مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
نشاط الشعبنشاطات الجمعية

في لقاء الأحبة أ. التهامي مجوري

32

“لقاء الأحبة”، هو عنوان اللقاء والإفطار الجماعي، الذي نظمته شعبة المقرية وحضره أعضاء من المكتب الوطني وآخرون من المكتب الولائي، وبعض الشعب البلدية لولاية العاصمة، في الأسبوع الماضي، وكان مقررا ان ألقي كلمة ضمن كلمات توجيهية ألقيت بالمناسبة، ولكن ضيق الوقت فرض علي الاعتذار عن إلقاء كلمتي ووعدت الإخوة الحضور بأن ينشر مضمون كلمتي في هذا الركن “مع رئيس التحرير”.

لقد كان اللقاء غنيا بالتوجيهات العلمية والإرشادية والتناصح وعرض الخبرات وبعض التجارب والمبادرات، التي قامت بها بعض الشعب بمبادرات واجتهادات لها قيمتها على المدى القريب والأثر الاجتماعي العاجل.

****

وبعد الشكر الجزيل للإخوة المنظمين لهذا اللقاء المبارك إن شاء الله، والثناء الصادق على كل من قام بفعل يدفع بعجلة الجمعية إلى الأمام، مهما كان هذا الفعل قليلا أو كثيرا، ومهما كانت نوايا القائمين عليه، لا بد من الوقوف عند أمر يدفع بي إلى الخوف من بقاء الحال على ما هو عليه من ارتجال والتوقف عند الثناء لهذه الجهة أو تلك، فرَأَيْتُني أسير خلف حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه، الذي قال: “كان الناس يسألون عن الخير وكنت أسأل عن الشر مخافة أن يدركني”، فوجدت نفسي، أتتبع النقائص التي فينا في الوقت الذي كان يتابع فيه الإخوة الحضور المنجزات والإيجابيات التي تحملها في طيانتها، التي يقوم بها الإخوة في الشعب؛ لأن ما نقوم به وننجزه، يصلح للعرض على الناس تشجيعا لهم وللدفع بهم إلى المساهمة والمشاركة، اما نحن فإن تقييمنا لأعمالنا، ينبغي أن ينطلق مما ينبغي أن يكون، على المستوى التنظيمي، وعلى المستوى الفكري وعلى مستوى التنظير والإنجاز.. لأننا كقياديين في المواقع الوطنية والولائية والبلدية، نحاسب على المستوى الرسالي وما يجب أن تقوم به الجمعية، وليس على مستوى الكم العملي.

****

اول شيء لاحظته هو، أن عدد الشعب البلدية، المقرر والمفترض حضورها 25 شعبة بلدية، ولكن الذين حضروا ربما كانوا خمس شعب، وهي الشعب المكلفة بعرض تجاربها ومبادراتها، وهذا عيب كبير في تنظيم يريد أن ينتقل من العفويات والمبادرات الفردية إلى العمل المؤسسي والمنظم الجاد؛ لأن المنتظر من جمعية العلماء ليس مجرد العمل الخيري وغيره من الأعمال التكميلية، وإنما هي كما أراد لها مؤسسوها الأوائل، مشروعا وطنيا أصيلا يفصل الجزائر عن الغرب وقيمه، ولذلك اعتمدوا على بناء مجتمع على “فكرة صحيحة”، فهل عياب عنصر معني بحضور مثل هذا اللقاء الذي أطلق عليه منظموه إسم “لقاء الأحبة”، من الفكرة الصحيحة؟ وهل يليق أن يدعى أخ من قبل إخوانه لإفطار جماعي في رمضان في لقاء أحبة فيمتنع؟

****

تمنيت من الإخوة الذين عرضوا لتجاربهم، وقد ثمنها الكثير من الإخوان، أن يشيروا إلى أن هذا الذي قاموا به، مجرد اجتهادات محلية وفردية، حتى يضعوا قياداتهم المحلية والوطنية امام مسؤولياتهم؛ لأن المفترض في الشعب البلدية والولائية أنها تشتغل وفق برنامج وطني معد للتنفيذ أو على الأقل معروض للنقاش والإثراء، ومن ثم فإن المبادرات مهما كانت ضعيفة او قوية فاشلة أو ناجحة، تعد نجاحا؛ لأنها اجتهاد في إطار تصور محلي، والتصور عندما يتحول إلى التنفيذ ينتج حتما ما يراد منه أو بعضه، وهذا مهما ارتفع في منطق العمل الجاد لا يمثل إلا جزءا يقل أو يكثر.

ومن جانب آخر لا يليق بتنظيم بحجم جمعية العلماء أن يقيِّم أعماله ويحكم على نجاحها وفشلها من خلال مبادرات الشعب المحلية: البلدية والولائية، من هذا الباب تمنيت لو أن النقاش أخذ هذا المنحى حتى نشعر جميعا بالمسؤولية اما الله وأمام التاريخ، لا سيما وان الجميع يطمح إلى الانتقال بالجمعية من تسيير الأهواء والأذواق والثمار العاجلة، إلى تحمل المسؤوليات والخضوع إلى منطق الرسالة والتكليف الإلهي والقانون الذي ينظم مثل هذه الأنشطة التي نقوم بها

****

إن جمعية العلماء في تقديري لا يزال الطريق امامها طويل؛ لأن رسالتها كبيرة، والمنتظر من رجالها أن يكونوا في مستوى أعلى وأرفع من المستوى الذي نحن عليه، وذلك ليس على مستوى المبادرات وكم الإنجازات، وإنما على مستوى التصور العام لمشروع الجمعية الذي سماه الاستاذ الدكتور أبو القاسم سعد الله رحمه الله “المشروع المعلق”؛ لأن مشروع الجمعية بلا شك ليس مجرد مبادرات محلية، وإنما هو مشروع كبير بكبر الإسلام وطموح المسلمين.

فعندما أرى شعبة مثلاً، تدير مشاريع خيرية كبيرة: مدارس قرآنية، جمع تبرعات وتوزيعها على الفقراء والمساكين، تنظيم رحلات وملتقيات ولقاءات..إلخ، وهي عاجزة عن إيجار مقر لها يلتقي فيه أبناؤها أو يستقبلون فيه من يبحث عن جمعية العلماء، أو أجد حيا فيه مدرسة لجمعية العلماء وليس فيه شعبة، أو أجد شعبة أو مدرسة يديرها أشخاص لا يهتمون بالجمعية؛ بل ربما حكموا عليها بالضلال، ومع ذلك يرتضونها غطاء قانونيا…، كل ذلك ليس من منهج جمعية العلماء، وفي تقديري إذا لم نتجاوز هذه الظواهر السلبية، بحيث ترتب الأمور في أذهاننا وفق التصور الكلي لمشروع الجمعية ولأولوياتها، وللأمور التي من رسالتها والتي ليست من مهامها، والأمور التي من مهامها وهي غافلة عنها.

وما لم نقوم نحن بمثل هذه العملية النقدية …، فأن جمعيتنا لا تذهب بعيدا وسيبقى المشروع معلقا، إلى أن يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ثم لا يكونوا أمثالنا، فينقذون الجمعية من سلبياتها ويرتقون بها إلى مصاف الرساليين الذي يجبهم الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى