في الكثير من الأحيان ينتابنا الشك بأنه لا يوجد في بلادنا نية صادقة لمحاربة الفساد بكل صوره، ذلك أن الظاهرة تعرف تطورا سريعا وتجذرت في إداراتنا ومشاريعنا ووصل الفساد إلى أصغر وأتفه القضايا التي ما كنا نظن أن الفساد يصل إليها، فعوض أن نحقق أشواطا في محاربة الفساد والمفسدين إذا بنا نخسر محطات كان يمكن أن نحقق فوزا ساحقا على المفسدين والفاسدين في بلادنا.
عندما تكتشف أن سعر المتر المكعب الواحد من الطريق السيار هو الأغلى في العالم، وترى بأم عينك أن المشروع يعاد في أجزاء كثيرة منه تمتد من الشرق إلى الغرب وكأنها أجزاء لم تنجز من قبل فهنا الكارثة، والأدهى والأمر أن تلك الأجزاء تعاد من جذورها وكأنك تنجز طريقا جديدا ولم يمر على هذا المشروع وما أنجز منه إلا سنوات، المشكل الأكبر أن المؤسسة لن تتابع بعد سنة من تسليم المشروع وما يحدث بعدها لا يخول للجهة المعنية المطالبة بتصحيح ما فسد من أجزاء نتيجة الفساد الذي نخر في جسد الطريق السيار.
صدمت وأنا أتحدث مع إطار من إطارات الجهة المشرفة على الطريق السيار يقول لي: إن الأجزاء التي يتم صيانتها من الطريق السيار ما هي إلا صيانة روتينية وأن مجموع ما فسد من هذا الطريق لا يتجاوز الكيلومتر الواحد!!! كدت أن أنفجر في وجهه غضبا أو ضحكا لا أدري ماذا حصل في تلك اللحظة بالضبط لكن المؤكد أنني تمالكت نفسي حتى لا أخطئ في حق الرجل وقلت في نفسي: كذبت نفسي وصدقتك أيها المسكين!!!