مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
الملتقيات والندواتنشاطات الجمعية

الملتقى الوطني الأول حول الأسرة والطفولة والشباب

جهود متضافرة لمواجهة أهم التحديات الاجتماعية

فرجيوة: عبد الحميد عبدوس

سجلت بلدية فرجيوة من ولاية ميلة اسمها بأحرف من ذهب في سجل النشاط الثقافي الوطني باحتضانها الملتقى الوطني الأول تحت عنوان ( الأسرة والطفولة والشباب- مشكلات وحلول )
الذي نظمته شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين لبلدية فرجيوة، بالتعاون مع الشعبة الولائية للجمعية لولاية مسيلة، تحت الرعاية السامية للسيد والي ولاية ميلة وبالتنسيق مع بلدية فرجيوة.
افتتح الملتقى يوم السبت 3 ذو الحجة 1435هـ الموافق لـ27 سبتمبر 2014 بالقاعة المتعددة الرياضات لبلدية فرجيوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، وبحضور جمهور غفير من المثقفين والجامعيين والطلبة والطالبات والشخصيات الوطنية والسلطات الإدارية والعسكرية والأمنية لولاية ميلة، وكان في مقدمة الحضور معالي الدكتور محي الدين عميمور وزير الثقافة الأسبق، وسماحة الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأستاذ الدكتور عمار طالبي نائب رئيس الجمعية، وعدد من أعضاء المكتب الوطني للجمعية، والداعية الإسلامي المعروف الشيخ عثمان أمقران، وشيخ زاوية بلحملاوي، وبعد الاستماع إلى النشيد الوطني، ونشيد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين (شعب الجزائر مسلم) والكلمة الترحيبية للمنظمين، أحيلت الكلمة إلى السيد عبد الرحمن كاديد والي ولاية ميلة الذي شد الحضور بكلمته الترحيبية بالضيوف والمنوهة بأهمية موضوع الملتقى والحافلة بالمواقف الحميمية الإنسانية التي جمعته بالأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم في بداية الثمانينيات من القرن الماضي عندما دعي لإلقاء محاضرة بالمدرسة الوطنية للإدارة، وكان السيد الوالي آنذاك إطارا شابا بالمدرسة في مقتبل مسيرته الوظيفية، وطلب منه تقديم المحاضر الدكتور عبد الرزاق قسوم إلى الحاضرين، وتحولت حالة الارتباك الذي انتابه في البداية إلى محفز للقيام بمهمته على أكمل وجه بفضل تشجيع الدكتور قسوم له.
كما كشف للحاضرين أنه بكى في السر عندما سمع كلمات الشيخ الراحل عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء السابق الذي قال له بعد قرار إعادة مدرسة التهذيب إلى حوزة جمعية العلماء عندما كان واليا لولاية برج بوعريريج إنه يمكنه أن يموت مطمئنا بعد أن استردت جمعية العلماء ذلك المعلم التربوي التاريخي.
وبعد هذه الكلمة صعد إلى منصة الملتقى معالي الدكتور محي الدين عميمور الذي ذكر بالأمجاد التاريخية والإسلامية لولاية ميلة، التي كانت بمثابة المركز العسكري والديني لحركة الفتح الإسلامي لبلاد المغرب الأوسط (الجزائر) في عهد القائد المسلم أبي المهاجر دينار الذي بنى أول مسجد في الجزائر بمدينة ميلة القديمة والذي يعد ثاني أقدم مسجد في بلاد المغرب الإسلامي، كما ذكر بالأمجاد الثورية للولاية التي أنجبت عددا من أبطال الثورة الجزائرية وقادتها من أمثال المجاهد عبد الحفيظ بوالصوف مؤسس جهاز المخابرات الجزائري، والعقيد لخضر بن طوبال قائد الولاية التاريخية الثانية، وأحد أهم وزراء الحكومة الجزائرية المؤقتة، وهي كذلك بلد العلامة الكبير رائد المدرسة التاريخية الجزائرية المعاصرة الشيخ مبارك الميلي رفيق الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس، وذكر الدكتور محي الدين عميمور كذلك بأنه هو شخصيا ابن ولاية ميلة لأن دائرة الرواشد بولاية ميلة هي مسقط رأس المرحوم والده، وتمنى النجاح في ختام كلمته لأشغال الملتقى.
كما تناول الكلمة بعد ذلك السيد عبد الحفيظ طورسي رئيس بلدية فرجيوة معبرا عن سعادته واعتزازه باختيار بلدية فرجيوة لاحتضان هذا الملتقى العلمي الهام الذي يتطرق إلى لب القضية الاجتماعية متمنيا الإقامة الطيبة لضيوف الملتقى.
كما تناول الدكتور عبد العزيز بو الشعير رئيس اللجنة العلمية للملتقى الذي عدد المراحل التي مر بها الملتقى منذ أن كان مجرد طموح علمي إلى أن أصبح واقعا حيا وإنجازا علميا وثقافيا متجسدا في مدينة فرجيوة.
وبعدها استمع الحاضرون إلى كلمة الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي أشاد بنوعية الملتقى بكثافة الحضور وحسن التنظيم وأهمية المحاور والجلسات العلمية المخصصة للملتقى، كما أثنى على السيد والي ولاية ميلة الذي اعتبره مسؤولا مصلحا وصالحا وجديرا بأن يكون قدوة للمسؤولين في اهتمامه بالثقافة وسهره على تطوير الولاية، وشكره بشكل خاص على مساعدته لجمعية العلماء المسلمين وحسن تعاونه مع هيئاتها الوطنية والمحلية منذ أن كان واليا بولاية برج بوعريريج، وحضوره الشخصي وحرصه على إنجاح الملتقيات التي تنظمها الجمعية، كما شكر رئيس بلدية فرجيوة والسلطات المحلية على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال وكرم الرعاية لأشغال الملتقى، ونوه بجهود اللجنة العلمية التي وفقت في اختيار الموضوع ودعوة المحاضرين، كما شكر الشعبة الولائية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين لولاية ميلة وعلى رأسها الأستاذ السعيد مصباح، والشعبة البلدية للجمعية لبلدية فرجيوة وعلى رأسها الأستاذ محمد نبور، والأستاذ عبد الباقي بن جدو نائب الرئيس، نشير إلى أن الحاضرين استاءوا كثيرا من تجاهل التلفزة الوطنية لأشغال هذا الملتقى ولم تقم المحطة الجهوية لقسنطينة بتغطية هذا النشاط الوطني رغم حضور السلطات الولائية وقيادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وهي من أكبر الجمعيات الوطنية،س بينما حضر عدد من ممثلي القنوات الخاصة كقنوات النهار والشروق والسلام، وهذا يطرح من جديد السؤال عن وظيفة وجدوى الإعلام العمومي خصوصا في ظرف فتح مجال السمعي البصري وما سيطرحه ذلك من ظاهرة المنافسة الإعلامية بين القنوات المختلفة.
جاءت المحاضرة الافتتاحية للملتقى تحت عنوان “واقع الأسرة والطفولة والشباب في الجزائر ورهانات الفعل التربوي” من إلقاء الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم، وتناول فيها من الناحية المنهجية تأصيل المصطلح والمفهوم وذلك بالبحث عن مصطلح الأسرة في القرآن الكريم، وقد تبين أن مصطلح الأسرة لا وجود له وحتى الألفاظ التي تشبه ذلك كآل وأهل لا تفي مفهوم الأسرة بدقة إذن القرآن تناول وظائف الأسرة ولم يتناول مصطلح الأسرة ولكن الأسرة بمفهومها الممتد لا النووي لأنه يتحدث عن الزوج والزوجة والأب والابن والجد والجدة …إلخ
ثانيا يرفض الإسلام أشكال الأسرة المتداولة حاليا بما يعتريها من شذوذ ويكتفي بالأمور النموذجية الزوج والزوجة والابن أو البنت لذلك كانت حماية الأسرة من غزو الظواهر الوافدة كالزواج المثلي والأم العازبة وأطفال الحب والزواج بلا عقود وجهاد النكاح…إلخ
وتطرق إلى مكونات الأسرة بمعنى النأي بالأسرة عن المجتمع المنحل المختل، الأسرة واضعة ملامح القيم الأساسية للإنسان، وإشاعة منهجية الحوار داخل الأسرة، العناية بالتربية الخلقية التي هي الرأي المميز للإنسان، ولاحظ غياب المخطط الواقعي والفعال المتكفل بمشاكل الشباب كالعنف والانتحار والإحباط، والتأكيد على أن المنظومة التربوية الحقيقية هي التي تتكفل بها الهيئة الوطنية العليا للكفاءات حيث قدم صورة، وبعدها تم عرض الفيلم الوثائقي الهام الذي قدم صورة متكاملة عن تاريخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مواجهة سياسة المسخ الاستعماري، وكان الفيلم تحت عنوان (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التاريخ والمستقبل) للمخرج والإعلامي عبد الباقي صلاي، واعتمد في مادته التصويرية البصرية على مجموعة كبيرة ونادرة من الوثائق الأرشيفية، كما اعتمد في مادته السمعية والحوارية على آراء وشهادات مجموعة من الشخصيات البارزة في جمعية العلماء المسلمين ومن أنصارها على غرار الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأستاذ الدكتور عمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والدكتور عبد القادر فضيل عضو الهيئة الاستشارية العليا لجمعية العلماء، والأستاذ محمد الهادي الحسني الباحث الأكاديمي عضو المجلس الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومعالي الأستاذ الأمين بشيشي وزير الاتصال الأسبق، والدكتور عبد المجيد بيرم الأمين العالم لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والأستاذ عبد الحميد عبدوس عضو المجلس الوطني لجمعية العلماء المسلمين، واستغرق عرض الفيلم مدة ساعتين غطت الجوانب التاريخية والسياسية والتربوية والثقافية والإعلامية والقانونية والدينية في مسيرة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
كما نظم على هامش الملتقى معرض للكتاب ضم عددا من العناوين المهتمة بتاريخ وواقع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أو الكتب التي ألفها أعضاء جمعية العلماء قديما وحديثا.
في الفترة المسائية من يوم الافتتاح التي ترأسها الدكتور عبد العزيز بو الشعير ألقيت أربع مداخلات هي:
(التحديات الداخلية للأسرة) من إلقاء الأستاذ الدكتور مراد زعيمي الأستاذ بجامعة باجي مختار بعناية و(دور الأسرة في معالجة قضايا الطفولة المحرومة) للدكتور علي ميهوبي من جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، و(تفعيل المقصد التروبي للأسرة) للدكتور عمار طسطاس من جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة و(التغير الاجتماعي وأثره على الأسرة والشباب في المجتمع الجزائري المعاصر) للدكتور عبد الحليم مهور باشة و(عمل المرأة وتأثيره الاجتماعي) للأستاذ بلقاسم مطالبي من جامعة سعد دحلب بالبليدة.
أما الجلسة العلمية الثانية فقد ترأسها الأستاذ عمار طالبي، فقد استمع المحاضرون إلى خمس مداخلات وهي: (فلسفة الإسلام في الأسرة) للأستاذة اعتدال دبابش المكلفة بالأسرة والمرأة والطفولة بالمكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
وبعدها كانت مداخلة الدكتور بشير فايد من جامعة سطيف2 تحت عنوان (التجربة التربوية والتعليمية في تربية الأسرة لدى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) وتلتها مداخلة الأستاذ ميلود رحماني من جامعة سطيف2 تحت عنوان (البعث الحضاري ورهانات الانطلاق من مشروع الأسرة والطفل) وأعقبتها مداخلة الأستاذ جلول خلاف من جامعة سطيف2 تحت عنوان (الأسرة وحقيقة دورها بين الإسلام والغرب) أما الدكتور عبد القادر فضيل فقد ألقى مداخلة تحت عنوان (الأبناء نعمة ومسؤولية).
وبسبب كثافة البرنامج وضغط الوقت فقد طلب من الحاضرين الاكتفاء بطرح أسئلة مركزة وتفادي الدخول في تعقيبات لا يتسع الوقت المخصص لإنهاء الجلسة.
أما اليوم الثاني والأخير من أشغال الملتقى الموافق ليوم الأحد 4 ذي الحجة 1435هـ/28 سبتمبر2014 فقد ترأس الجلسة العلمية الأولى منه الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم، فقد استمع الحاضرون إلى أربع مداخلات ألقاها كل من الدكتور عبد الرحمن رداد من جامعة الحاج لخضر بباتنة بعنوان (الفكر المقاصدي في تربية الطفل) والدكتور عبد العزيز بو الشعير أستاذ الفلسفة بجامعة سطيف2 بعنوان (جدل الهدف والطريقة في بناء مناهج تربية الأطفال) تلاه الأستاذ مسعود بريكة بمحاضرة تحت عنوان (البعد الروحي والعقدي في تكوين الطفل الجزائري في العصر الوسيط: الطفل البجائي نموذجا).
واختتمت الجلسة العلمية بمداخلة الأستاذة هاجر طالب تحت عنوان (دورة تدريبية في كيفية التعامل مع الأطفال) أما الجلسة العلمية الثانية فكانت تحت رئاسة الدكتورة نعيمة دريس، وألقيت فيها مداخلات الأولى كانت بعنوان (التكامل التربوي ودوره المركزي في بناء شخصية الطفل) للدكتور عبد الرزاق بلعقروز من جامعة سطيف2، وألقى بدوره الباحث الكاديمي محمد منيار مداخلة لم تكن مبرمجة في جدول البرنامج الموزع في الملتقى، ولكنها كانت منسجمة ومتوافقة مع المحاور الأساسية للملتقى، كما ألقت الأستاذة رجم جناة من جامعة سطيف مداخلة (أثر وسائل الإعلام الحديثة على الشباب)، ألقى الأستاذ عبد الله ذراع من جامعة سطيف مداخلة تحت عنوان (عنف الشباب ومشكلة النموذج) وتلت المداخلات وتعقيبات واستفسارات من طرف الحاضرين.
أما الجلسة المسائية والأخيرة في اليوم الثاني للملتقى ترأسها الأستاذ عبد الحميد عبدوس وألقيت فيها ثلاث مداخلات هي: تربية الأطفال بين الغثائية والفاعلية للأستاذ مسعود بوسعدية من جامعة سطيف2، و(الأطفال وشبكات التواصل الاجتماعي والتحديات والمخاطر) و(الأسرة والانترنت وآليات الترشيد) للأستاذ هشام عكوباش من جامعة سطيف2.
وبعد التعقيبات والأسئلة المتعلقة بمحتوى المداخلات صعد إلى المنصة كل من الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والأستاذ الدكتور عمار طالبي نائب رئيس الجمعية اللذين ألقيا كلمتين مثمنتين لجدية المحاضرين وكرم ضيافة أهل فرجيوة وسلطات ولاية ميلة، تليت توصيات الملتقى والمتمثلة في:
1- ضرورة تدارك الاختلال الذي لحق وظائف الأسرة الجزائرية.
2- ضرورة تجديد أساليب تربية الطفل وتجنب الطرائق الخاطئة منها.
3- ضرورة إيلاء العناية الكاملة بالمشكلات الحقيقية للشباب الذي لا يزال لا يجد العناية الجادة للتكفل بقضاياه.
4- تعميم بعض التجارب الناجحة في تربية الأبناء وتأهيل الأسرة للقيام بدورها.
5- يوصي الملتقون بضرورة إشراف كل مؤسسات المجتمع ومكوناته ذات الصلة بمشكلات الأسرة والطفولة والشباب.
6- يوصي الملتقون بأهمية تنظيم دورات تدريبية وندوات علمية دورية على أن تتناول مشكلة بعينها في كل دورة.
7- طباعة أعمال الملتقى ونشرها لكل وسائل النشر.
8- نظرا للنجاح الذي حققه هذا الملتقى الوطني الأول فإن الملتقين يوصون لضرورة ترسيم هذا الملتقى سنويا بنفس الاسم على أن يتناول في كل مرة محورا محددا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى