وا غـــزتاه..! د.عبدالرزاق قسوم

 يا لله لعزتنا الطريحة، ولغزتنا الجريحة مما تلاقيه، ولشعبنا الباسل فيها مما يعانيه. لقد استأسد البُغاة بأرضنا، فغاراتهم كالمطر، تتساقط على أهلنا، ترمل الأيامى، وتضاعف عدد اليتامى، وتهدم المساكن والمعابد على المصلين، والأبرياء الصائمين النُّدامى.

 استباح المجرمون الطغاة، قدسية فضائنا، فهم يستعرضون قوتهم، أمام ضعف قياداتنا، وجبن جيوشنا، وصدإ أسلحتنا.

من كان يصدّق أن اليهودي الصهيوني الرعديد، يتطاول على صاحب الحق الصنديد؟ ومن كان يظن أن العربي ستتضاءل قيمته، وتخار عزيمته، وتضعف شكيمته، إلى الحد الذي يسوّد فيه تاريخ صحيفته؟

إن لغز ما يحدث لغزة اليوم، على أيدي الصهاينة المعتدين، إن هو إلا نتيجة فاسدة، لمقدمة أفسد. فمنذ المخطط الإجرامي، لتفكيك عرى الصف العربي، بشغل قيادات الأمة العربية بشعوبها، كما يعبث في العراق،  في سوريا، وفي مصر، وفي ليبيا، صارت الأجواء سالكة، والسبل حالكة، مكنت للعدو من تنفيذ جريمته الشنعاء على الضحايا الأبرياء..

تالله إن هذه لمن علامات قيام الساعة في الوطن العربي، أن توجه أسلحة الجيوش العربية لظهور شعوبها، كي تتمكن الخطة الصهيونية من إحكام القبضة في أمتنا على كل معالم نفوذها.

أمن قلة نحن اليوم –إذن- يا إخوتي، ونحن خير أمة أخرجت للناس؟ وأولو قوة وأولو بأس؟ ونملك الكنوز من الذهب والفضة والماس؟ فمن أين دب إلينا هذا الباس، وكيف سامنا هذا الياس؟

نفضنا أيدينا –إذن- من قيادات العرب، الذين يعانون كل أنواع الشتات والشغب، ولا يصدر عنهم إلا منطق القمع، والكرب، والأرب. وإن الأمل معقود، على النبض الحي الوحيد في أمتنا ممثلا في المقاومة، التي بالرغم مما يكبلها، من أصناف الخسف، والتضييق ترسل بصواعقها على حشود العدو ومعاقله، فتثير الرعب في نفوسها، والفزع في جيوشها، والإحباط بين فلول أذنابها ورؤوسها.

آن الأوان، لشعوبنا العربية الإسلامية، أن تحل محل قياداتها، فتذيق الأعداء، ألوانا شتى من المقاومة، فتقدم للصامدين في غزة العِزة، كل أنواع الدعم، لتجاوز حلول، وفلول الحالمين بالمساومة. ما لليوم يوم البائعين مدادهم، وجهادهم، اليوم يوم الباذلين دماءهم، وأشلاءهم.

فيا إخوتي في كل جزء من الوطن العربي والأمة الإسلامية! لقد حصحص الحق، وبان الصبح لكل ذي عينين، فإما الصمود، بكل أنواع الدعم للجنود، ضد الصهاينة اليهود وإما مماة لا قيامة بعده، فالمعركة قد بدأت بين الحق والباطل، وبين الغريب وصاحب الدار، وبين حماة الضمار، وحملة الطاعون الأشرار، وما دمنا نؤمن بأن منطق الحق هو الذي سيكتب له الانتصار، فإن غرس صهيوني في فلسطين، كما يقول الإمام الإبراهيمي، هو غرس غريب، عن أرضها لا يمكن أن ينبت، وإن نبت مؤقتا، فإنه لا يثبت”.

حقا، نحن نعاني مأساة التخريب والدمار، على أيدي الصهاينة الأشرار،، وحقا إن الكلمات قد طارت من ألسنة أقلامنا، والعبارات قد جمدت على رؤوس ألسنتنا، وقد بلغت القلوب الحناجر، ولكننا واثقون من نصر الله الذي ينصر أهل الحق مهما ضعفت أسلحتهم، ويهزم أهل البغي والعدوان، مهما قويت شوكتهم، وتعددت أجهزتهم.

إن غزة العزة والصمود، تلقي درسها على العالم، وعلى الأمة العربية، منظمات وهيآت، وجمعيات، أن تنظم وسائل الدعم، المادي والمعنوي، المدني والعسكري، فالأبطال المقاومون في غزتنا، لا ينقصهم العدد، وإنما في حاجة إلى المدد، لتقوية زنادهم، وتعزيز عتادهم، ونصر جهادهم، ومضاعفة أعدادهم.

فصبراً يا آل غزة! فمهما اشتد كربكم، وأظلم ليلكم، وتطاول العدو عليكم، فإنكم المنتصرون لأنكم جند الله، الذي لا يغلب..وللضمير العربي، الذي يعاني ظلم الأخ لأخيه، نقول ما قال الشاعر السوري المرحوم عمر بهاء الدين الأميري:

تحجر يا فؤاد فإن حولي           

قلوبا كالحجارة لا تلين

وآذانا عن الآهات صما           

وقوما ليس يشجيهم أنين

فإن لم تستطع فاكتم وجيبا     

تجدد في تردده الحَنين

ولا …………..الحنايا       

فثم ترعرع الألم الدفين

وعش طي الضلوع حبيسهم     

كليث بات فحبسه العرين

 

Exit mobile version