مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
غير مصنف

صلة الموصول تذكربعدالاسم الموصول فتتم معناه ولا محلّ لها من الإعراب.

   إنّ اللغة العربية لسان القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. فالصواب في لغة القرآن عصمة للقلم واللسان، والخطأ فيها زلّة للفهم والمعاني، وقد ضبطها الشكل، رفعًا ونصبًا وجرًّا وجزمًا في حالة الإعراب، وحركات الكلمة في فائها وعينها ولامها، بالإضافة إلى ما يلحق الكلمة من تصريف وإعلال، وإبدال وإدغام، فالكلمة محفوظة مفردة، ومركبة، ومنها استنبط أهل اللغة بأصول العلوم العربية، وخاصة علم النحو وعلم الصرف، فصار الإعراب عملية تفكيك وتركيب، كما يفعل صاحب الآلة في آلته؛ حيث تراه يضع كلّ قطعة في موضعها من غير نقص أو زيادة، وتلك حال اللغة العربية وضوابطها… وهنا أغضّ الطرف عن باقي العلوم، وأركزّ على النحو، فهو بمفهومه الصحيح علم بقواعد تأليف الكلام، والإعراب هو تحليل لأجزاء الكلام، فهو علم إعراب كلام العرب، وسُميَ بهذا الاسم لأنّ المتكلّم ينحو به منهاج كلامهم إفرادًا وتركيبًا، فالإعراب الذي يشمل المفردات والأدوات يشمل أيضًا الجمل، لأنّ الجمل تُعرَب إعراب المفردات إذ صحّ تأويلها به رفعًا ونصبًا وجرًا، وهي سبعة إعرابها كإعراب ما أُوِلت به حتمًا.

وعلمي بالقُراء ألا داعي للتذكير بها… لكن هناك جمل لا محلّ لها من الإعراب وإلى هنا أوردها ولا أشرحها أو أفسّرها، وهي في عدّها تسع جمل: الابتدائية، الاستئنافية، التعليلية، الاعتراضية، التفسيرية الواقعة جوابًا للقسم، الواقعة جواب الشرط غير جازم، التابعة لجملة لا محلّ لها من الإعراب، الواقعة صلة للموصول الاسمي، كقول الله تعالى: {قد أفلح من تزّكى} والموصول الحرفي بعد الحرف المصدري في قوله تعالى:{نخشى أن تصيبنا دائرة}. وجملة صلة الموصول هي التي دفعتني وحرّكتني لكتابة هذا التنبيه، معتمدًا على ما عرفناه في أقسام الدراسة.

لقد لقيني أحد مفتشي التعليم فسألني قائلا: “ذَكِرنا بإعراب جملة صلة الموصول” فقلت: “إنّها من الجمل التي لا محلّ لها من الإعراب”… فأجابني: “بلى لها محلّ من الإعراب… كما هو في كتاب اللغة العربية السنة الرابعة من التعليم المتوسط ص 139، البناء اللغوي” وبعد تصفحي للكتاب عزمت على المداخلة هذه، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي، وأنا راضٍ عن كلّ تصويب. وسأنقل حرفيًا ما ورد في الكتاب للأمانة وتقديم الشاهد والدليل: “وهل للجملة الموصولة وظيفة؟ نعم؛ تكون الجملة الموصولة: فاعلا؛ نجح من واظب على الاجتهاد، من واظب على الاجتهاد: جملة موصولة في محلّ رفع فاعل للفعل، نجح: نائب فاعل، مثل: عُوقِب من خالف القانون، فجملة “من خالف القانون” هي جملة موصولة في محل رفع نائب فاعل للفعل “عُوقِب” المبني للمجهول، مفعولاً به مثل: اِنتخب الذي تثق به، فجملة “الذي تثق به” هي جملة موصولة في محل نصب مفعولا به.

مبتدأ أو اسمًا لأحد النواسخ مثل: الذي يرحم الضعفاء ويعطف على البؤساء يرحمه الله، فالجملة الموصولة “الذي يرحم الضعفاء” في محلّ رفع مبتدأ.

خبر المبتدأ أو أحد النواسخ مثل: إنّ الحليم من يعفو عند المقدرة، فجملة “من يعفو” جملة موصولة في محلّ رفع خبر إنّ. نعتًا مثل: زرياب الذي ابتسم له الحظ، فالجملة الموصولة “الذي ابتسم له الحظ”، في محلّ رفع خبر لزرياب.

مضاف إليه مثل: الزلابية من أحسن ما ابتكر زرياب من الحلويات، فالجملة الموصولة “ما ابتكر زرياب” في محلّ جرّ مضاف إليه.

وأنا قبل أن أدلو بدلوي في الموضوع أذكر ما ينبغي التذكير به، فالاسم الموصول ما يدّل على معنى بواسطة جملة تذكر بعده وتسمى: صلة الموصول لرفع اللّبس وإتمام المعنى.

وبعد هذا أقول: إذا رجّحنا ما ذهب إليه الكتاب المدرسي المذكور أنّ “من واظب على الاجتهاد” جملة موصولة في محلّ رفع فاعل للفعل نجح، قلنا: ما هو إعراب الاسم الموصول “من” ومصادر اللغة العربية توضّح أنّ جملة صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب؟.

فإذا قلنا: نجح فعل ماضٍ، و”من” اسم موصول مبني على السكون في محلّ رفع فاعل، فهل يعقل بعد ذلك أن نقول “من واظب على الاجتهاد” في محل رفع فاعل، وهل يجوز لنا أيضًا أن نقول: نجح من المواظب على الاجتهاد؟

إنّ الاسم الموصول معرفة يذكر ما بعده لإتمام معناه لا لإلغائه واحتلال وظيفته، وهنا أراني أضيف مثالا آخر للتوضيح أكثر، فإن قلت: صافحت عليًا لأني أعرفه، كان إعراب كلمة “عليًا” مفعولا به، فإن قلت: صافحت الذي أعرفه، كانت كلمة “الذي” مفعولا به، فهي إذن تساوي كلمة “عليًا” في التركيب والمعنى والإعراب، ثم نبحث بعد ذلك عن إعراب جملة صلة الموصول “أعرفه”، كما أنّ تسمية الدرس: “وظيفة الجملة الموصولة”، لا أراها سليمة لأنّ الجملة الواقعة بعد الاسم الموصول هي صلة وليست موصولة، والاسم قبلها موصول وعليه لا يجوز تقديمها عليه، ولا تقديم شيء منها أيضا، فلا نقول: اليوم الذين عملوا يثابون غدا، بل نقول: الذين عملوا اليوم يثابون غدا، فالاسم الموصول على وزن مفعول، فهو موصول والجملة بعده صلته.

هذه تصويبات دوّنتها لا مختالا أشِرًا، ولا متطاولا بطرًا، وهي أمانة أضعها بين أيادي إخواننا. وجزاكم الله خير الجزاء.

الطيب أمحمدي بوزينة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى