مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

"ميزيرية".. وتحيا الجزائر أ/ حسين لقرع

LAGRAA1 (1) من الشعارات البارزة التي ردّدها الأنصارُ خلال إحتفالاتهم بالمنتخب الوطني “ميزيرية وتحيا الجزائر” و”تحيا الجزائر.. رابحين والا خاسرين”.

  هذه الشعارات والهتافات ترددت أيضاً في مناسبات سابقة، أبرزها فور نهاية مقابلة أم درمان في 18 نوفمبر 2009، ولعلّ إعادة ترديدها في كل مرة، يؤكد مدى وطنية الأجيال الجديدة وحبّها العميق لوطنها وتعلقها به، بعد أن اشتهرت بأنها أجيالٌ لا تحبّ بلدها وتسعى إلى “الحرقة” إلى أوربا بأيّ وسيلة فراراً منه.

الجزائريون، كباراً وصغاراً، يحبون وطنهم، في أوقات الشدة والرخاء، ويتمنون له التقدّم والازدهار وأن يرقى إلى مصافّ الدول الكبرى، وينافس الأممَ الحية، فيرفع الجزائريُ رأسه عالياً بين الشعوب شامخاً مفتخرا، وقد منّوهُ منذ عقود بأن يكون بلدُه “يابان إفريقيا” ويحقق تطورا في شتى المجالات، ولكن الآمال خابت والاحباطات تراكمت بمرور الوقت والبلاد تغرق في دوامة من الأزمات لا تكاد تخرج من أزمة إلا وتدخل في أخرى، حتى أصبح الشعب مشتاقاً إلى أي انتصار يكون متنفساً له من كثرة الخيبات والاحتقانات… كان الشعب يأمل أن يحقق وطنُه إنجازاتٍ مهمّة على الصُّعد كافة بالنظر إلى إمكاناته وثرواته وطاقاته الهائلة والمتنوعة، فهو بلدٌ غني بالمحروقات، أراضيه شاسعة، وشبابه يشكّل أكثر من 70 بالمائة من عدد السكان، ولكن ما تحقق منذ 1962 إلى حدّ الساعة، ليس في مستوى ما يملكه من ثروات وطاقات، ما أصاب ملايينَ الشباب بالإحباط والمرارة، انعكس في صور شتى ومنها تفاقم “الحرقة” في قوارب الموت، وتصاعد حالات الانتحار حرقاً بالبنزين…

ولعلّ هتافات “ميزيرية وتحيا الجزائر” هي رسالة بليغة للسلطات مفادها أن الشعب يحب بلده حتى النخاع، وفي كل الحالات، فهو وطنه الوحيد وليس له وطنٌ غيره، وهو لا يكرهه كما يعتقد بعض الناس من فرط ضنك العيش الذي يحياه، ولكن السلطات في نفس الوقت مدعوّة لعمل المزيد لتحسين وضع هذا الشعب ورفع مستواه المعيشي والتفكير في وضع مخططات اقتصادية ناجعة توفر مئات الآلاف من مناصب الشغل سنوياً لبطاليه من الشباب ومثلها من السكنات، وتوفير المزيد من الخدمات للناس في شتى مناطق البلد وخاصة في المناطق الريفية والنائية…

من غير المعقول أن تكون هناك ندرة في الحليب في جزائر 2014، وأن يدخل مواطنون في معركة بالأسلحة البيضاء ويسقط 17 جريحاً في إحدى مناطق الوطن من أجل كيس حليب والحالُ أن البلد قادرٌ على توفير حاجته إلى هذه المادة وتصديرها إلى الخارج لو اعتمد سياسة أكثر نجاعة في تربية الأبقار والمواشي.. من غير المعقول أن يعاني الشعب ضنك العيش وبلده يتوفر على موارد وثروات باطنية تحسدها عليه دولٌ كثيرة، وأن لا يجد شبابُها مناصبَ عمل ويبحر في قوارب الموت إلى وأوربا، حتى أن مسؤولين إيطاليين قالوا ذات مرة بتعجب “نفهم أن يأتينا مهاجرون غير شرعيين من دول إفريقية تعاني المجاعة والفقر، ولكننا لا نفهم أن يأتينا هؤلاء من الجزائر وهي دولة غنية بالبترول والغاز”.

هي عبارة بليغة تدلّ على أن المشكلة لا تزال تكمن في التسيير والتخطيط، وأن البلاد بحاجة إلى مراجعة عميقة لسياساتها بعد مضيّ أكثر من نصف قرن على تحقيق الاستقلال، فقد تضاعف عددُ السكان وتزايدت الاحتياجات إلى العمل والسكن والخدمات الأساسية وغيرها من ضروريات الحياة، وآن الأوان لأنْ يتغير الوضع القائم باتجاه تحسين المستوى المعيشي لعموم الشعب.

لقد أثبت الشعب بشعاره “ميزيرية وتحيا الجزائر” مدى حبه لوطنه وصبره على أوضاعه، ولكن هذه المقولة ليست صكاً على بياض للسلطة؛ ولا ينبغي أن تسيىء قراءتها وتعتقد أنها تعني “إننا راضون بأوضاعنا مهما كانت الظروف” بل ينبغي أن تقرأها باتجاه تقدير ظروف البلد مع مطالبة السلطة بضرورة العمل أكثر على تحسين الأوضاع وذلك بحسن استغلال الموارد المالية الوفيرة المتأتية من الطفرة النفطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى