مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
أحداث وطنية ومحلية

من فقه الانتخاب 2 / الدكتور عمار طالبي

Sans titre من هذا الفقه أن يتجنّب المترشح التعرض لمنافسه، بما يسيء إليه من قريب أو بعيد، فهذا يورث الكراهية والحقد، ويتنافى مع ما يطمح إليه من المسؤولية التي تتطلب الإنصاف، وحسن القول والعمل.

وله أن يشرح برنامجه، الذي ينوي تنفيذه في المستقبل، وبيان أنه يحقق مصالح الناس، ويؤدي إلى تنمية الإنسان، وثقافته واقتصاده.

والتنافس في الإسلام أمر مشروع، بشرط أن لا يؤدي إلى صراع، ويتحول إلى نزاع.

ومن أهم شروط البيعة أو الانتخاب أن لا يقع فيه تزوير ولا غش، وأن يحرص المشرفون عليه أن لا يتسرب إليه ما يغير من نتائجه فإن صوت المواطن أمانة، يحافظ عليها، ولا يجوز تغييره، ولا المساس به.

وهذا ما يعطي للمواطن الثقة في أن صوته يقع موقعه كما أراده ونواه.

أما إذا شعر بالتزوير وثبت ذلك فإنه يفقد ثقته في الانتخاب، ويصرفه ذلك عن الإقبال عليه، والقيام بحقه وواجبه فيه، ويؤدي التزوير إلى انتخاب من لا يريده الشعب، أو الأغلبية، وتصبح الديمقراطية لا معنى لها، لغياب إرادة الأمة التي هي أساس الانتخاب.

كما يؤدي ذلك إلى جراءة من هو غير مؤهل على الترشح، إذا رأى أن سبيله للوصول هو التزوير أو الرشوة، أو سلطة المال والوجاهة.

ومن أهم ما ينبغي البعد عنه استعمال الرشوة لشراء أصوات الناس، وهذا معناه أن يشهد الناخب شهادة الزور، وهو أيضا داخل في عملية التزوير الكبرى.

ومن التزوير على الناس أن يترشح من ليس مؤهلا للمسؤولية، ولا طاقة له على تحملها، فالمسؤولية تتطلب أمرين قوة المعرفة، وقوة الجسم كما قال الله تعالى في طالوت وأحقيته في تولي السلطة{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} ردا على الذين قالوا إنه لم يكن صاحب ثروة، وهي سمة اليهود ورأى بعضهم أنهم أولى منه وأحق لأنه “لم يؤت سعة من المال” كما أوتوها.

وكذلك الثقة مع العلم وقوة الجسم كما في قصّة شعيب وابنتيه في قوله تعالى:{اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} فزادت هذه الآية شرط الأمانة مع القوة التي تجعله قادرا على تحمل المسؤولية الكبرى في السلم والحرب.

وأهم ميثاق يحدد هذه المبادئ العامة هو الدستور الذي توافق عليه الأمة، ولا يجعل لعبة يغيّره من أراد أن يتسلط على الحكم، وأن يأخذ كل التصرفات بيده، لا يحده قانون ولا دستور.

لكن الدستور أصبح في البلاد التي يسودها التخلف زينة لا أثر لها في الواقع، فهو يتضمن المبادئ العليا الجميلة، لكنه يبقى حبرا على ورق، وسوادا على بياض.

إن العالم اليوم تغيّر، وأصبحت ثورة الاتصال تكشف التصرفات، ويصعب إخفاء المظالم، والعدوان على الدستور وعلى القوانين.

فالدستور يُبنى على القيم الأخلاقية والدينية، التي تحفظ كرامة الإنسان، وتحترم كيانه الجسمي والنفسي، وهو ما نسميه بحياة الإنسان وحقه في الوجود، والاحترام.

ومن الأمور الجوهرية وعي الأمة بمسؤوليتها، واستعمال إرادتها فيما يخطط لها، ولا تقبل ما لا ترضاه في حياتها الأخلاقية والسياسية والاقتصادية، وأن يكون ممثلوها في البرلمان على مستوى يمكنهم من المراقبة والمحاسبة للأجهزة التنفيذية، ورعاية تطبيق الحقوق وحفظها، بما يحقق العدالة، ويمنع أي ظلم أو عدوان يهتك حرمة الإنسان وكرامته، أو يحرم المواطن من حقوقه التي يضمنها الدستور، وما يتفرع عنه من قوانين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى