
و العجيب في الموضوع، أن الأغلبية من رؤساء هذه الأحزاب يدّعي الكمال والمثالية في أداء حزبه لواجباته تجاه بلده، إلا أنه في الحقيقة لا يكاد يقدّم من خلال حزبه إلا اتهاماته الصمّاء البكماء للأحزاب الأخرى، وكأنما قتل العنقاء بترّهاته وادّعاءاته. فهل هنالك تفسير لتلك السياسة الألعوبة بيد ساسة نظامها إلا دهاء كبير من راسمي حدود النظام و سذاجة عميقة في تفكير و تلقّي الأحزاب لما بين السطور، و لما خلف الكواليس في هذه المسرحية المنتهية الفصول قبل بدئها !!!
وما يزيد الطين بلّة ، هو انشغال تلك الأحزاب بقذف بعضها بالتقصير و اتهام الاخر بالتقاعس ، في زمنٍ يجب عليها التعاون فيما بينها للوصول بالبلد لأفضل مكانة و لأعلى مرتبة يمكن الوصول إليها .
و لو تعمّقنا في تحليل دهاء النظام ، و سذاجة الأحزاب ، لوجدنا أن الكثير من العقول الفذّة قد انزوت عن السياسة ، و فضّلت الابتعاد عن رسوم تحرّكها أيادٍ خفية خلف الستارة لتثير ضحكات الجمهور أو تستجدي دموعه ، و لكن و للأسف في جزائرنا ، نرى أن هذه الدمى المتحركة لا تمنح الجزائريين إلا الدموع و الآلام ، وما يحدث في غرداية خير برهان على ذلك .
و مما يثير الغضب و الشفقة بنفس الوقت ، هو استخدام السياسة كمظلة واقية أو قبعة سحرية لإخفاء الخطط المندسّة في عقول ساسة الأحزاب الذي لا يهمهم من هذه الصفة إلا جني الكثير من الثروة و الشهرة ، و هذا و دون مبالغة قد شجّع غير المؤهلين سياسياً وقانونياً و اجتماعياً على الدخول في مضمار السياسة و الأحزاب ، مهمّشين الرسالة الحقيقية من الدور السياسي و القيادي في الوطن . لأنهم نسوا ان السياسة و القيادة فقط لخدمة مصالح الوطن و المواطنين ، و جعلوا منالمواطنين درجاتٍ مهترئة في سلّم صعودهم إلى أغراضهم و مآربهم الشخصية .
و هنا يجب الوقوف طويلاً ، و التصريح علناً و دونما خوف أو تردد : إن الجزائر لا تحتاج إلى لاعبين و متلاعبين في السياسة ، بل هي بأمسّ الحاجة إلى مواطنين صالحين وصلوا إلى مناصبهم القيادية من منطلق معرفتهم بوجع الشارع الجزائري ، و حرمان الشعب الجزائري ، و تذوقوا الويلات التي يتذوقها الان أغلب الشعب الجزائري .
وما نريد إلا الإصلاح .. وما توفيقي إلا بالله