بين الأخوة الدينية ….ومونديال 2014 أ/ أمال السائحي.ح
الأخوة في الله رابطة وثيقة تسمو على سائر العلاقات التي تربط بين الناس لكونها ليست محكومة بتراب أو دم أو مصلحة دنيوية، لذلك حرص الإسلام على تقوية تلك الرابطة، فأسسها على العقيدة فكانت منحة إلهية لا يدرك قيمتها إلا من عرف كنهها، ولا يشعر بحلاوتها إلا من تذوقها.
فالأخوةُ في الله عبادةٌ تتطلب منا نيَّةً خالصة لله – تعالى – وبما أن النيات تتقلَّب؛ فإن للشيطان دورًا كبيرًا في تقلُّبها، وكلما كانت النية خالصة كانت الصحبة لها ثمرتها المرجوة، إن الصحبة نزوع مفطورٌ عليه كلُّ إنسان، والناسُ كلهم إما صاحب أو مصحوب؛ لكن تتباين مقاصدُهم، وتختلف مطالبُهم، كاختلاف ما بين السماء والأرض، فكلها دنيوية؛ ما عدا صحبة المتآخين في الله، فالناس يصحب بعضُهم بعضًا؛ إما لأجل كسبٍ مالي، أو مطمعٍ في منصب، أو لقصد شهوة من شهوات النفس، أو لأمر دنيوي آخر.
يقول تعالى: ..وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا… سورة آل عمران، الآية 103. وجعلها فريضة بين المؤمنين في قوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ… سورة الحجرات، الآية 10 وقد أكد الإسلام على تعزيز أواصر الإخاء لأن ذلك يقوي أركان المجتمع المسلم ويحفظ بنيانه، واعتبر من خذلان المسلم لأخيه، ذريعة إلى خذلان الإسلام والمسلمين.
وما جعلني اكتب هذه الكلمة عن الأخوة، أخوة الدين وليست أخوة الدم، ما شد انتباهي للفترة التي مر بها فريقنا الوطني لدورة كأس العالم 2014، قلت ما شد انتباهي عبر شبكات التواصل (التويتر، والفايسبوك)، وما وصلني من تعليقات منها تهاني، وردود فعل سعيدة و خيبة أمل هذا كله تضامنا مع فريقنا الوطني الذي أجرى مباراياته الرياضية منها ما نجح فيها ومنها ما أخفق، ولكن كما قلت حديثي اليوم ليس لأن فريقا بحد ذاته نجح أو خسر، فالأمر أكبر من ذلك، لأن الدول العربية والإسلامية كلها اتخذت موعدا على أن تتكاتف، وتتلاحم، وتتناسق فيما بينها في لحظات كانت جميلة جدا، ولكنها أوصلت شفرة كانت في معناها أن أخوتنا واحدة، وإحساسنا بالنصر أو الهزيمة واحد، فلم يكن هناك فرق بين الشاعر والأديب، وبين المواطن البسيط، وبين الداعية لله، وبين الطبيب، فالكل كان يتواصل، لا لتلك المباراة فحسب ولكن لشيء بداخلنا اسمه الأخوة في الله، التي أودعها الله فينا، فإننا ننتصر لإخواننا، نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم….
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :لقاء الإخوان جلاء الأحزان، وإذا رزقك مودة امرئ مسلم فتثبت به.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :عليكم بالإخوان، فإنهم عدة في الدنيا والآخرة، ألا تسمع إلى قول أهل النار: ” فما لنا من شافعين ولا صديق حميم”.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: من علامات الصادق في أخوة أخيه، أن يقبل علله، ويسدد خلله، ويغفر زلته.
وقد قِيل قديماً: خير الإخوان، من أقبل عليك إذا أدبر الزمان عنك