مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

الملتقى الوطني الثاني: عبد الرزاق قسوم الفيلسوف الأديب…مسارات وعطاءات

في بادرة تنمّ على وعي حضاريّ وقيميّ بمكانة العلم والعلماء في الأمة كرّمت جامعة الجزائر (2) متمثلة في “مخبر مشكلات الحضارة التاريخ في الجزائر” وبالتعاون مع: “مخبر الأبعاد القيمية للتحولات السياسية في الجزائر”، و”مخبر مناهج البحث في العلوم في الفكر الإسلامي” و”مركز الرؤية للدراسات الحضارية”، ذلك يومي الأربعاء والخميس 7/8رجب 1435ه الموافق لــ/7/8ماي2014 بقاعة المحاضرات الكبرى جامعة الجزائر(2) ببوزريعة، حيث اشتركت هذه المخابر في إقامة ملتقى وطنياً حول الفيلسوف المفكر عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وخلال يومين دراسيين ألقيت مجموعة من المحاضرات والمداخلات المهمة حول فكر الرجل وكتاباته في الفلسفة والأدب والإصلاح.

افتتح الملتقى بقراءة آيات من الذكر الحكيم تلاها الطالب عبد الرحمن شيوخ ثم الاستمتاع للنشيد الوطني، ليبدأ الملتقى بكلمات لكلّ من رئيس جامعة الجزائر (2) الأستاذ الدكتور حميدي خميسي، والأستاذ الدكتور طاهر حجار رئيس جامعة الجزائر(1)، ثم كلمة عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية الأستاذ الدكتور عبد المجيد دهموم، وكلمة نائب رئيس جامعة الجزائر(2) للبحث العلمي الأستاذ الدكتور أحمد شريفي، ثم كلمة الأمين العام للملتقى الأستاذ الدكتور بوعزة بوضرساية، و رئيس لجنة تنظيم الملتقى الدكتور الحاج عيفة، ثم ألقى الدكتور عمار جيدل كلمة رؤساء المجابر التي كان لها شرف إقامة هذا الملتقى الهام.

ليلقي بعدها الأستاذ زبير طوالبي عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والصديق الحميم والمقرب للدكتور قسوم كلمة حول المحتفى به تناولت الجانب الإنساني لهذا المفكر الكبير حيث استعرض الأستاذ طوالبي علاقته بالشيخ عبد الرزاق قسوم التي قاربت الستين سنة بدءً من معهد ابن باديس في قسنطينة إلى النضال السياسي والثوري من أجل استقلال الجزائر، ثم التعليم في مدارس الجمعية، واستعرض الأستاذ طوالبي جوانب مهمة في حياة الدكتور قسوم الإنسانية، بعد ذلك دعي الدكتور عبد الرزاق قسوم إلى المنصة من أجل تكريمه، حيث تقدم كل من رئيس جامعة الجزائر(2) ونائبه، وبعض الأساتذة وتلاميذ الشيخ…حيث سلم الأستاذ الدكتور حميدي خميس رئيس الجامعة درع الجامعة الجزائر مع لوحة تقديرية سلمها أيضا رئيس الجامعة الاستاذ الدكتور خميسي، مع تذكار لمخبر “مشكلات الحضارة والتاريخ في الجزائر”، مع تقديم هدية رمزية متمثلة في “برنوس” قام رئيس الجامعة بإلباسه للشيخ الدكتور عبد الرزاق قسوم، بعدها أخذ الدكتور قسوم الكلمة وشكر الحضور على هذا التكريم وعلى هذه الالتفاتة المهمة وهي تكريس روح الوفاء بين الأجيال، وكيف يمكن للفلسفة أن تتحول إلى أداة إنسانية فاعلة قبل أن تكون نصوصاً جامدة ومفاهيم ساكنة.. وكرّر الدكتور قسوم شكره لهذه الثلة من الأساتذة الذين عملوا على إقامة ملتقى بهذا المستوى من التقدير والوفاء والمحبة.. ودعا لأن تكون هذه السنّة الحميدة متبعة مع مفكرين آخرين من أبناء الجزائر، وممن لهم اليوم فضل التعليم وخدمة الثقافة الجزائرية. ثم دعا الأستاذ الدكتور لخضر شريط الحضور على تناول بعض الحلويات والمشروبات قبل أن تبدأ الجلسة الأولى من محاضرات الملتقى.

الجلسة العلمية الأولى

ترأس الجلسة العلمية الأولى الأستاذ الدكتور عبد القادر بوعرفة أستاذ الفلسفة بجامعة وهران، وقد شارك في هذه الجلسة الأستاذ محمد الهادي الحسني، والأستاذ الدكتور عمار جيدل، والأستاذة الدكتورة عجناك بشي يمينة، والدكتورة فريدة أولمو، محاضرة الاستاذ الحسني التي كانت بعنوان: “شهادة عن رفيق الدرب عبد الرزاق قسوم”، حيث تناول الحديث عن شخصية الدكتور قسوم وعن القيم والأخلاق التي تميز بها فقد قال الأستاذ الحسني أنّ ما يميّز هذا المفكر الكبير هو أخلاقه التي قلّ ما نجدها اليوم في المثقف، فالرجل -بحسب الأستاذ الحسني- يمتاز بأعظم صفته ترتبط بالعلم والعلماء وهي فضيلة التواضع التي يلتمسها كلّ من عرف الدكتور عبد الرزاق قسوم.

  المحاضرة الثانية كانت للدكتور عمار جيدل: “عبد الرزاق قسوم الإنسان المدير” حيث تحدث المحاضر عن الدكتور قسوم الإنسان، مستعرضاً بعض المواقف الإنسانية التي تميّز بها، والمسحة الإنسانية التي تظهر في سلوك الشيخ وخصوصاً مع الطلبة والأساتذة عندما كان مديراً للمعهد العالي لأصول الدين، وركّز طويلاً الدكتور عمار جيدل على ما قدمه الشيخ قسوم للمعهد، من إمكانات مادية ومعنوية، وذلك باستقدامه لثلة من العلماء من المشرق ومن الغرب، كما تحدث عن مجلة “الموفقات” التي أصدرها المعهد في عهد إدارة الشيخ، ومكانة هذه المجلة العلمية داخل الجزائر وخارجها، ثم جاءت مداخلة الدكتورة عجناك بشي يمينة بعنوان :”الخطاب الإصلاحي في كتابات قسوم” حيث حاولت الدكتورة رصد ملامح الفكر الإصلاحي في كتابات الدكتور قسوم مستعرضة بعض الأفكار التي تميّز بها فكر الشيخ، وخصوصاً ما كتبه في كتب مستقلة، أو ما يكتبه في جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، واعتبرت المحاضرة كتابات الشيخ قسوم، كتابات تندرج فيما نسميه بالفكر الإصلاحي الذي تمثله تجربة جمعية العلماء المسلمين التاريخية، وأشادت المحاضرة بلغة الأستاذ قسوم وقوتها الدلالية والبلاغية، حيث تميّزت كتابات الدكتور بالمنهجية في التشخيص، والأسلوب الواقعي في الطرح، والارتباط الوثيق بين الفكر والدين، ثمّ جاءت محاضرة الأستاذة فريدة أولمو وكانت محاضرتها بعنوان: “مبادئ عبد الرزاق قسوم من خلال تصريحاته الإعلامية“وقد تمكنت الأستاذة المحاضرة من استعراض أهم المحطات في تجربة الدكتور قسوم الإعلامية لتنتهى الجلسة العلمية الأولى.

في الجلسة العلمية التالية كانت محاضرة للأستاذ الدكتور عبد الحفيظ بورديم والتي كانت بعنوان: “أدبية المقال السياسي عند قسوم” حيث قام الأستاذ الدكتور بورديم بتحليل بعض المقالات التي اتسمت بالروح الأدبية وتناولت الجوانب السياسية، وهي امتداد للمدرسة التي أنشأها العلامة محمد البشير الإبراهيمي، ووقف عند كتابه الموسوم بـ “دمعة حبر جزائرية” الذي يوضح جلياً هذه القراءة في كتابات قسوم السياسية، ثمّ جاءت محاضرة الأستاذ محمد الأمين بوحلوفة الذي تناول موضوع “الوطنية في كتابات قسوم من خلال جريدة البصائر“، وتجربة الدكتور قسوم في النضال الوطني وكيف تكوّن سياسياً من خلال الثقافة الوطنية التي بدأت معه في بلدته المغيّر إلى معهد ابن باديس، ثم إقامته في العاصمة.

محاضرة الدكتور نادية لقجع جلول سايح التي جاءت بعنوان: “بلاغة العتبات النصية وشعرية المحكي في كتابات عبد الرزاق قسوم/ الكتابة الصحفية نموذجاً” حيث توقفت طويلاً أمام نصوص الدكتور قسوم الصحفية، وقامت بإبراز الجوانب الأدبية والفنية التي تطبع هذه النصوص، مستعرضة نماذج لها فيما كتب الشيخ…

في الجلسة العلمية الثالثة كانت محاضرة الدكتور حلمية الشيخ أولى المحاضرات حيث كانت بعنوان: “تصوف عبد الرحمن الثعالبي من منظور عبد الرزاق قسوم” وقد تطرقت المحاضرة إلى كتابه حول الثعالبي وهو كتاب “عبد الرحمن الثعالبي والتصوف” حيث تمكن قسوم –بحسب المحاضرة- من تخليص فكر الثعالبي ممّا لحق به من تشويه في حق هذا العلم الكبير فجاء كتاب قسوم كمحاولة لتقديم الثعالبي انطلاقاً من رؤية فلسفية عميقة مكّنت القارئ العربي من معرفة هذه الشخصية بعيداً عن التصنيف الشعبوي البعيد عن القراءة الأكاديمية الرصينة، في نفس السياق كانت محاضرات كلّ من الأساتذة قويدري لخضر، د. دوفاني سعاد، والأستاذة عباس سهام، وكانت هذه المحاضرات كلها حول كتاب الشيخ قسوم “عبد الرحمن الثعالبي والتصوف”. 

في الجلسة العلمية الرابعة جاءت محاضرات كل من عبد القادر بوعرفة، والدكتورة فاطمي فتيحة، والدكتور رايس زواوي وكانت عبارة عن قراءات في كتاب الدكتور عبدالرزاق قسوم الموسوم بـ: “فكرة الزمن عن ابن رشد“.

أما في اليوم الثاني وفي الجلسة العلمية الخامسة من جلسات هذا الملتقى العلمي الهام فكانت محاضرات الأساتذة الدكتور أحمد عياد بعنوان: “منطلقات بصمات قسوم في كتابه مدارس الفكر العربي والإسلامي” ومحاضرة الدكتور لزهر فارس بعنوان: “قضية المرأة في كتابات المفكر عبد الرزاق قسوم” ومحاضرة الدكتور عبد القادر العربي: “عقلانية الفكر القسومي” وكلها تناولت الجانب الفكري والفلسفي للدكتور عبد الرزاق قسوم. من خلال مشروعه الفكري المتميزّ.

الجلسة العلمية السادسة والأخيرة والتي ترأسها الدكتور فؤاد مليت حاضر فيها كلّ من الأساتذة: “الدكتور مولود عويمر عضو المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والأستاذ بجامعة الجزائر (2) والذي جاءت محاضرته بعنوان: “كتاب أعلام ومواقف في ذاكرة الأمة – دراسة تحليلية، حيث قام الدكتور عويمر باستعراض لأهم الشخصيات التي كتب عنها الدكتور قسوم في هذا الكتاب الهام، وقام بتحليل دقيق لاختيارات الشيخ قسوم، حيث وقف عند أهم هذه الشخصيات، دون أن يغفل الجانب المنهجي في هذه الاختيارات، إلى جاني محاضرة الدكتور عويمر جاءت محاضرات كلّ من الأستاذ خالد محجوب، والدكتورة أسماء بلهادي، والدكتور علي بودربالة وجاءت في نفس السياق الذي تناولته الجلسة العلمية الخامسة، الجلسة الختامية كانت لقراءة التوصيات، ثمّ توزيع شهادات المشاركة للأساتذة المشاركين في هذا الملتقى ثمّ كلمات ختامية لرئيس الجامعة وعميد الكلية وكلمة ختامية للمحتفى به الشيخ الدكتور عبد الرزاق قسوم.

توصيات الملتقى:

1-            طبع أعمال الملتقى في عدد خاص بمجلة المخبر.

2-            إعادة طبع الأعمال الكاملة للدكتور عبد الرزاق قسوم لتكون في متناول الباحثين، خاصة الجيل الجديد منهم.

3-            الاهتمام بدراسة أعلام الجزائر ومؤسساتها العلمية والتربوية قديما وحديثًا بإبراز مختلف الأبعاد والأعلام والمؤسسات.

4-            الدعوة إلى التكامل والتنسيق بين المخابر في النشاطات العلمية وإنشاء مواقع على الشبكة العنكبوتية.

5-            إدراج مقياس النصوص الفكرية المغاربية والسعي لفتح تخصصات تهتم بالدراسات الفكرية المغاربية.

6-            السعي لجعل الملتقيات مشتلاً لموضوعات ما بعد التدرج (الماجستير والدكتوراه).

7-            استحداث جائزة لأحسن بحث عن شخصية أو مؤسسة علمية جزائرية ترسيخًا لثقافة التكريم.

8-            ترقية الملتقى إلى ملتقى مغاربي ثم دولي للوقوف على رؤية الآخرين لأعلامنا ومؤسساتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى