مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراء

وفي الإقدام حياة… أ.د عمار طالبي

   images (1)        تأخرتُ استبقي الحياة فلم أجد    لنفسي حياةً مثل أن أتقدما

                                                                                                                                                                                                                      الحصين بن الجُمام

الحياة في الإقدام، والموت في التأخر والجبن، هذا معيار ما يفعله المجاهدون الصابرون الثابتون المقدامون، مع قلتهم وقلة عدتهم، ومحاصرتهم في هذه القطعة الصغيرة من أرض فلسطين، إنهم أثبتوا وبرهنوا، عن جدارة، أنهم جبارون، يتصدون لجنود مدججين، مثقلين بالسلاح، والطيران والدبابات والمدافع جوا وبرا وبحرا، وتمدهم أمريكا وبريطانيا وغيرهما بالأسلحة المدمرة، وهي الصانعة للأسلحة المصدرة لها إلى الصين وغيرها. فهل يمكن قياس هذا على ذاك؟ إنه لعجب العجاب، مقاومة صارمة صاعدة مقدامة لصلابة أنفس أصحابها وقوتها قبل قوة العدة والعدد، وأعجب من ذلك وأغرب صبر هذا الشعب، وصلابته، صلابة لا تزعزع، تسفك دماء أطفاله، ونسائه وشيوخه الذين لا شأن لهم بالقتال، بأي ذنب يقتلون ويؤاخذون؟ إنهم الصابرون الثابتون وإن صب عليهم الموت الزؤام، والمدافع والقنابل المفجرة للديار والأجسام.

 هذه نساء يحتضن أطفالهن، وهم ممزقون شظايا، دماؤهم تسيل وجلودهم تحرق.

 إن هذه المشاهد لمرعبة تؤلم كل إنسان له ضمير حي، وفطرة طاهرة لم تلوثها العداوة، لذلك نرى أصحاب هذه الضمائر في بلاد الغرب والشرق تتظاهر، وتنكر على بني إسرائيل الصهاينة مجازرهم، ومحارقهم للأطفال وتدعو إلى وقف هذه المظالم، ولكن أصحاب النظم السياسية على أبصارهم غشاوة إن على قلوبهم مناصرة الظالمين والدفاع عنهم بكل وسيلة، وغاب عنهم كل رشد وكل عقل وضمير ومنطق. لكن دول أمريكا اللاتينية ترى هذه المظالم بأعين بصيرة، وبقلوب فطرية إنسانية فأنكرت وعبرت عن استنكارها، ودعا بعضها إلى اعتبار دولة الصهاينة دولة إرهابية، ودعا بعضها الآخر سفراءها للتشاور، في حين تدفع الولايات المتحدة الأمريكية الأسلحة لبني صهيون ليقتلوا بها الأطفال، فأين الضمير وأين القيم الأخلاقية الإنسانية؟

إن هذا ليؤذن بأفول هذا الطغيان، والعالم اليوم يسمع ويقرأ، ويسجل فلم تعد تخفى المظالم، ومشاهد القتل إلا على الظالمين، ولا نشك اليوم أن بني صهيون فضحوا أنفسهم وأجرموا في حق الإنسانية، وهذا الإجرام مسجل موثق، لا يستطيعون ولا أنصارهم إخفاء هذه الجرائم مهما فعوا وظللوا بالإعلام وبالمواقف السياسية المخزية.

وانضمت إلى بني إسرائيل روسيا، التي انحازت في إعلامها إلى العدوان، وتزعم أنها قريبة من العرب، إنها لبعيدة أشد البعد، وأكثر المتطرفين اليهود إنما أرسلت بهم إلى فلسطين مهاجرين مقاتلين.

وانضم بعض الأنظمة العربية متحالفين للقضاء على المقاومين، الذين يدافعون عن شرف العرب وكرامتهم في فلسطين ليسعدوا إسرائيل وتهنأ بهم ويأنسون بها. إن حالة العرب اليوم حالة دول الطوائف في الأندلس الذين كانوا يتحالفون مع الأسبان فكانت عاقبتهم السحق والمحق والمحو من الوجود في تلك الأرض، وهؤلاء المتخاذلون الصامتون صمت أصحاب القبور سيأتيهم يومهم  “ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم”.     

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى