نداء من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى أهالي غرداية
يا إخوتنا، ويا أبناء أهلنا في غرداية الجريحة!.
اسمعوها منّا، فهذه إليكم، نصيحة صادقة صريحة، نابعة من عمق وصدق القريحة. إنّكم، يا إخوتنا، عنوان الإيمان والتدّين، نحسبكم نموذجًا يُقتدى، ومثلا يُحتذى، أدّبَكم الإسلام فأحسن تأديبكم، وملأت شغاف قلوبكم الوطنية؛ فجَعلت منكم عينة لحسن التعايش في ظلّ العروبة، والإسلام. فماذا دهاكم! وماذا ألّم بكم! أنتم مؤمنون و{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وأنتم إخوة {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}.
لقد تسللت إلى صفوفكم عقارب، وأنتم أقارب، فكدَّرت صفو المشارب، وعطّلت سير المآرب، فزرعت بينكم الفتن، وعمّقَت فيكم الجروح، والمحن، ومن أظلم ممن يعمد إلى البيت فيهدمه على ساكنيه؟ أو المحل فيحرقه بما فيه؟ وهل هناك أشدّ جرمًا ممن ينزغ بين أبناء الوطن الواحد فينزغ بينهم، ناعقًا بالقتل والممات، وداعيا للفرقة والشتات! {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ}؟{إِِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً} {هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً}.
فيا قومنا! نناشدكم، الله، والدين، والوطن، أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكّروا بما ألّم بكم وبما يُراد لكم، وبوطنكم، وبوحدتكم، وبأخوَتكم. إنّ آباءكم وأبناءكم، وأزواجكم، وعشيرتكم، أمانة في أعناقكم، ومسؤولية في ذممكم، ستسألون عمّا فعلوا، وسيسجل التاريخ لكم أو عليكم ما قدّموا.
نحن ندرك أنّ للشباب في منطقتكم مشاكل لم تحلّ، وطموحات لم تُحقق. هناك مشاكل اجتماعية كأزمة السكن وتفشي الآفات، ومشاكل اقتصادية كالبطالة، واللامبالاة، ومشاكل ثقافية، نابعة من ضعف التكوين، وانعدام القيم التربوية، وغزو الثقافات، فمهما كانت مشاكلكم ومعاناتكم على اختلافها ولا أحد يمنعكم من المطالبة بما هو حقّكم، لكن هذا لا يبرر –مطلقا- الشائن من السلوكات.
لقد ضربتم المثل، يا أبناء الجنوب الأشاوس في إفشال المخطط الاستعماري لضرب الوحدة الوطنية، أفيُعجِزكم اليوم تفويت الفرصة على دعاة الفتنة والفرقة.
إنّنا نهيب بالسلطات في جميع المستويات في حكومتنا أن يتصدّوا لهذه المؤامرة، بعملية توعية يقوم بها رجال التربية والإعلام، والدعاة والأئمة، وأعيان العشائر، والعزّابة وكل الخيرين أن يتقوا الله في الوطن وفي الشعب وفي الدين.
انبذوا يا إخوتنا كلّ فرقة، وكلّ تنابز بالألقاب، وقوموا جميعا قومة رجل واحد، لإفشال المؤامرة، واستئصال جذورها من الأساس، فأنتم النبراس، وفيكم يكمن إصلاح كلّ الناس للقضاء على كلّ وسواس خنّاس.
{هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}.