جلس شاب يدرس في الجامعة إلى شيخ محنك صهرته التجارب في مختلف مراحل حياته فخرج منها ذهبا خالصا، فقال له:
حدثني عن تجاربك الوافرة، وتقلبات الأيام بك فجئتك مستنصحا، وأنا أستقبل حياة لا أدري ما تواجهني به.
فتأمله الشيخ مليا ثم قال له: لا أبخل عليك بالنصح على شرط أن لا تبخل على نفسك بالعمل بها.
فقال له الشاب في لهجة الواثق، كيف لا أعمل بها وأنا حريص عليها، وما جئتك إلا من أجلها،، فقال الشيخ: سأجمع لك أصلع القواعد للحياة، فإذا حفظتها وعملت بها كنت من الفائزين.
فأرهف الشاب أذنيه، وانطلق الشيخ يقدم له هذه النصائح:
1) إن لجسمك عليك حقا، فلا تهمله بل امنحه كل يوما جانبا من عنايتك، فلا سعادة في هذه الدنيا بدون قوة ونشاط، وكن معتدلا في كل شيء: في مأكلك ومشربك، وكل شيء تتعاطاه في حياتك.
2) ذهنك كجسمك هو أيضا يحتاج إلى تغذية، غذه بالقراءة الجيدة، والمحادثة المفيدة، والمذاكرة المثرية، وكن على بينة مما يؤذيه أو يعرضه للأمراض، فاحرص على تجنبه، تذكر على الدوام أن حياتك الذهنية قائمة على ثلاثة عناصر:
الشعور، والفكر، والإرادة، فوازن بينها وغذها جميعا لتنمو متناسبة متماسكة!
3) حاول جهد طاقتك أن تطلق فكرك من قيوده، وقيود الفكر أخطر من قيود الجسم وإن خفيت من الأعين، فمنها الوراثة، والتقليد، والتشيع، والتبعية، اعمل جهدك على أن يكون دافعك وقائدك ما تراه بعين العقل المجرد صالحا.
4) حافظ على وقتك وابذل جهدك في استثماره، واعلم أنه هو عمرك الثمين الذي لا يعوض منه ما ضاع، لا بالشراء ولا بالتعويض ولا بالهبة!
5) حافظ على أصدقائك الخلص، فهم أعوانك وأنصارك في الحياة، فما أصعب الظفر بالصديق، وما أسهل تضييعه.
6) حافظ على سمعتك، وحاول ما استطعت أن تجنبها كل ما من شأنه أن يلوثها أو يحط منها، فهي رأس مالك الذي لا يفنى!
7) أحبب وطنك واسع جهدك في ترقيته، واعمل ما استطعت على أن تكون خير ممثل له في حلك وفي ترحالك، فليس وطنك إلا مجموع أفراد، ومجموع أعمال، فكن فيه من خير أفراده ومن خير أعماله.
8) لا تكثر همك، فما قدر لا مفر منه، وما لم يقدر فأنت آمن منه، فلم الخوف والهم والقلق، ولقد قال الحكيم (توماس جفرس):
ما أكثر ما تغتم لمصائب لم تحدث قط، ثم سكت الشيخ قليلا وهو يركز بصره في الشاب ثم أنشد هذا البيت: