غير مصنف
رفقًا بعقيدتي يا أمي مرحلة الطفولة (من سنتين إلى 6 سنوات)

لقد بدَأ طفلُكِ الآن بفهم واستيعاب ما يدور حوله، وحان وقتُ تربيتِه على استشعار مراقبة الله عز وجل، وتعزيز ذلك بآياتٍ من القرآن.
وهنا تبدأُ مرحلة التطبيق والشرح، مع تحويل العادات التي غرسناها سابقًا إلى عبادات، وتعزيزها، ومحاولة تعليمه المزيد، ومما ينبغي الاهتمامُ به في هذه المرحلة:
الدعاء:
للدعاء سِحر خاص في تأليف القلوب وحثِّها على الخير، فما أجملَ أن تبدئي كلامَك وتُنهيه بالدعوات لهم! كأن تقولي لهم: “أعطِني الكوب.. الله يرضى عنك!”، “جعلك الله من الصالحين، أحضِرْ لي الشال أتدثَّر به!”.
ومن الحكايات الجميلة في هذا الأمر أن أختًا رزقها الله بأن جعَل أولادها السبعة من حفَظةِ كتاب الله في سنٍّ مبكِّرة، وحينما سُئلت عن طريقتها في تحفيظهم، أجابت: “إني كنت كلما أحسَن أحدهم عملاً، كنت أدعو له في كل حين وأقول: بارَك الله فيك وجعَلك من حفَظةِ القرآن، فلعلها تكون ساعة إجابة، والحمد لله الذي منَّ عليَّ بحِفظهم جميعًا للقرآن”.
استشعار مراقبة الله عز وجل:
لقد بدَأ طفلُكِ الآن بفهم واستيعاب ما يدور حوله، وحان وقتُ تربيتِه على استشعار مراقبة الله عز وجل، وتعزيز ذلك بآياتٍ من القرآن. فحينما يقوم بأي فعل ذكِّريه قائلة: “إن الله سميع بصير، والله بما تعملون خبير”. وحينما يصدُقُك الحديث، أثني عليه قائلة: “إن الله يحب الصادقين”. وحينما يصبِر على طلبٍ يرغب فيه، أثني عليه قائلة: “إن الله يحب الصابرين”. وحينما يحافظ على نظافة ثيابه، قولي: “إن الله يحب المطهرين”.ومع استشعاره حبَّ الله ومراقبته، علِّميه أن من يحبه الله سيدخله جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، وأن فيها ما لا عينٌ رأَتْ ولا خطَر على قلب بشَر.
أما إذا أخطأ، فذكِّريه أن هذا مما لا يُحبُّه الله، فإذا أفسَد حجرتَه، عاتِبيه قائلةً: “والله لا يحب الفساد”. وإذا ظلَم أحدًا، فعاتبيه قائلة: “والله لا يحب الظالمين”. وإذا اعتدى على أحدٍ، فأخبريه: “أن اللهَ لا يحبُّ المعتدِين”.مع تذكيرِه أنه إذا لم يحبَّه الله، فسوف يُحرَم مِن جنة الله ونعيمها.كل هذا مع الاستمرار في تدريبه على حمدِ الله عز وجل، والسجود شكرًا له، والثناء على الله في كلِّ وقت وحين.
رسولنا قدوتنا:
ينبغي أن يتعلمَ الطفل أن قدوتَنا في كل أفعالنا وأقوالنا هو رسولُنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، فحينما يأكل ردِّدي عليه كلَّ فترة قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا غلام، سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك” (رواه البخاري).
وإذا وقَعَتْ منه لقمة، فعلِّميه كيف يتعامل معها، وذكِّريه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعامًا، فسقطت لقمتُه، فليُمِطْ ما رابه منها، ثم ليطعَمْها ولا يدَعْها للشيطان» (رواه الترمذي)، وبعد الانتهاء من الطعام ذكِّريه بلَعْق أصابعه؛ لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدُكم، فليلعَقْ أصابعه؛ فإنه لا يدري في أيتِهن البركة» (رواه الترمذي).
وهكذا في كلِّ فعلٍ وقول، فينشأ وقد تعوَّد أن المرجعَ الأساسيَّ لكل أفعالنا وتصرُّفاتنا هو رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم.
اهتمَّ الأنبياءُ عليهم السلام والسلف الصالح بتعليمِ أطفالهم التوحيد؛ لقناعتهم أن الطفلَ إذا نشأ وتربَّى على التوحيد، فسوف يموت عليه بإذن الله.
التوحيد: فوصَّى نبي الله إبراهيم ونبي الله يعقوب عليهما السلام بَنِيهم بالتمسُّك بالتوحيد فقالا:{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة:132].
ووصَّى لقمان ابنه قائلاً:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:13].
كان خُلُقه القرآن:
مِن أفضل النِّعم التي تتمنى كلُّ أمٍّ أن يرزُقَها الله إياها، أن يحفظ أطفالها القرآنَ، ويتربَّوا عليه؛ ليكونوا مِن أهل الله وخاصَّتِه، ولتحقيق ذلك يحتاجُ الطفل لحفظ آياتِ الله مع شرحٍ بسيط لمعانيها.
وقد اهتمَّ السلفُ بتحفيظ أولادهم القرآن في الصغر: فقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: “رأيت صبيًّا ابن أربع سنين، قد حُمِل إلى المأمون، قد قرَأ القرآن، ونظَر في الرأي، غير أنه إذا جاع يبكي” (الكفاية للخطيب).وقال الإمام الشافعي رحمه الله: “حفظتُ القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطَّأ وأنا ابن عشرٍ” (طبقات الحفَّاظ للسيوطي)، وقال القاضي الأصبهاني: “حفظتُ القرآن ولي خمسُ سنين” (الكفاية للخطيب)
الأذكار:
وهنا تبدأ مرحلةُ تعليم طفلك الأذكارَ، مع ذِكر الأجر والثواب؛ ليتشجَّع على الالتزام بها، ويفهم معانيها، كما كان السلفُ رحِمهم الله يفعلون: فقد رُوِي عن لقمانَ أنه قال لابنه: “يا بنيَّ، أكثِرْ مِن قول: ربِّ اغفر لي؛ فإن لله ساعاتٍ لا يرُدُّ فيها سائلاً” (شُعَب الإيمان). (أذكار الصباح والمساء ).
قصص قبل النوم:
من وسائل التربية الهامة: التربيةُ من خلال القصة، وبالأخص قصص قبل النوم؛ حيث أثبتتِ الدراساتُ أنها تعزِّزُ نموَّ الطفل النفسي والعقلي، وتنمِّي خيالَهم وقدرتَهم على الإبداع، وتُعتَبَر من أهمِّ الوسائل لبناء شخصيةِ الأطفال، وغرس القِيَم والأخلاق فيهم.فمِن عمر سنتين تبدئين مع طفلِك بسرد قصصٍ بسيطة وقصيرة قبل النوم، لا تَزيدُ مدتها عن 10 دقائق لتعليمِه بعض السلوكيات والآداب.وحينما يصل الطفلُ إلى عمر 3 سنوات ونصف أو أربع سنوات على أقصى تقدير: تبدئين معه بقصص الأنبياء؛ حيث يتعرَّفُ منها على توحيدِ عبادة الله عز وجل، وآياتِه، وقدرتِه، ويتعرَّفُ على دعوة الأنبياء وصبرِهم على دعوة الكافرين.
المصدر: من كتاب: رفقًا بعقيدتي يا أمي (دليل إرشادي لتعليم طفلك الإيمان في المراحل العمرية المختلفة).