مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
حوارات

جريدة البصائر في حوار مع الأستاذ الدكتور سعيدي مزيان

  بعد إسدال الستار على أشغال ملتقى التنصير في الجزائر بين الحقيقة التاريخية والرهانات المستقبلية المنعقد أيام 5-6و7 ماي 2014 بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة.

   كان لنا هذا الحوار مع رئيسه والمهندس لفعالياته الدّكتور سعيدي مزيان أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر (تخصّص تاريخ الجزائر بين 1830-1962) بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، والمشرف العام ورئيس اللجنة العلمية للملتقى، والذّي يعتبر مرجعاً في مجال التنّصير في الجزائر من خلال الدّراسات العلمية والأكاديمية الجادّة التّي قام بها بدءً من رسالته للماجستير حول النشاط التنصيري للكاردينال لافيجري في الجزائر بين 1867-1892 والتيّ طورت إلى دراسة مرجعية  منذ سنوات حملت عنوان: النشاط التنصيري للكاردينال لافيجري في الجزائر بين 1867-1892 م وأساليب المجابهة الجزائرية له“، كما صدر له مؤخراً  كتاب جديد في نفس المجال تحت عنوان: السياسة الاستعمارية الفرنسية في منطقة القبائل  ومواقف السكان منها في جزأين وكتاب آخر  موسوم بـ ” قضايا ودراسات تاريخية وآخر حول:أسس ومنطلقات الحركة الوطنية الجزائرية بمعية أستاذين كريمين،  وآخر قيد الطّبع حولالمشروع الصّليبي الفرنسي في الجزائر بين 1830م – 1870م“.

س1: لا يزال التّنصير في الجزائر يعتبر من الطابوهات التي ينبغي تجنب الحديث عنها أو الخوض فيه رغم أنّ الجزائر بلد مسلم بنسبة 99 بالمائة، هل بكم بتوضيح أسباب هذا الأمر؟

  إنّ الحقيقة التي لا مرية فيها هي أنّ التنصير في الجزائر له خلفياته التاريخية ومرجعيات التي يستند إليها، فالعملية ليست جديدة بل هي متجدّدة وباقية في التجديد فكما نعتبر النصارى كفاراً فهم يعتبروننا أيضا كفاراً وسبب تخلفنا الحضاري يكمن في هذا الدّين الذي جعلنا متعصبين، كما أنّ هذه الأرض (الجزائر) كانت مسيحية  – في نظرهم وفق كتاباتهم وخطاباتهم المتعددة لكون الأمازيغ اعتنقوا المسيحية عن اقتناع وقدموا للمسيحية أخطب خطيب لاتيني وهو (القديس) أوغسطين ويعتبرون الفتح الإسلامي لهذه الربوع غلطة لا تغتفر جعلت المد المسيحي يتوقف لقرون طويلة حتى جاء الغزو الفرنسي للجزائر سنة 1830 م ليبشر بفتح مسيحيي مبين بحكم أنّ العناية الإلهية سمحت بعودة المسيحية إلى هذه الربوع.

  انطلاقاً من ذلك أوجدت استراتيجية هدامة  شكّلت حلقة من حلقات السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر طيلة الحقبة الاستعمارية (132سنة كاملة) كان منظّرها ومفعّلها الكاردينال لافيجري قطب التّنصير في الجزائر  بين 1867 -1892 والذي ذكر بأن النتائج المرجوة من الاستراتيجية المنتهجة تمتد على مدى عشرة قرون كاملة، أجل عشرة قرون كاملة.

  بعد الاستقلال عرفت العملية بعض الركود لعدة اعتبارات لا يسمح المجال بذكرها، فكانت  هادئة مستترة إلى أن جاء وقت البعث من جديد، بداية من الثمانينات ثم التسعينات ونشطت بشكل يسترعي النّظر  مع بداية الألفية الجديدة اغتناماً لهم لظروف الجزائر المتربص بها الدوائر، ومع ذلك هناك من لم يعط المسألة أهمية، وحتى من أصحاب القرار، استخفافاً بالأمر واعتبار أن المسألة ظرفية تمس أفراداً لا الجماعات ومنطقة دون أخريات.

  جراء ذلك كسر الطابو من قبل بعض الأساتذة الجامعين ومن قبل بعض مصلحي هذه الأمة ومن بعض الصحفيين المقتدرين الذين يعود لهم الفضل في إجراء تحقيقات ميدانية، ويا ليتهم كانوا كثيرين، جعلت الجزائريين يعون عن كثب حقيقة ما يجري في هذا البلد وما يحاك ضده من مؤامرات، فالأمر غاية في الخطورة.

س2: إزاء انقسام النّظرة إلى التنصير في المجتمع الجزائري بين مقاربتين هما: التهوين من جهة والتهويل من جهة ثانية، هل يمكنكم وضعنا في الصورة الحقيقية لهذه الظاهرة انطلاقاً من آخر ما توصلت إليه الأبحاث الميدانية والإحصائيات العلمية؟

  في واقع الأمر يمكن الإدلاء بالقول أنّ التنصير في الجزائر يتأرجح بين التهويل والتهوين، فهناك من يعتبره مسألة خطيرة جداً، بحكم أنّ التنصير أصبح مظهراً استعمارياً جديداًًً (الغزو الديني) وأخذ يبتلع خاصة شباب الأمة ويغرّر بهم ويخرجهم من عقيدة التوحيد ومن شأن ذلك أن يولد طبقة طائفية جديدة تفتح الباب على مصراعيه لظهور أخرى  (كاثوليك، بورتستانتميتوديست …) وحتى مستقبلاً لطائفة شيعية جزائرية، يمكن لها أن تزعزع وحدة الأمة الجزائرية، وهناك من يعتبر المسألة مجرد محاولات متجددة يائسة لا تعدو أن تكون بعثات صغيرة كاثوليكية وبروتستانتية لم تحقق الهدف المطلوب بحكم كون عدد (أشباه المنصّرين) جدّ مبالغ فيه  وأنّ هؤلاء سرعان ما يعودون إلى دينهم بعد اكتشاف الزيغ والضلال الذي كانوا فيه بحكم إغراءات مادية جمّة.

  انطلاقاً من هذه المعطيات ومعاينتنا لحيثيات المسألة وتتبعنا لمجرياتها عن كثب يمكن القول أن الأمر عوان بين ذلك. فمسألة التنصير في الجزائر وغيرها من البلدان الإسلامية حقيقة قائمة لا ينكرها إلا جاحد لأنهّا تدخل في إطار الصراع الأزلي بين الحق والباطل، فقد أشار القرآن الكريم إلى طبيعة هذا الصراع بحكم أن هذا الدين سيلاقي حرباً ضروساً علية وستكون الغلبة له وهذا من صميم عقيدتنا، هذا أمر يقيني.

  بعد هذا التبصير، يجب أن تؤخذ المسألة بجدية فقد أظهرت بعض الإحصاءات (تؤخذ بتحفظ) بأن عدد المنصّرين في الجزائر – وفق ما صرح به جوال روزنبرغ  (Rosenburg) – بأن عدد أتباع  كنسيته البروتستانتية قد بلغ 50000 وأن هناك أكثر من 80000 مسلم جزائري تحوّل إلى (المسيحية) في الأعوام الأخيرة  رغم منع الحكومة الجزائرية للتنصير بالجزائر وفق  قرار  ينظّم ممارسة الديانة لغير المسلمين  رقم 06-03 المؤرخ في  28 فيفيري 2006 والمرسوم التنفيذي المتعلق به (135-07)  والذي يسمح بإخضاع الكنائس المسيحية لأحكام القانون الجزائري.

س3: الملتقى الذي بادرتم بتنظيمه يعتبر من التظاهرات النادرة التي تعرضت لهذه الظاهرة و التي تهدّد الأمن الروحي والاستراتيجي للبلاد، ما هي الأهداف التي ترومون تحقيقها من وراء انعقاده؟

  أوّلا: تبصير الجميع بخطورة الظاهرة المتجددة وبخاصة الطلبة بحجة أنّ الملتقى علمي أكاديمي بالدّرجة الأولى بعيد عن المزايدات بكل أنواعها.

 ثانيا: إبراز البعد الصليبي في الحملة الاستدمارية الفرنسية على الجزائر سنة 1830م

ثالثا: تتبع نشاط الإرساليات التنصيرية الفرنسية بالجزائر بإبراز أهدافها ووسائلها

رابعا: التشهير بالاستراتيجية الدّينية الاستعمارية الفرنسية بالجزائر من خلال أقطاب التنصير.

خامسا: الوقوف على  أساليب المجابهة الجزائرية للنشاط التنصيري والتعريف بعلماء الجزائر، مصلحيها و فقهائها ومشايخها.

سادسا: معالجة واقع التنصير بالجزائر بعد الاستقلال  بين  الممارسة العملية والرّهانات المستقبلية .

سابعا: الخروج بتوصيات علمية  تقدم إلى الجهات المسؤولة في البلاد للأخذ بها وتطبيقها عملياً لأنّ الصراع حضاري بالدرجة الأولى،  نصرة  لهذا الدين  وحتّى يكتب لنا أجر الذّوذ عن حمى الوطن:  الجزائر.

س4:يربط العديد من النّاس خطأ قضية التنصير في الجزائر بمناطق معينة مثل منطقة القبائل رغم أنّ التنصير لا يستثني منطقة دون أخرى، ما رأيكم في هذا الطرح؟

  أشرت في معرض حديثي إلى أنّ التنصير في الجزائر له مرجعياته التاريخية ويستند إلى استراتيجية هدّامة  فالبدايات العملية كانت خلال الفترة الاستعمارية المتأخرة: العهد الفرنسي حيث  شرع لافيجري بمعية فرقة الآباء والأخوات البيض في إنشاء مراكز تنصيرية بمنطقة القبائل منذ 1872م نذكر على سبيل المثال لا الحصر: واضية، آثمنقلات، بني يني، عين الحمام، جماعة صهاريج، فور ناسيونال (الأربعاء ناث ايراثن) …، باستخدام أساليب دقيقة  كالتعليم التنصيري، التطبيب، الأعمال الخيرية…وغيرها. كان وراء ذلك أسباب مركزية لتحقيق أهداف استراتيجية يطول شرحها، علما أنّنا شخصناها وبيّنا كنهها ومبتغاها في كتابنا: “السياسة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر ومواقف السكان منها ” في جزأين اثنين، أبرزها على الإطلاق محاولة تكريس أسطورة القبائل المسيحية و تدعيم السياسة القبائلية الرامية إلى إنشاء كيان قبائلي يهدّد وحدة الأمة الجزائرية. هذا لا يعني أن الحملة التنصيرية والنشاط الكنسي، المبارك من قبل  البابوية في روما وكذا الكنسية الإنجيلية بالولايات المتحدة الأمريكية حالياً، خصّ وسيخصّ منطقة القبائل وحدها، بل الجزائر عامة، فمنطلق نشاطهم استهدف سكان منطقة القبائل لأنهم يتحركون وفق وهم قابلية السكان للتنصّر وهذا لعمري مثل الكذّاب الأشر، ولخصوصية منطقة القبائل المتشبعة بالثقافة الفرنسية والمتفتحة على الهجرة إلى فرنسا والمتشبثة بخصوصيتها اللغوية والثقافية.

  فالحقيقة التاريخية أثبتت أنّ لافيجري خصّ منطقة الشلف والعطاف بنشاط تنصيري حثيث جسّدته تجربة إنشاء القرى العربية المسيحية بسهولها، ثم أردف ذلك بمشروع جهنمي آخر هو التوسّع  جنوباً حيث  أسس مركزاً ببسكرة سماه مركز “مسالة ” أنشأ فيه فرقة إخوان الصحراء المسلّحين وهم في واقع الأمر “صليبيون جدد” بدعوى محاربة الرق في الصحراء الجزائرية ونشر تعاليم وأنوار المسيحية في المنطقة ثم فتح إفريقيا السوداء بكاملها حتى يرفع لواءها وتنشر حضارة العالم المسيحي بها.

  صفوة القول يخطئ من يعتبر التنصير في الجزائر سيخص منطقة القبائل لوحدها، ولا تعدو محاولة الإطباق على المنطقة محاولة لتقزيم العملية وإبعاد الأنظار عن حركية ونشاط التنصير في مناطق أخرى من الجزائر: وهران، عين تيموشنت، أدرار، بشار، تمنغاست (مركز توطّن دوفوكو وأتباعه المتأخرين) وحتّى الشرق الجزائري15 ولاية أبرزها: عنابة وقسنطينة  (الشروق اليومي: 5 نوفمبر 2012). فكل الجزائريين مستهدفين لأن إدخال جزائري واحد النصرانية يعتبر نصراً مبيناً بالنسبة لهم.

س5: من خلال المداخلات التي تم تقديمها من قبل المتدخلين الذين قدموا من مختلف جامعات الوطن، رأينا أنه تم تشريح ظاهرة التنصير في الجزائر من خلال مقاربات علمية وباستخدام أدوات منهجية بعيداً عن المزايدات الإيديولوجية والحسابات السياسية، فما الجديد الذي تم طرحه في هذا الملتقى حسب رأيكم؟

  حقيقة تمكّن الملتقى المنعقد بحضور أساتذة جهابذة أخيار من جميع الجامعات الوطنية تقريباً، رغم تقصيرنا في التشهير للملتقى، فإنّ المحاضرات والمداخلات وجملة النقاشات والتعقيبات وأسئلة الطلبة والطالبات والتي كادت أن تمدّ من المجال الزمني المحدد للملتقى، قلت: تمكّن من تشخيص الداء المستعصي على الأمة الإسلامية قاطبة، واستجلاء أسباب استهداف المدّ التنصيري لمنطقة القبائل خاصة وجعلها مركز الثقل في النشاط بالجزائر. ومن المسائل المطروحة للعرض والنقاش نذكر مثلا: المداخل النظرية للأساليب التنصيرية في الجزائر وعموم البلاد الإسلامية، آباء بيض وقلوب سود: جمعية الآباء البيض من عصر التأسيس إلى عصر الإنترنت، التعليم التنصيري للآباء البيض بمنطقة القبائل: الحصيلة والأبعاد، أساليب الحركات التنصيرية ووسائلها في منطقة تيزي وزو، الحملة التنصيرية في المجتمع الجزائري”ـ حقائق تاريخية ومقاربات واقعيةـ، النشاط التنصيري في الصحراء الجزائرية والموقف الإصلاحي منه منطقتي الزيبان وميزاب أنموذجاً، جدلية العلاقة بين التنصير والاستشراق، صورة الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية ودورها في توسع حركة التنصير بالجزائر نماذج من السينما الأمريكية، دور الإعجاز العلمي في مواجهة شبهات التنصير ” سفينة نوح نموذجا”، مقاومة الشعب الجزائري للتنصير قبل وبعد الاستقلال: الوسائل والأساليب، وغيرها من المسائل الهامة والاستراتيجية التي طرحت باستعمال اللّغة الفرنسية واللّغة الانجليزية .

س6: الآن وقد أسدل الستار على أعمال الملتقى، هل توصلتم إلى بلورة الاستراتيجية المثلى التي تعتبر اليوم مطلباً استعجالياً لمواجهة هذا الدّاء الذي ينخر المنظومة الثقافية والدينية الجزائرية؟.

  بعد تشخيص الداء ومعرفة حيثياته وأبعاده الاستراتيجية كمرحلة قاعدية فإنّ الأمر البديهي يستوجب وضع استراتيجية مواجهة متناسبة معها من حيث القوة  والفعالية والتأثير فمن جملة الأساليب التي ذكرها الأساتذة الأفاضل وعديد التوصيات التي خرج بها الملتقى نذكر:

  تجديد الخطاب الديني في الجزائر وتبصير الجزائريين بحقيقة الخطر الداهم  وعدم  الاستهانة به أو الاستخفاف بنتائجه  فهو سم نقاع ، وذلك بإحياء رسالة المسجد من قبل الوزارة الوصية (وزارة الشؤون الدينية) وإقامة خطب دينية علمية من منابر مساجدنا وحلقات دروس الوعظ والإرشاد وتكوين أئمة متفقهين في الدين  مستنيرين يحكّمون العقل قبل العاطفة في خطاباتهم فلماذا لا  يستكثر من تكوين أئمة مساجد من منطقة القبائل مثلا باللّغة الأمازيغية يمتلكون حسن الخطاب ومعاشرة سكان المنطقة فهم أشدّ ما يحتاجون إلى من يعلّمهم دينهم بالأسلوب الوسطي المعتدل يبرز سماحة الإسلام فهو دين سلم وسلام .

  تشجيع كلّ ما تقوم به إذاعة وقناة القرآن الكريم المشكورة على حسن صنيعها، وليس أدل من ذلك كثرة مشاهديها من الجزائريين فقد توغّلت في صفوفهم وتبوأت مقعد المؤنس في البيوت الجزائرية .

  الإكثار من تكوين جمعيات خيرية ولما لا تدعيم السلطات المركزية كوزارة التضامن الوطني وشؤون الأسرة لها قصد تقديم الخدمات الاحسانية لكامل المعوزين الجزائريين وبخاصة المناطق التي يقصدها المنصرّون (كاد الفقر أن يكون فقرا)، تنبيه أجهزة الإعلام إلى توفير برامج فكرية ثقافية لها وقعها الاجتماعي لا مزايدة سياسية أو أيديولوجية فيها تستعرض المسألة دون طابوهات أو خلفيات، تسمح بسماع الآراء ومناقشتها بأريحية وبطريقة يستصيغها المشاهد الكريم.

  تكوين خلية طبية، وهذا بالاتصال بأطباء أكفاء، وما أكثر عددهم في النائبات والحمد لله، وترغيبهم في الخروج في دوريات صحية بالقيام بفحص طبي للمواطنين فحصاً مجانياً بالقرى والضواحي المعزولة وكذا الاتصال بالصيدليات للتبرع بكمية من الأدوية التي يحتاجها المواطن المريض أو البائس الفقير . الاتصال برجال الأعمال بغية طلب تقديم التبرعات والمساعدات المالية وخاصة أثناء المناسبات التالية: الدخول المدرسي، شهر رمضان، عيد الفطر، عيد الأضحى، الختان الجماعي، الزواج الجماعي، مساعدة أصحاب الأمراض المزمنة والمقدمين على عمليات جراحية مكلفة، مساعدة الأيتام وتكوينهم…

  على المستوى الأكاديمي: إدراج وحدة تعليمية في البرامج الجامعية تخص التنصير، حوار الأديان، صراع الثقافات مقارنة الأديان، تاريخ المعتقدات، الفكر الديني المعاصر وغير ذلك من المسائل الاستراتيجية تكفل إلى أساتذة مختصين لهم باع في المجال المذكور .

س7: علمنا أنه سيتم تنظيم ملتقى العام القادم حول أساليب مواجهة التنصير، ماذا عن المستقبل؟

  كتبنا بملتقانا هذا الحلقة الأولى من مسلسل طويل عريض استصاغها  كلّ من حضر وشاهد وعاين فعالياته وأكبر بجهود من نظمه ورعاه ومن جاهد من الأساتذة الأفاضل نفسه في سبيل تبليغ قسط من علمه، فالغاية ليس استعراض الجوانب التاريخية فقط بل مقاربتها بالواقع لتجنب تداعيات النشاط التنصيري في المستقبل.

  تبعا لذلك وبمباركة من مدير المدرسة الذي وجدنا عنده استجابة سريعة وعملية ـ فهو من الأساتذة الأجلاء وممّن يتتبع المسألة عن كثبـ نأمل بعون من الله تعالى وتوفيقه في عقد ملتقى وطني ثان، قد يكون مغاربياً ولما لا دولياً شريطة توفر التمويل اللازم (وهي دعوة للغيورين عن دينهم ووطنهم من أصحاب الخير لتمويله تقربا إلى الله وزلفى) تحتل فيه استراتيجية المجابهة والمواجهة الجانب الأكبر والدّراسة الأوفر أملا في أن نكون جميعا قد خدمنا ديننا ووطننا ويكتب لنا ذلك في سجلات التاريخ بفضل الله تعالى ومنّه.

النوافذ:

1-“فمسألة التنصير في الجزائر وغيرها من البلدان الإسلامية حقيقة قائمة لا ينكرها إلا جاحد لأنهّا تدخل في إطار الصراع الأزلي بين الحق والباطل

2- “بحكم أنّ التنصير أصبح مظهراً استعمارياً جديدا (الغزو الديني) وأخذ يبتلع خاصة شباب الأمة ويغرّر بهم ويخرجهم من عقيدة التوحيد ومن شأن ذلك أن يولد طبقة طائفية جديدة تفتح الباب على مصراعيه لظهور أخرى” 

3- عدد المنصّرين في الجزائر – وفق ما صرح به جوال روزنبرغ  (Rosenburg) – بأن عدد أتباع  كنسيته البروتستانتية قد بلغ 50000 وأن هناك أكثر من 80000 مسلم جزائري تحوّل إلى (المسيحية) في الأعوام الأخيرة  رغم منع الحكومة الجزائرية للتنصير بالجزائر وفق  قرار  ينظّم ممارسة الديانة لغير المسلمين  رقم 06-03 المؤرخ في  28 فيفيري 2006 والمرسوم التنفيذي المتعلق به (135-07)  والذي يسمح بإخضاع الكنائس المسيحية لأحكام القانون الجزائري.

4- أشرت في معرض حديثي إلى أنّ التنصير في الجزائر له مرجعياته التاريخية ويستند إلى استراتيجية هدّامة  فالبدايات العملية كانت خلال الفترة الاستعمارية المتأخرة: العهد الفرنسي حيث  شرع لافيجري بمعية فرقة الآباء والأخوات البيض في إنشاء مراكز تنصيرية بمنطقة القبائل منذ 1872م

5- فالحقيقة التاريخية أثبتت أنّ لافيجري خصّ منطقة الشلف والعطاف بنشاط تنصيري حثيث جسّدته تجربة إنشاء القرى العربية المسيحية بسهولها، ثم أردف ذلك بمشروع جهنمي آخر هو التوسّع  جنوباً حيث  أسس مركزاً ببسكرة سماه مركز “مسالة “

06- على المستوى الأكاديمي: إدراج وحدة تعليمية في البرامج الجامعية تخص التنصير، حوار الأديان، صراع الثقافات مقارنة الأديان، تاريخ المعتقدات، الفكر الديني المعاصر وغير ذلك من المسائل الاستراتيجية تكفل إلى أساتذة مختصين لهم باع في المجال المذكور .

أجرى الحوار: أ.بوطقوقة مبروك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى