هذا مثل شعبي جزائري، يُضرب لمن يكون “ظاهرة صوتية” أكثر منه “ظاهرة فعلية”، أي أنه قوّال غير فعّال، وهو شبيه بذلك القُرشيّ الذي لم يشبه القرشيين في البسالة، والنجدة، وكريم الأخلاق، فقال فيه شاعر:
إذا القُرشيّ لم يشبه قريشا بفعلهموُ الذي بذّ الفعالا
فتيسٌ من تيوس بني تميمٍ بذى العبلات أحسن منه حالا
وما يمنع القوّال من الفعل إلا العجز والجبن، أو هما معا، وهما من الأمراض النفسية التي لا تجدي في علاجها الأدوية التي تشترى من الصيدليات؛ وإنما يُستشفى منها بالأدعية المخلصة، وهذا ما كان يفعله سيد البشر – عليه الصلاة والسلام- حيث استعاذ بالله – عز وجل- من العجز، والكسل، وغلبة الدّين، وقهر الرجال.
إن المعنيّ بكلامي هذا هو ذلك الشخص الذي يتزعّم حزب “الاستقلال” في المغرب الأقصى، والمسمى “شباط” ولسنا ندري معنى هذا الـ “شباط”، هل هو شهر فيفري، الذي يسمى “شُباط”، أم هو “السّبّاط” المعروف – الحذاء – نُطق بلغة اليهود الذين يقلبون – أحيانا – السين شينا؟
يقول هذا “الشباط” إنه يسعى لاستعادة كرامة المغاربة، وهذا شأن مغربي، ويسعى لاسترجاع مناطق “استولت” عليها الجزائر، وذكر – ذرّا للرماد في العين – المناطق المحتلة من طرف إسبانيا – سبتة ومليلة والجزر الجعفرية – منذ نهاية القرن الخامس عشر. ونقول لهذا “الشباط” إن شئت استرجاع المناطق المحتلة من إسبانيا واستنصرتنا فعلينا النصر كما أمر الله؛ أما إن مددت عينيك “شرقا” فسنفقأهما، ولن تنال ذلك حتى لولوج الجمل في سمّم الخياط، أو “كن سبع وكلني”، ان استطعت، ولن تستطيع.
نُسب إلى الكاتب الإيطالي ما كيافيلّلي قوله إن عقول الناس ثلاثة؛ عقل يدرك الأمور من دون مساعدة، وعقل يدركها بمساعدة، وثالث لا يدركها لا بمساعدة ولا بدونها، أي أنه رُفع عنه القلم، ومن رُفع عنه القلم فمكانه “المحاجر”(❊) لا “المنابر”.
إن تلك المناطق الجزائرية التي تحلم بها قد استشهد من أجلها كرام الرجال، وسالت في سبيلها كرام الدماء، عندما كنت – يا شباط- والحالمون من أمثالك تشربون الشاي في مقاهي الرباط والدار البيضاء، ودون تلك المناطق العزيزة “خرط القتاد”.
كنت أحسبك – يا سي شباط – على شيء حتى جئت بذلك التّهتّر (الحمق والجهل)، فلا تثريب عليّ – إذن – في أن أقول لك ما قاله الإمام أبو حنيفة لشخص حسبه على شيء، وثنى رجله التي كانت تؤلمه احتراما له، فلما تبين له – بعدما تكلم – أنه “صلقع بلقع” مدّ رجله وهو يقول: “آن لأبي حنيفة أن يمدّ رجله”، ونرجو أن لا تكون – ياسي شباط- كما قال العرب في أمثالهم: سحاب صلف”، أي كثير الرعد، قليل الماء.
—–
❊) المحاجر: هي الأماكن يحتجز فيها المرضى الخطرون، مرضا عقليا أو معديا.