عقد المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين اجتماعا استثنائيا يوم
السبت 11 جمادى الآخرة 1435هـ، الموافق لـ 12 أفريل 2014م برئاسة الدكتور عبد الرزاق قسوم، وخُصص لدراسة التطورات التي تشهدها منطقة غرداية. وبعد الاستماع إلى تقرير وفد الجمعية العائد من غرداية، حول الوضع السائد هناك، خلُص المكتب الوطني إلى البيان التالي:
تتابع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بكلّ ألم وأسى ما يحدث في منطقة غرداية من فتنة وصراع مرير، أفضت إلى سقوط الأرواح وانتهاك الحرمات والاعتداء على المقدسات والأملاك والعقارات، وإذ تجدّد الجمعية عزمها على بذل المزيد من المساعي بالتعاون مع كل العقلاء والخيرين من أجل تطويق الأزمة تذكِّر بما يلي:
1- تذكر بالأخوة الإسلامية والرابطة الدينية واللحمة الوطنية بين أبناء الجزائر امتثالا لقوله عز وجل {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}آل عمران،103. فنعمة التآلف والترابط تحت راية الدين التي هي القاعدة التي تذوب فيها كلّ النعرات الطائفية والعرقية. قال الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}الحجرات 13. وقال الإمام عبد الحميد ابن باديس: (ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان).
2- تؤكد الجمعية على حرمة الدماء وخطر إزهاق الأرواح، محذّرة مما يترتب على ذلك من تراكم الأحقاد، واتساع رقعة الفتنة، قال صلى الله عليه وسلم: (لَزَوالُ الدنيا أَهْوَنُ على الله من قتل مؤمن بغير حق) كما تؤكد أيضا على أن وضع حدّ للاعتداءات والتجاوزات ينبغي أن يتحمّل مسؤوليته كلّ العقلاء والجزائريين في أسرع الآجال.
3- تدين الجمعية بشدّة كلّ التجاوزات اللفظية والفعلية وترويج الشعارات والمصطلحات وبكل الوسائل المسموعة والمرئية والمكتوبة، التي تؤجج نار الفتنة مهما يكن مصدرها مما لا يخدم مصلحة المنطقة ولا استقرار الوطن.
4- تدعو الجمعية الأئمة والدعاة والأعيان والعقلاء والشباب وكلّ غيور على الوحدة الدينية واللحمة الوطنية والاجتماعية، إلى ضرورة محاصرة الفتنة، والتضييق على المتسببين فيها، بالمنع الفعلي والتبرؤ الواضح الصريح من كلّ الأفعال الإجرامية والسلوكيات العدائية، من أيّ طرف كان. وتحذر من أيّ تراخ وتهاون وتسويف وإهمال، في معالجة هذه الفتنة، مما يترتب عنه تعقيد إجراءات الإصلاح، ويفسح المجال للمغرضين والمتربصين لتحقيق مآربهم وأهدافهم.
5- تهيب الجمعية برجال الإعلام أن لا يكونوا معول هدم بالتهييج وإثارة العصبيات والأحقاد والحساسيات، وأن يجعلوا تحقيق الوئام الاجتماعي في المنطقة وتماسك أبناء الوطن الواحد، وتهدئة الأوضاع ومسح الجراحات، الهدف الأسمى لهم قبل كل هدف وفوق كلّ اعتبار.
6- تدعو الجمعية الدولة إلى تحمّل المسؤولية الكاملة للتوقيف الفوري للمحنة والحد من استفحالها، وما يترتب عنها من المآسي والأخطار والانزلاقات، التي لا تهدد المنطقة وحدها بل تهدد الوطن كله، وعليه فإنّ الجمعية، تؤكد على الدولة الجزائرية على ضرورة الإسراع في فرض الأمن داخل المنطقة اليوم قبل الغد، وحماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وتطبيق القانون بكلّ صرامة وعدل وشفافية.
7- تذكر الجمعية أبناء الجزائر عامة وأبناء منطقة غرداية خاصة بواجب اليقظة والوعي وتفويت الفرصة على الأعداء من داخل البلاد وخارجها الذين يتربصون بالجزائر من أجل زرع بؤر التوتر في أرجائها وتفكيك وحدتها.
8- تشكر الجمعية كلّ المخلصين والصادقين الذين سعوا من أجل وأد الفتنة وحقن الدماء، وتضع يدها في أيديهم تعاونا على البرّ والتقوى، وهي مستعدة لمواصلة مساعيها للإصلاح ورأب الصدع إلى أن يتحقق الخير، وينجبر الكسر بحول الله عز وجل.
وبمناسبة الاستحقاقات الرئاسية المقبلة تدعو الجمعية كافة الشعب الجزائري –بصرف النظر عن قناعاتهم ومواقفهم- أن يسلكوا سلوكا حضاريا ويجنبوا الوطن أي تصرفات تؤول إلى انزلاقات تهدد استقرار وأمن البلاد. سائلين الله عز وجل أن يقي بلادنا وسائر بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن.