مصرف السلام الجزائر .. خدمات بنكية أصيلة
تحاليل وآراء

هل يشبه الواقع الجزائري مثالية المدينة الفاضلة ؟/أ.د فوزي أوصديق

isالمدينة الفاضلة ..!! مثاليات لا متناهية من الأخلاق الحميدة، أخلاق الفروسية في الحكم و القيادة و مفهوم السيادة، أخلاق حكم القوي للضعيف كي ينتشله من بؤرة الوجع، حكم الغني الذي يمدّ يده ليساهم في تقاسم أو على الأقل المساهمة في رسم ابتسامة على ذلك الثغر الذي كان يتضور جوعاً، حكم العالم الذي لا يغلق دار علمه في وجه المعدمين بحجّة عدم اكتمال ورقة ما في ملف ما، حكم يسوده الأمن و السلام و الطمأنينة، بدل التشدّد و التطرف الذي تعايشه بعض بقاع الجزائر.

 هانحن قد دخلنا أعتاب العام الجديد، لكننا لم ندخله بذلك التفاؤل الذي يجب أن يكون، و لم ندخله و الأمل يملؤ قلوبنا، ولا الاستبشار بالآتي يثلج صدورنا، بل دخلناه بأرواح شاردة خلف العدالة  و بقلوب مضناة من القهر، دخلناه و على شفاهنا صرخات استغاثة من أولي الحكم و الأمر بالجزائر و الجزائريين، كفانا وعوداً محلّقة في السماء، بينما أفعالكم لا تكاد تحيد قيد أنملة عن أنوفكم، تعدون و تقسمون على البر بوعودكم، و نزرع  تلك الوعود في الحديقة الخلفية لنفوسنا، مع ما سبقها من وعود يائسة بائسة ملأتنا تشاؤماً و يأساً .

إذاً، الواقع في الجزائر و بعد هذا الاستذكار المرير لا يشبه إلا خيبة آمال الجزائريين، بما ستنجزه و تقدمه بلادهم لهم ، و بما ستمنحهم إياه مقابل صبرهم الطويل، و جهادهم الطويل، و استبسالهم الطويل، كم عانى الشعب الجزائري من ويلات، و كم أثبت على مرّ الزمن قدرته و صلابته على تحمّل هذه الويلات و هذه المحن، جاهد استعماراً جبّاراً و محتلّاً طاغياً، أسقاهم من كؤوس العذاب ما ارتوت به أجيال و أجيال بعدهم، وهاهو الآن يعاني الأمرّين، إنما هذه المرة من مستعمر فتّاك، مستعمر من نوع آخر، إنه الاستهانة بمفهوم الحاكم و المحكوم، القائد و التابع، السلطة و الشعب.

فيا أيها الجزائري الحاكم، و يا أيتها السلطة النافذة على الجزائريين و أرضهم، نناشدكم بكل ما هو إنساني، اجعلوا هذا العام بشرى خير على الجميع، سيّما و أننا على أبواب ترشيحات و انتخابات رئاسية، و لنتقدّم جميعاً – حكومة و شعباً – بالجزائر، إلى مصافّ الأمم، و لننافس الدول بالعلم و الحضارة و العروبة و الدين و التآخي فيما بيننا. و لنجعل من الجزائر أرضاً تفوق المدينة الفاضلة الخيالية، و نحياها واقعاً جميلاً كما لو كانت حلماً ورديّاً.

وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا، وما توفيقي إلا بالله

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى