الخوف من تراجع أسعار البترول…د.فارس مسدور

 هلع وخوف كبير لدى الأوساط الرسمية من انخفاض وتراجع أسعار المحروقات، وأثرها على الاقتصاد الوطني، وكل هذا ضمن توقعات اقتصادية صدرت من أوساط معينة زرعت كل هذا الإضراب في مختلف الأوساط الرسمية والإعلامية في بلادنا خاصة والعالم عامة، لكن هل هذا شيء جديد.؟
الواقع أن أسعار المحروقات كانت إحدى خيوط اللعبة الاقتصادية العالمية، تتحكم في خيوطها الدول العظمى، تلعب بحياتنا الاقتصادية كما تشاء من خلال مؤسسات بورصية عالمية ومكاتب دراسات وخبرة اقتصادية دولية كسبت مكانة مرموقة في الأوساط الاقتصادية المختلفة، وأصبحت التقارير الصادرة عنها لا تقبل المناقشة، وكأنها كلام مقدس لا يحتمل التغيير، والمشكل أننا في العالم المنتج للبترول والمواد الخام بشكل عام ضحية تلاعب هذه الهيئات العالمية بالأرقام ومختلف التنبؤات الاقتصادية التي أصبحت ورقة تخويف للدول التي لا تسير مع التيار.
والكل يعلم تلك المكائد والمخططات التي يبتغى من ورائها تمرير الرسائل للدول التي تحاول أن تغرّد خارج السّرب، غير أنهم يسيرون ويسايرون الموجة عندنا ويأخذون بتلك التقارير الواهية الكاذبة الماكرة ويستعملون خطابا تخويفيا للأمة، فيدخلون المواطن البسيط في متاهات أرقام لا نهاية لها وتمرر القوانين التي ترفع من الضرائب والرسوم التي تبرر بمثل تلك التقارير والأخبار.
كل هذا الذي ذكرناه حقيقة، لكن الأمرّ منه أننا لا نتعلم الدروس، ولا ندرس التاريخ، ولا نقرأ عن الذين كتبوا مؤلفات عديدة يفضحون من خلالها اللعبة الاقتصادية القذرة التي تمارسها الدول العظمى من أجل ابتزاز أموال الدول المتخلفة التي ننتمي إليها، علما أنه كان بإمكاننا أن نتخلص تماما من الخوف من عقدة أسعار البترول وتهديدات انخفاض أسعاره، وذلك بما يلي:
• الاستثمار في الطاقات المتجددة باستغلال الفوائض المالية الناجمة عن البترول في إقامة مصادر للطاقات البديلة المتجددة، وتصديرها لأوروبا.
• الاستثمار في القطاع الفلاحي، الذي يغنينا عن استيراد غذائنا من الخارج.
• الاستثمار في القطاع السياحي، الذي لم يحض باهتمامنا، وهو يعتبر من أهم مصادر إنتاج الثروة.
• الاستثمار في البحث العلمي الجاد الذي يفضي إلى إنتاج الثروة.
هذه المجالات لا يمكن الاستغناء عنها خاصة إذا كان الاقتصاد اقتصادا ريعيا كاقتصادنا، وأتعجب كيف أننا لم نجسد شيئا من هذه العناصر التي يمكن أن تخرجنا من هذا الخوف الذي يلازمنا دائما.
إننا ضيعنا الكثير من الوقت والأموال في مشاريع أقل ما يقال عنها أنها مضيعة للمال والجهد، ولو أننا أنجزناها بسواعدنا لكان الهم أخف، لكننا أنجزناها بسواعد أجنبية، فلم ننقل لا تكنولوجيا ولا خبرة تطبيقية أو معرفية.
إننا لن نخرج من هذا الخوف إلا بالاستثمار في العقل الجزائري، بالإضافة إلى الشراكة مع دول تقبل تقاسم تطوراتها المعرفية والتكنولوجية، أما إذا بقينا ننتظر أن تعطينا أمريكا أو أوروبا شيئا فيمكننا أن ننتظر طويلا.

Exit mobile version