حكم من يبيع أحد أعضائه بحجة حاجته إلى إطعام نفسه ومن يعول/أ.د عبد الرحمن بن حسن النفيسة
يمكن القول بجواز بيع اللبن والشعر أو الدم من الآدمي باعتبارهما طاهرين ومنفصلين.
أما الأعضاء فلا يجوز للإنسان أن يتصرف فيها بالبيع، كما لا يجوز بغيره أن يفعل ذلك؛ لأن النفس ملك لله -عز وجل- استدلالاً بالمنقول والمعقول.
أما المنقول؛ فإن الله تعالى هو مالك النفس المتصرف فيها كما مر ذكره في الأحكام السابقة، واستدلالاً بأنه -عز وجل- حرم إيذاء النفس أو الأضرار بها أو تعريضها للخطر في قوله تعالى: {…وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ…}.
ولا شك في أن نقل جزء منه يعرضه للخطر.
فمن له كليتان أفضل حالاً ممن له كلية واحدة، ومن له عينان أفضل حالاً ممن له عين واحدة وهكذا.
أما المعقول فإن للآدمي حرمة وكرامة، وفي بيعه لأعضائه إهدار لهذه الكرامة، ناهيك عما يؤدي إليه ذلك من استغلال القوي للضعيف وتحويله إلى سلعة مادية.
وقد بحث الفقهاء مسألة بيع ما ينفصل بطبيعته من الإنسان كاللبن والشعر، وما لا ينفصل كالعضو، ففي مذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد يجوز بيع اللبن والشعر لكونهما منفصلين، بينما رأوا عدم جواز بيع المتصل من الآدمي، ويرى الإمام أبو حنيفة عدم بيع جزء من الآدمي منفصلاً أو متصلاً.
وعلى هذا لا يجوز للرجل المذكور في المسألة أن يبيع جزءاً من جسده لما في ذلك من مجازفة بالنفس وإضرار بها، ولا حجة للقول بحفظ نفسه وحفظ من يعول؛ لأن ظروف العيش ومصاعبه في المكان الذي يقع فيه لا تصل إلى درجة لا يحفظ نفسه إلا ببيع جزء منه.
ولعل ما يدفع الذين يفكرون في بيع جزء من أجسادهم كالكلية الإغراء المادي الذي يحصلون عليه دون إدراك للآثار والأضرار التي تترتب عليهم.
والله أعلم.