليه في سباق خيل مستغلا موقع أبيه في السلطة التنفيذية..!

إذن ..فالعدالة إلزام والتزام لا تفريط فيه حتى مع من يحبه القلب أو يبغضه، ولهذا عندما قال عمر الفاروق – رضي الله عنه – لأحد الناس وكان قد أصاب أخا له في الجاهلية:

“والله لا أحبك”.

فقال له الرجل الذي كان يعرف معدن عمر الذهبي الخالص:

“ما يفي ذلك حقي يا أمير المؤمنين”؟

فقال له عمر – رضي الله عنه -: ” لا “.

فقال الرجل معلقا حينها: “لا بأس…إنما يأسى على الحب النساء”.

فيا معشر مسؤولينا الأكارم الذين ابتلاكم الله بأمانة المسؤولية التي هي خزي وندامة يوم القيامة، لا نريد منكم كلمات معسولة تعبرون بها عن فائق حبكم لنا، إذ إنما يأسى على الحب النساء…

ولكن نريد منكم عدالة قولية وفعلية، والتزاما بالقانون حتى يصبح القوي ضعيفا عندكم فيؤخذ الحق منه، ويصبح الضعيف قويا عندكم فيُرد الحق له، ويستوي الحاكم والمحكوم أمام القاضي..!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى