مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

حاجتنا إلى التكفل بالطفل الجزائري في العطل المدرسية أ/ أمال السائحي.ح

  إنّ رقي المجتمعات برقي عمرانها وتنوع ثقافتها، لذا نرى أنّ المجتمعات المتحضرة تهتم بإقامة أماكن ترفيهية، ثقافية، بأساليب جد مبتكرة يتماشى في تصميمها الفن والإبداع، لدرجة أنّ الزائر لهذه الأماكن يندهش بما فيها من جمال إبداعيّ وفن مثير للدهشة، وهو إلى ذلك يدخل عليهم البهجة والسرور.

فإنّ النوادي والمتنزهات الجميلة والمعارض الهادفة والمراكز الثقافية والمسرح والسينما وغيرها كلها تسخر من أجل هذا المواطن الذي لا يجد في هذه الأماكن التي ذكرنا سلوته فقط، بل يجد فيها كذلك ما يصقل ذوقه، ويرقي فكره، وينمي ثقافته.

فكيف إذن يمكن للأسرة الجزائرية أن تحتوي أبناءها في فترة العطل المدرسية، وخاصة عطلة الصيف وهي بمثابة أكبر العطل المدرسية على الإطلاق، كيف نستطيع احتواء أولئكم الأطفال فلا نضطرهم إلى اللعب في الشوارع…وفي الأماكن التي ليست للعب أو الترفيه، بل هي أماكن تزيد من سوء خلقهم، وتعرض حياتهم للخطر.

إنّ حقوق الطفل في بلدنا مغيبة على الإطلاق، ولا أدل  على ذلك من غياب النوادي الرياضية منها والثقافية، التي نجد فيها الرياضة، واللعب، والقراءة، والمسبح وإلى غير ذلك من أنواع الترفيه الملائم للطفل وللوالدين على حد السواء…

إنّ اضطرار الطفل إلى لزوم البيت في العطل المدرسية، يفاقم من إحساس الطفل بالملل جداً، وإذا أراد التنفيس عن ذلك خرج إلى الشارع، فماذا يجني من خروجه إلى الشارع إلا الخلق البذيء، والمشاكسات التي لا تنتهي، وإذا ذهب الطفل إلى مقاهي الأنترنت، ففي الغالب يتعرضون هناك إلى مشاكل مع بعضهم البعض، أو أنهم يتعرضون إلى الإدمان الذي لا يستطيعون التحرر منه فيما بعد..

إنّ أهمية الترفيه الموجه والمتحكم فيه جد مهم في حياة الأسرة المسلمة وهو شيء لا بد منه، كما قال أحد علماء التربية: “إنّ الترفيه مهم للكبار، والأمر أولى للأطفال والشباب لأنّ مساحة الجِدِّ في حياتهم أقلّ منها لدى الكبار، ولتهيئتهم لاستقبال الحياة بتحدياتها ولجعل نفوسهم أكثر إيجابية ونظرتهم للحياة أكثر تفاؤلاً و أهمها الراحة والاستجمام من عناء الحياة ومطالب العيش، والاستعداد للحياة لدى الأطفال والشباب الصغار، لاستثمار الطاقة الزائدة لدى الإنسان، وخاصة  طاقة الأطفال المتدفقة، وتحقيق التوازن وإشباع حاجات الكبار في خِضَمّ الحياة الجادة، وللتنفيس وتهدئة المشاعر لدى المراهقين، وللتخلصُ من بعضِ الصفات السلبية – خاصة مع الصغار والشباب، التعبير عن المواهب والقدرات الشخصية، وللمساهمة في تقارب أفراد الأسرة الواحدة، واكتشاف شخصياتهم ودوافعها.

إنّ جزائرنا الحبيبة بلد سياحي، بكلّ ما أعطاه الله من جمال، وقد كان من باب أولى أن يهتم القائمون عليها، بالناشئة التي ستحمل المشعل في يوم الغد… كما يواجه الكثير من التلاميذ والأطفال مشكلة الفراغ وما تنتجه من حالات الشعور بالتيه، الحيرة والقلق أو الفتور لديهم حول كيفية تغطية أوقات الفراغ وبماذا في كل تلك الأيام الطويلة والحارة؟ في ظل إهمال كلي من قبل الجميع، من الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتربوية التي قلما يفكر مسئولوها في كيفية استثمار العطلة الصيفية، من خلال توفير الظروف والشروط اللازمة لقضاء أيام مريحة وسعيدة، تزرع في النشء الاطمئنان والتفاؤل.

وهو الأمر الذي تسبب كما قلنا في كثرة تشرد الأطفال في الشوارع، أو مقاهي الأنترنت، أو التجوال لتضييع الوقت، وطبعا بداية طريق جديد للانحراف…إلخ

فالبيت والمدرسة، والجمعيات والكشافة، الكل لا بد أن يضع بصمته من أجل هذا الطفل أو هذا المراهق، لأنّ تلك الطاقة المودعة فيهم، إن لم توجه إلى ما يفيد، فإنّها أكيد ستعود بما لا يفيد…فرغم غياب الأماكن الترفيهية والنوادي، والمتنزهات، فلا بد لكلّ أسرة أن تحاول أن تستثمر هذه العطل لفائدة أطفالها، وذلك بتوزيع أيام العطلة ككل بين اللعب، والترفيه، وقراءة الكتب، وممارسة الرياضة، وتوفير بعض الألعاب في البيت التي بإمكانها ان تنمي القدرات العقلية، والبدنية و تعود عليها بالنفع….وكذا بإمكان التلاميذ من يستطيع الذهاب إلى المخيم الصيفي، تنظيم رحلات ترفيهية مع بعض الهيئات، بهذا يكتشف الطفل فضاءه الخارجي، السياحي، الجغرافي، والثقافي بعيدا عن الروتين اليومي….

فبهذه الوسائل والنشاطات المتنوعة، إذا تمت مراعاتها طيلة أيام العطلة الصيفية من قبل مختلف الهيئات الرسمية والجمعيات والنوادي الثقافية، يمكن أن نقلل الكثير من المشاكل الصحية والاجتماعية والدراسية الناتجة عن الإهمال واللامبالاة، ونكون قد استثمرنا أوقات الفراغ بما يعود على أبنائنا بالفائدة. لأنه كما تقول الحكمةإذا لم تملأ إناءك بما تحب، ملأه غيرك حتما بما لا تحب“.

وقديما قال الشاعر المتفلسف أبو العلاء المعري:

إن الشباب والفراغ والجدة … مفسدة للمرء أي مفسدة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى