لقد كتبتُ، وكتب غيري منذ سنوات، مقالات تدافع عن“إيران” بغض النظر عن مذهبها الشيعي بسبب الهجمة الشرسة التي كانت تتعرض لها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها من الدول الغربية، ليس عن هوى -علم الله- ولكن بناء على معطيات شرعية وسياسية قد تراءت لي شخصيا في ذلك الوقت…
ونفس الكلام يقال عن “حزب الله” الذي خاض حربه ضد الكيان الصهيوني في معركته الأخيرة في جنوب لبنان، حيث ساندناه ووقفنا معه اقتناعا عقليا، وليس عاطفيا فقط، ولانتسابه لـ“لا إله إلا الله محمد رسول الله”، ولو خاضت جهة “مسيحية” الحرب ضد الكيان الصهيوني لفرحنا بأي انتصار تحققه في حربها عليه، مثلما فرح الصحابة رضوان الله عليهم بانتصار الروم على فارس بعد هزيمتهم في أول الأمر…ولما ثبت تورط هذا الحزب “الشيعي”، بالدلائل والشواهد في سفك دماء السوريين دفاعا عن النظام السوري الذي قتل السوريين وشردهم بلا رحمة، كان الموقف واضحا منه، وهو التنديد بجرائمه لأنه واجب شرعي وإنساني..!
بيد أن الثورة السورية التي حولتها بعض الجهات الخارجية، ومنها إيران وتوابعها، إلى أزمة سوداء مظلمة، ونار محرقة، قد أكلت الأخضر واليابس، وجعلت الدم السوري رخيصا، أكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن “إيران” هي جمهورية ” شيعية “ قبل أن تكون جمهورية “إسلامية”، وأن مظالمها في حق”السنة” أصبحت كبيرة وخطيرة، لا يمكن السكوت عنها أو تجاوزها باسم” التقريب بين المذاهب”، هذا الشعار الذي أصبح “كلمة حق” تريد به بعض الجهات المحسوبة على “الشيعة” كسب مساحات جديدة في الأمة لتحقيق “أجندات إيرانية” في المناطق السنية…
ولا يعني حبنا للوحدة الإسلامية والجمع بين المسلمين أن نتغافل عن الأخطاء القاتلة التي صدرت وتصدر من أي جهة تنتسب إلى المسلمين، مهما يكن عنوانها واتجاهها، وهذا ما لحظته حين وقف بعض أهل السنة من أهل الفكر والرأي موقفا باردا فيما يخص“إرهاب الحوثيين” باليمن الذي أصبح غير “سعيد”، في حين كان صوتهم مرتفعا في تنديدهم بـ“داعش” لأنها تُنسب إلى أهل السنة..!
والعجيب أن الغرب الذي تحالف مع بعض العرب لضرب داعش، كان موقفه هو الآخر ضد إرهاب “الحوثيين” الذين احتلوا أهم المواقع في صنعاء موقفا باهتا أو ليس في مستوى الحدث، وكأن الإرهاب لصيق بأهل السنة من دون خلق الله..!
إن العنف والإرهاب من أي جهة كانت مدان ومرفوض، ولا بد لكلمة الحق أن تُقال ويسمعها المخطئون من السنة والشيعة إذا أخطأوا ورهنوا مستقبل الأمة الإسلامية بسبب نزوات سياسية وطائفية، ومسألة اجتماع المسلمين على كلمة سواء وتوحدهم مسألة لا يختلف عليها العقلاء المخلصون من كل الطوائف والمذاهب، ولكن بعيدا عن “التقية” حتى لا تقدم المصالح الضيقة القُطْرية أو الطائفية أو المذهبية على حساب مصلحة الأمة الإسلامية جمعاء…