اعتداءات قطعان المستوطنين اليهود على المسجد الأقصى، مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، مرارا وتكرارا، نتيجة حتمية لسنوات من التطبيع المخزي مع الكيان الصهيوني، وحمل غصن الزيتون بأيد عربية راهنت على هذا الخط الذي لم يوصل “القضية الفلسطينية” إلا إلى المزيد من التراجع والخسران المبين..!
إن هذه الاعتداءات اليهودية اليومية على “الأقصى” التي لم تجد سوى فئة قليلة من الفلسطينيين العزل لردها، والوقوف في وجهها نيابة عن أكثر من مليار ونصف مليار مسلم، قد خرجت من رحم ضعف حكام العرب وهوانهم، وتقديم مصالحهم الشخصية على حساب مصلحة الأمة العامة، فهم لا يأبهون لصيحات “الأقصى” إذ أصبح هذا المسجد المبارك لا يعني لهم شيئا، ما داموا مستقرين على كراسيهم التي يفديها الواحد منهم ببنيه وصاحبته وأخيه، وفصيلته التي تؤويه، ومن في الأرض جميعا…!
لقد دخل المسجد الأقصى منذ سنين في لعبة الساسة والسياسة، فالمصالح الشخصية مقدمة على الواجبات، مهما تكن قداستها، بدليل أن مسؤولا إيرانيا كبيرا صرح بدون خجل في الأيام القريبة الفائتة قائلا: ” لابد من القضاء على “داعش”لأنها خطر على أمن إسرائيل” إنه “النفاق السياسي” الذي رهن مستقبل الأمة، وجعله كالح الوجه… فأين ذهبت تلك الشعارات التي كانت تهدد الكيان الصهيوني ليلا ونهارا، وتلعن “الشيطان الأكبر” في كل جمعة مشهودة بإمامة المرشد العام للثورة الإيرانية..!
وقريب من هذا ما ابتلي به العالم الإسلامي فجنى على قضايانا الكبرى، إنه “النفاق الديني” الذي لبسه بعض المحسوبين على “العلم والعلماء” فأوَّلوا “كلمة الله” لخدمة “الزعيم” الذي يشتد على بني جلدته، ويكون هينا، لينا، رحيما، مع الأعداء، فيتحول بين عشية وضحاها -بسحر هذا النفاق الديني- إلى “بطل قومي” و“مرسل من الله” و ” مبعوث العناية الإلهية” ويده مخضبة بدماء الآلاف من الأبرياء، والناس تلعنه في البدو والحضر..!
لقد تمنى أحد العلماء المحسوبين على الأزهر الشريف، في كلمة ألقاها أمام الناس منذ أيام، والأقصى يُعتدى عليه من قطعان بني صهيون، أن يكون سفاح “رابعة” و“النهضة” وسجان الآلاف من الأبرياء- منهم بعض كبار علماء هذه الأمة، وفيهم من حُكم عليه ظلما بالإعدام- محررا للأقصى الشريف مثل صلاح الدين الأيوبي، إن هذا العالم الذي أضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، يريد أن يشبه هذا “الديكتاتور” بأحد عظماء هذه الأمة “صلاح الدين الأيوبي” الذي شابه في سيرته الخلفاء الراشدين، إنها عملية تزيف للحقائق، وتسويق للأباطيل، وتخدير للألباب، فأين أمانة العلم، والخوف من الله.؟!
أكرر فأقول: إن الأقصى لن يحرره إلا رجال آمنوا بربهم، وحققوا العبودية في الأرض، وفق منهج الله الذي أصبح يُحارب اليوم من القريب والبعيد، ولن يعود “الأقصى” إلى حضن الأمة إلا حين نسير على نفس النهج الذي سارت عليه “غزة” التي رفعت البندقية، وألقت بغصن الزيتون إلى حين تحرير الأرض ليُغرس”الزيتون” من جديد في مدينة السلام الخالية من بني صهيون…فلا نامت أعين الجبناء…!