بداية أفول المشروع الغربي-02 أ.عبدالقادر قلاتي


اليوم وقد ودخلت السعودية في اتفاقات جديدة، وتحوّلت من دولة ناضجة سياسياً وحكيمة في إدارة قضايا السياسة والاجتماع والدين إقليميا وعربياً، إلى دولة فاشلة سياسياً، وخاضعة خضوعاً تاماً للإرادة المشروع الاستعماري الغربي، وقد أعماها بريق الثورات العربية، فراحت تخوض حروباً وهمية ضد ما أسمته زوراً وبهتاناً بإرهاب الجماعات الدينية التي كانت إلى وقت قريب، جماعات إصلاحية ودينية تحضى بالقبول في ربوع البلاد العربية و الإسلامية، وبين عشية وضحاها أصبحت تشكل خطراً على الأمن القومي العربي، بل وعلى الإسلام نفسه، كلّ ذلك لأنّها كانت داعمة للتحولات السياسية التي أفرزتها الثورات العربية، والمؤسف حقاً أن تكون السعودية التي قامت على أساس من الانتماء لهذا الدين، وتَشَكَّلَ بنيان هذه الدولة الكبيرة على المرجعية الإسلامية في السياسة والحكم وكافة شؤون الدولة، وكان من المفروض أن تكون هذه الحركات الإصلاحية السياسية ورقة رابحة جداً للنظام السعودي في صراعه الإقليمي والدولي، لكن الظاهر أن هذه الدولة بدأت تتخلى تدريجياً على ما قامت عليه من أساس متين، وهو مرجعية الإسلام التي تنادي بها أيضاً كلّ الحركات الإسلامية السياسية، وإلاّ كيف نبرر سكوت النظام السعودي المطبق لما آلت إليه الأوضاع في اليمن، وهو الذي كان بالأمس القريب يحارب جماعة الحوثيين، ويدعم النّظام اليمني بالسلاح والعتاد وبالمواقف السياسية، واليوم نراه يغيّر مواقفه فقط من أجل هدف واحد ووحيد، وهو القضاء على حركة الإخوان المسلمين –التجمع اليمني للإصلاح- في اليمن، و إدخال هذه الحركة الأصيلة في التاريخ السياسي اليمني في أتون حرب شرسة مع حركة مسلحة مدعومة من دولة لها أطماع كبيرة في جغرافيا المنطقة؛ تنهي وجودهم كأكبر حزب سياسيّ ووطنيّ في اليمن، الدولة الأقرب سياسياً ودينياً وجغرافياً، فكان عليها أن تقبل بالخطة التي رسمت لسقوط الدولة اليمنية بيد هذه الجماعة التي تخدم المشروع الإيراني في المنطقة منذ أكثر من عشرين سنة، فكان الاتفاق الذي أبرم بين ثلاثة أطراف واضحة في الصورة تماماً، الطرف الأول هو الدول الغربية التي تقود مشروع إفشال الثورات العربية، وتعمل على إعادة تفكيك المنطقة العربية وتشكيلها من جديد، والطرف الإيراني الذي يقود مشروع الاستحواذ على الخليج العربي، وهو نصيبه من التقسيم الجديد، أما الطرف الثالث -وهو الأضعف- فتمثله السعودية إلى جانب بعض دول الخليج، وليس لها من هدف سوى القضاء على الحركة الإسلامية الواعية في اليمن، لأنها تشكل بالنسبة إليها هاجساً سياسياً كبيراً، قد يتحوّل في أيِّ لحظة إلى واقع ملموس تجسده حالة سياسية جديدة قد تظهر في تيار سياسيّ إسلاميّ غير تقليدي يجد مرجعيته في الحركة الإسلامية في اليمن أو مصر أو في غيرها من البلدان التي تعرف نشاطا كبيراً لتيار ما يسمى بالإسلام السياسي وهو ما ترفضه هذه الدولة التقليدية، وترى أنه يهدد كيانها السياسي…وللحديث بقية.