أعلن مدير أوقاف القدس الأسبوع الفائت-كما نقلت وكالة الأناضول وأظهرت وسائل الإعلام– أن المستوطنين اليهود قد اقتحموا ساحات المسجد الأقصى للمرة الأولى منذ سنة 1967، ووصلت القوات الإسرائيلية إلى محراب الأقصى المبارك بأحذيتها النجسة…
وتتكرر-إذن- الاعتداءات على مسرى حبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويتكرر معها الصمت العربي المخزي، إذ هجر العرب حتى التنديد وهو أضعف الإيمان..!
وكأن الأمر لا يعني حكام العرب المطلوب منهم شرعا تحريره، فهم آثمون ما دام هذا الصرح الإسلامي المقدس يعاني احتلال أنجس “استعمار” استيطاني على وجه الأرض..!
لقد دخل الجنود الإسرائيليون الصهاينة المسجد الأقصى وعاثوا فيه فسادا أمام أعين العالم الإسلامي الذي يغط أكثر بلدانه في نوم عميق، وبعضها يعاني الفتن ما ظهر منها وما بطن، وتعيش الفوضى الخلاقة –على رأي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كيسنجر- سماها بعض المحللين بـ“ربيع الثورات المضادة” بسبب عدو خارجي لا يهدأ ولا يكل ولا يمل من نسج المؤامرات، وتوجيه السهام ليصبيها في مقتل…وبسبب عدو من بني جلدتنا باع نفسه للشيطان، واتبع هواه، وكان أمره فرطا..!
وما زاد الطين بلة أن بعض الأنظمة العربية عوض أن تخاصم الأعداء وتكون يقظة لترد كيدهم في نحورهم حادت عن الطريق المستقيم، وخاصمت شعوبها، وضيقت عليها الخناق من أجل الحفاظ على الكراسي الزائلة…
ولهذا لم تفرغ هذه الأنظمة التي تصنع الكآبة في الأمة للقضايا الكبرى وتحدياتها، وعلى رأسها قضية فلسطين ودرة تاجها “المسجد الأقصى” الذي يتآمر عليه اليهود لتدميره وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاضه…!
عار على الأمة جمعاء-وعلى رأسها حكامها- أن تترك أهل بيت المقدس من غير سند ولا معين ليتحملوا وحدهم مسؤولية الدفاع عن المسجد الأقصى رغم معاناتهم من الحصار والسجن والعنصرية، بل وحتى القتل، وكأن الأمر لا يعيني البقية من المنتمين للإسلام والمسلمين..!
إن هؤلاء المرابطين في بيت المقدس وأكنافه هم الذئذون في الصف الأول عن ما تبقى من شرف هذه الأمة الغارقة في بحار السقوط الحضاري…
وإن الوقوف معهم في صراعهم ضد محاولات تهويد “القدس” واجب شرعي يتقاسم تكاليفه كل من ينطق لسانه بالشهادتين أن“لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله” وأكثر الناس حملا لهذا التكليف الرباني الثقيل هم حكام المسلمين، فليعدوا للمسألة جوابا يوم القيامة..!